وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حركة مقاطعة اسرائيل تواجه عقوباتٍ وسط قمعٍ متجدد

Israel-past to present-BDS Movement
مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في باريس تدعو إلى مقاطعة إسرائيل والاعتراف بدولة فلسطين. Photo AFP

اجتذبت حركة مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، التي تعتبر شكلاً من أشكال المقاومة غير العنيفة، جدلاً متجدداً في الولايات المتحدة الأمريكية، حليفة اسرائيل القوية وراعيتها، وسط جهودٍ متجددة لمعاقبة مؤيدي الحركة في كلا البلدين.

فقد تأسست حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي أس)، التي أنشئت على غرار مبادراتٍ مماثلة من قِبل حركة مناهضة الفصل العنصري في جنوب افريقيا، عام 2005 بعد دعوةٍ من قبل منظمات المجتمع المدني الفلسطينية. دعت هذه المنظمات إلى مقاطعة إسرائيل إلى أن تنهي احتلالها للضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان؛ ومنح المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل حقوقاً متساوية؛ والسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.

وأشار تقريرٌ صدر في العام 2015 عن مؤسسة الأبحاث والتطوير، المعروفة باسم مؤسسة راند، إلى أن حركة المقاطعة “لم يكن لها حتى الآن أي أثر سلبي كبير على إسرائيل. ومع ذلك، فإن الحركة آخذة في النمو، وبخاصة في أوروبا، أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وقد حذر بعض القادة الإسرائيليين من أن تأثير الحركة يمكن أن يكون له آثار ضارة كبيرة على الرفاه الاقتصادي للإسرائيليين.”

وقدر التقرير أنه على مدى السنوات العشر القادمة، قد تصل خسائر الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي إلى 15 مليار دولار بسبب تكتيكات المقاومة غير العنيفة، وذلك بسبب “انخفاض الاستثمار الدولي والسياحة بسبب عدم الاستقرار المتصور في المنطقة، وتنامي حركة مقاطعة إسرائيل في أوروبا.” كما أشار إلى أن الفلسطينيين سيشهدون خسارة قدرها 2,4 مليار دولار في الفترة نفسها نتيجة “التدمير الاسرائيلي للممتلكات وعمليات الانتقام، مما يزيد من حواجز وتكاليف المعاملات التجارية، ومن انخفاض الدخل بسبب انخفاض عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل.”

وترى اسرائيل ومؤيدوها في الحركة المتنامية تهديداً، ذلك أن العديد منهم ينظرون إليها باعتبارها حركة معادية للسامية وتهدد وجود دولة إسرائيل. أما مؤيدوا الحركة، بمن فيهم بعض الجماعات اليهودية– فيقولون أنها وسيلة غير عنيفة للضغط على اسرائيل للتوصل إلى حلٍ سياسي مع الفلسطينيين.

الاجراءات الدولية

كان الاتحاد الأوروبي قد قرر في عام 2015 بضرورة وصف المنتجات المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية على هذا النحو، إذ ذكر أن تسمية “صنع في إسرائيل” المستخدمة للمنتجات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية من شأنها تضليل المستهلك، وبالتالي تتعارض مع التشريعات القائمة للإتحاد الأوروبي.”

دفع هذا القرار إسرائيل إلى اتهام الاتحاد الأوروبي بدعم حركة المقاطعة، على الرغم من أن القرار يذكر صراحةً أن الاتحاد الأوروبي لا يؤيد أي شكلٍ من أشكال المقاطعة أو العقوبات المفروضة على إسرائيل، وأشار إلى أن تجارة الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل بلغت نحو 30 مليار يورو ( 36 مليار دولار) في عام 2014.

وفي مارس 2016، أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى إنشاء قاعدة بياناتٍ للمؤسسات التجارية العاملة في فلسطين المحتلة كجزء من “بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في الآثار المترتبة للمستوطنات الإسرائيلية على المدن، والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.”

جدلٌ جديدٌ في الولايات المتحدة الأمريكية

وكرد فعلٍ جزئي على قرار الأمم المتحدة، اقترح مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي وأعضاء الكونغرس قانوناً في أوائل عام 2017 يُجرم الشركات الأمريكية التي تشارك في حملة المقاطعة ضد إسرائيل. ويحظر قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل على “أي شخص أمريكي يمارس التجارة بين الولايات أو التجارة الخارجية دعم أي طلب من بلد أجنبي بفرض أي مقاطعة ضد بلدٍ تربطه علاقات ودية بالولايات المتحدة وألا يكون [البلد] مستهدفاً بحد ذاته بأي شكل من أشكال المقاطعة بموجب قوانين الولايات المتحدة أو لوائحها، أو دعم أي مقاطعة ترعاها أو تفرضها أي منظمة حكومية دولية ضد إسرائيل أو أي طلب من أي منظمة حكومية دولية بفرض مثل هذه المقاطعة.”

