وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

لبنان نحو تشريع الحشيش لأغراضٍ طبية

Lebanon- cannabis Lebanon
عمال يزرعون الحشيش في إحدى المزارع في قرية يمّونه في سهل البقاع الشرقي في لبنان في 23 يوليو 2018. توجد حقول الحشيش المزروعة تحت أشعة الشمس على مد البصر، بعيداً عن أنظار نقطة تفتيشٍ قريبة للجيش. يعتبر إنتاج الحشيش مربح في لبنان، إلا أن المزارعين يخشون من أن استخدامها لأغراض طبية قد يحدّ من الأرباح. Photo AFP

أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، في 18 يوليو 2018 أن الحكومة تدرس مشروع قانونٍ لتشريع زراعة الحشيش للأغراضٍ طبية.

لا يشتهر لبنان بتنوعه الغذائي والطبيعي فحسب، بل يشتهر أيضاً بالحشيش عالي الجودة الذي يزرع في الأراضي الزراعية في سهل البقاع على الحدود السورية. وعلى الرغم من حظر إنتاج الحشيش منذ عام 1926 خلال الانتداب الفرنسي وزراعته منذ عام 1992، دفع الفقر بالعديد من المزارعين إلى زراعة الحشيش مرةً أخرى منذ عام 2001، تحت حماية الجماعة المسلحة الشيعية والحزب السياسي حزب الله، الذي يتمركز في المنطقة.

ومع ذلك، لم يعلق حزب الله بعد على التشريع المحتمل، إلا أن هذا قد يؤثر على تجنيد الحزب للشباب في مناطق الزراعة، كما أشارت صحيفة كريسشان ساينس مونيتور في مقالٍ نشر في أغسطس 2018: “بالنظر إلى مستوى سخط القبائل الشيعية تجاه حزب الله، يمكن أن يكون إضفاء الشرعية على زراعة الحشيش بمثابة إغراءٍ لأعضاء حزب الله بالانسحاب من الحزب وتوليد دخلٍ عن طريق زراعة الحشيش.”

كما يمكن لهذا القرار التأثير على الاقتصاد اللبناني بشكلٍ أوسع، حيث صنّف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لبنان في تقريره لعام 2018 باعتباره المصدر الرئيسي الثالث لتجارة القنب ، خلف المغرب وأفغانستان.

من جهته، قال أنطوان حبشي، النائب في البرلمان اللبناني عن القوات اللبنانية من وادي البقاع الذي قدم القانون المقترح: “نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة للتأكد من أن المزارعين يجنون المال من إنتاج الحشيش بطريقة قانونية. في الوقت الحالي، التجار فقط من يستفيدون من الحماية السياسية، هم المستفيدون.” ومن الجدير بالذكر، أن دائرة المخدرات في وزارة الصحة ستشرف على هذه التجارة، التي ستوزع تراخيص معتمدة من الحكومة للشركات الخاصة التي بدورها ستقوم بشراء الحشيش بشكلٍ مباشر من المزارعين.

يمكن أن يوفر الاقتراح شريان حياةٍ للمزارعين الفقراء، فوفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، إن أكثر من 20% من أرباب الأسر المشتغلين بالزراعة معرضون بدرجة عالية للخطر. وتشكل المزارعات حوالي 9% من مجموع المزارعين. ومن المرجح أن تكون النساء، اللاتي يشاركن بشكلٍ رئيسي في إنتاج منتجات الألبان والأطعمة المحفوظة وزراعة الكفاف، أكثر فقراً من نظرائهن من الذكور. وقبل اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، كان معدل النمو الاقتصادي في لبنان حوالي 10%، ومع ذلك، فمن المتوقع أن تصل النسبة إلى أقل من 2% في عام 2018، مع عجزٍ مالي يتراوح بين 7-10%. كما تزيد نسبة البطالة عن 30%، وارتفع الفقر أكثر من الثلثين منذ عام 2011، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

فقد جاء قرار البرلمان للنظر في إضفاء الشرعية على الحشيش بعد أن أن كلّف شركة الاستشارات الإدارية العالمية، ماكينزي للاستشارات، بإعداد دراسةٍ شاملة لمدة ستة أشهر في يناير 2018 لإعادة هيكلة اقتصادٍ يعتمد بشكلٍ مفرط على التحويلات المالية والمصرفية، ويعاني من ارتفاع معدلات البطالة. رفعت الشركة تقريراً إلى الحكومة غطى عدداً من المبادرات الاقتصادية، بما في ذلك تشريع الحشيش، وتعزيز السياحة، وإنشاء مركز مصرفي والاستثمار في إنتاج الأفوكادو. إلا أن اقتراح تشريع زراعة الحشيش ما جذب أكبر قدرٍ من الاهتمام.

فقد قال وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، رائد خوري، لوكالة أنباء بلومبيرغ إن “نوعية [الحشيش] الذي نملكه هو أحد أفضل الأنواع في العالم،” مضيفًا أن هذه الصناعة قد تجلب مليار دولار للبنان. وقال متحدثٌ باسم ماكينزي للاستشارات لبيزنس إنسايدر إن الحكومة اللبنانية طلبت من شركة ماكينزي تقييم تأثير تشريع الحشيش كجزءٍ من مجموعة تضم أكثر من 150 مبادرة لتعزيز اقتصاد البلاد، إلا أنها لم توصي صراحةً بإضفاء الشرعية على الحشيش لأغراض طبية.

وقد أثبت تشريع الحشيش نجاحه في بلدانٍ أخرى، مثل إيطاليا، التي شرّعت زراعة القنب لأغراض غير صيدلانية في عام 2016. ويسمح القانون بزراعة القنب لاستخداماتٍ غير صيدلانية للنباتات التي لا تتجاوز فيها نسبة مركب رباعي هيدرو كانابينول (TCH)، ذو التأثير النفسي، الـ0,2%. واستفاد الإيطاليون من التغيير في القانون ليس فقط لإنتاج جبن ريكوتا القنب والطوب الصديق للبيئة، بل أيضاً إنتاج المعكرونة والبسكويت المصنوع من القنب، مما أعاد تنشيط اقتصاد البلاد.

كما يمكن أن يكون لتشريع الحشيش لأغراض طبية تأثيرٌ حقيقي في لبنان، ليس فقط من الناحية الاقتصادية ولكن أيضاً على الصحة. فقد حصلت الجامعة اللبنانية الأمريكية (LAU) على ترخيصٍ من قبل وزارة الصحة لدراسة الآثار الطبية للحشيش، والتي تأمل الجامعة أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إنشاء مركز الدراسة الطبية للقنب داخل منشآتها. يوجد حالياً عشرة مراكز أبحاث للدراسة الطبية للقنب في العالم، وسيكون مركز الجامعة اللبنانية الأمريكية الأول في الشرق الأوسط.

إلا أن الخصائص الطبية للحشيش اللبناني تتحدث عن نفسها بالفعل، وذلك بحسب الدكتور المختص بعلم الأدوية والعقاقير في الجامعة اللبنانية الأمريكية، محمد مروة، الذي قال لصحيفة الديلي ستار، “أنتم تعرفون ما يُقال عنه، أنه ذو جودة عالية جداً. لدينا أكثر من نوع- انديكا وساتيفا والهجين- ونحن نعتقد أن الهجين على وجه الخصوص، مميز جداً: له تركيبة طبية استثنائية تختلف عن أي نبات آخر.”

وفي مقابلةٍ مع فَنَك، أضاف مروة: “لدينا الآن عينات قانونية حولناها إلى زيت من أجل اختبارها على الخلايا السرطانية. اختبرناه أيضاً على خلايا سرطان الدم (اللوكيميا) إذ أن له خصائص مضادة للالتهابات تشبه الكورتيزون تقريباً. ما نحتاجه الآن هو إجراء تجارب ما قبل سريرية لمعرفة ما هي الجرعات الضرورية.”

وبالنسبة لمروة، من الواضح أننا “بحاجة إلى استغلال هذا النبات في الطب.” واليوم، ينتظر موافقة الحكومة للمضي قدماً في اختباراته. ومع ذلك، هناك أمرٌ واحدٌ أكيد: تُشير جميع المؤشرات إلى دوافع ايجابية للاستخدام القانوني للحشيش لأغراض طبية في لبنان.