تصدى المدافعون عن الحريات المدنية للمقترح. وفي يوليو 2017، راسل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونغرس مجادلاً بأن مشروع القانون ينتهك الحق الدستوري في حرية التعبير ذلك أنه “يفرض عقوبات مدنية وجنائية على الأفراد، فحسب، بسبب معتقداتهم السياسية تجاه إسرائيل وسياساتها.”

رد اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ المشاركين فى مشروع القانون فى رسالةٍ بقولهما ان المقترح يهدف الى منع المواطنين الامريكيين او الشركات الامريكية من الإمتثال إلى “مقاطعة خارجية غير مرخصة،” مثل طلب الأمم المتحدة الحصول على معلوماتٍ حول الصفقات التجارية للشركات الامريكية في اسرائيل. وأضافا أن مشروع القانون لن يمنع الشركات أو الأفراد من “التعبير عن وجهات نظرهم، أو تأييدهم لأنشطة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على اسرائيل (بي دي إس)، أو المشاركة في نشاط المقاطعة بأنفسهم أو انتقاد إسرائيل.”

وفي الوقت نفسه، في ولاية إلينوي، أقصى مرشحٌ لمنصب حاكم الولاية زميله المرشح من السباق بعد احتجاجه على دعمه لحركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس). فقد تمكن دانيال بيس من إقصاء كارلوس راميرز روسا بعد تصريحاتٍ أدلى بها الأخير حول اسرائيل، إذ قال ان الحكومة الأمريكية “دعمت قمع الشعب الفلسطيني،” وأن سحب الاستثمارات من اسرائيل “حوارٌ يجب خوضه.”

وقال بيس، الذي نجى أجداده من المحرقه ووالدته اسرائيلية، انه يعتبر القضايا المتعلقة باسرائيل “شخصية للغاية” وبأن حركة مقاطعة إسرائيل “تنأى بنا بعيداً عن التوصل إلى حلٍ سلمي” للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

استهداف جماعة حقوق الإنسان

وفي الوقت نفسه، وردت تقارير تُفيد بخططٍ إسرائيلية لمعاقبة منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان لشنها مؤخراً حملةً تُشجع مؤيديها على الدعوة إلى مقاطعة منتجات المستوطنات.
وذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية أنه بموجب قانونٍ مثيرٍ للجدل ضد المقاطعة صدر فى عام 2011، سيلغي وزير المالية الاسرائيلي موشيه كاهلون وضع المنظمة المعفى من الضرائب فى اسرائيل، الذي اكتسبته في أكتوبر 2016 فحسب. ومع ذلك، لن تؤثر هذه الخطوة تأثيراً كبيراً على الموارد المالية لمنظمة العفو الدولية، إذ أنها لا تتلقى سوى تمويلاً قليلا نسبياً من المانحين الإسرائيليين، إلا أن ممثلي منظمة العفو الدولية وأنصارها انتقدوا ذلك بوصفه محاولةً لثني الأصوات المعارضة.

وفي ردها على وسائل الإعلام الاسرائيلية، قالت ماجدالينا مغربي، نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية “إن اتخاذ إجراءات عقابية ضد منظمة العفو الدولية بسبب حملتها بشأن المستوطنات سيشكل اعتداء سافراً من جانب السلطات الإسرائيلية على العمل المشروع للمنظمة من أجل حقوق الإنسان. ومن شأنه أن يشكل إجراء إضافياً أخيراً من جانب السلطات لإسكات منظمات حقوق الإنسان ونشطائها عن انتقاد الحكومة الإسرائيلية، والدعوة إلى محاسبتها”.

تصدع المقاطعة العربية

حافظت الجامعة العربية على مقاطعة رسمية لإسرائيل منذ عام 1948. وعلى الرغم من أن الدول الأعضاء التزمت بها بشكلٍ متقطع، إلا أن صدمةً هزت العالم العربي مؤخراً عندما ندد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بالمقاطعة وقال انه على استعدادٍ للسماح لمواطني بلاده بزيارة إسرائيل. وقد نشرت هذه التصريحات بعد زيارةٍ قام بها الملك مؤخراً الى لوس أنجيلوس حيث حضر فعالية في مركز سيمون فيزنتال، وهي منظمة يهودية لحقوق الانسان، وزار متحف التسامح المؤيد لاسرائيل.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles