وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

هل تصبح المغرب دولة عظمى في مجال الطاقة الشمسية؟

محطة الطاقة الشمسية نور المغرب
محطة الطاقة الشمسية المتعددة الجديدة “نور،” التي ستزوّد 1,1 مليون مغربي بالكهرباء بحلول عام 2018 كما هو مقرر.

المغرب، المُباركة بـ3,000 ساعة من أشعة الشمس سنوياً، تتباهى بامتلاكها أحد أعلى معدلات التشميس في العالم، وبالتالي، فإنّ البلاد جادة في استغلال هذه النعمة على أكمل وجه. وتعدّ المنشأة، التي تم تشييدها في محافظة ورزازات في الصحراء المغربية، ما يُمكن اعتباره أضخم محطة متعددة في العالم للطاقة الشمسية المركزة، باسم “نور.” ومن المتوقع أن تزوّد المحطة 1,1 مليون مغربي بالكهرباء بحلول عام 2018، وذلك وفقاً للبنك الدولي. المشروع الضخم، الذي ترأس الملك محمد السادس حفل إعطاء انطلاقة أشغال بناءه، والممول بشكل رئيسي من قِبل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الافريقي للتنمية، يتضمن بناء خمس محطات للطاقة الشمسية بحلول عام 2019، وسيّكلف 9 مليار دولار. يقود المشروع اتحاد بين القطاعين العام والخاص المغربي، ووكالة الطاقة الشمسية (MASEN)، والذي بدأ بالفعل بدفع المغرب لتصدر قائمة البلدان المنتجة للطاقة الشمسية.

ووفقاً للبنك الدولي، الذي شارك في رعاية المشروع، “سيساهم “نور” في تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتجنب انبعاث 240,000 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً على مدى 25 عاماً.” ووفقاً لحكيمة الحيطي الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، ستوّلد المحطة الكهرباء المتجددة التي من شأنها توفير احتياجات نصف السكان المغاربة بحلول عام 2020، مما يشكل ثلث إمدادات الطاقة المتجددة في البلاد بحلول ذلك التاريخ، في حين تشكل طاقة الرياح والطاقة المائية الثُلث الآخر.

وتعتبر هذه مبادرة طيبة في بلد لا يوجد فيه نفط ويستورد حوالي 97% من احتياجات الطاقة، تماماً كما هو الحال عام 2013. “نحن لسنا دولة مُنتجة للنفط. نستورد 94% من الطاقة على شكل وقود أحفوري من الخارج ولهذا الأمر عواقب كبيرة على ميزانيتنا كدولة،” وفقاً لتصريحات وزير البيئة المغربي لصحيفة الجارديان.

سيساعد مشروع الطاقة الشمسية في المغرب البلاد على تقليل الاعتماد على الطاقة الحالية، وسيعزز قدرة الطاقة الشمسية في المغرب، حيث أن الطلب على الطاقة الكهربائية ينمو بمعدل سنوي من ستة إلى ثمانية في المائة. وعن طريق تصدير فائض الطاقة، ستزيد المحطة عائدات التصدير في البلاد. وحتى الآن، يعتمد المغرب اعتماداً كبيراً على الوقود الأحفوري المستورد، الذي يوفر أكثر من 97% من احتياجاتها للطاقة. ستجعل محطة الطاقة الشمسية هذه البلاد أقل عُرضة لتقلبات أسعار الطاقة العالمية.

تأتي الزيادة في الطلب على الطاقة الشمسية نتيجة القلق المتزايد للحفاظ على البيئة وتقلّب أسعار النفط. سيوفر مشروع الطاقة الشمسية 18% من توليد الطاقة الكهربائية سنوياً في المغرب، وسيمنح هذا المغرب الأسبقية في الوقت الذي بدأت فيه القوى الإقليمية الأخرى التفكير بشكل أكثر جديّة بشأن برامجها للطاقة المتجددة.

المشروع المغربي الجديد غاية في الأهمية لسببين آخرين: سيقلل من تغيّر المناخ، وسيساعد في تقليل الفجوة المتنامية بين المناطق الحضرية والريفية. وباعتبارها محطة للطاقة النظيفة، ينبغي أن تخفضّ انبعاثات الكربون بنسبة 700,000 طن سنوياً. سيستخدم المشروع المغربي تكنولوجيا متطورة تسمى “الطاقة الشمسية المركزة (CSP).” على الرغم من أنها أكثر تكلفة من الألواح الشمسية المستخدمة على نطاقٍ واسع، إلا أنها تتمتع بالقدرة على توريد الطاقة حتى في الأيام الغائمة وأثناء الليل. وباستخدام هذه التكنولوجيا، يتم تركيز أشعة الشمس باستخدام المرايا وتسخين المواد الممزوجة بالماء لتصل درجة حرارة تقارب الـ400 درجة مئوية. يُنتج هذا البخار، الذي يحرك توربينات توليد الطاقة الكهربائية.

سيكون للمشروع الجديد أثر إيجابي على حياة المغاربة، وبخاصة سكان المناطق الريفية، التي لا تزال العديد منها تفتقر للكهرباء. وفي المناطق الريفية حيث يتم توفير الكهرباء، غالباً ما يكون التيار الكهربائي غير منتظم ولا يمكن الاعتماد عليه، مما يخلق عقبات يومية لعشرات الآلاف من الناس، بدءاً من الترميش الضوئي، وصولاً إلى عطب معدات المستشفيات.

ستتم معالجة النقص الحاد في الطاقة الكهربائية في المناطق الريفية في المغرب بنجاح بما يكفي من الطاقة النظيفة المتنوعة التي من المتوقع توفيرها بحلول عام 2020 (42%). ومن خلال معالجة الاحتياجات الوطنية، وخاصة في المناطق الريفية الأكثر فقراً، سيساعد مشروع الطاقة الشمسية المغربي الجديد على تطوير الصناعة المحلية، وخلق فرص العمل، وتعزيز البحوث في هذا المجال.

فعلى مدى عقود، عانت المناطق الريفية في المغرب من الجفاف المتعاقب الذي أدى إلى الفقر والهجرة إلى المناطق الحضرية بحثاً عن فرص عمل. ومن المتوقع أن يحسّن برنامج الطاقة الشمسية هذا الوضع، مما سيساعد على تقليل الفجوة الهائلة بين المناطق الحضرية والريفية في المغرب.

ومع ذلك، ومن أجل تحقيق هذه التوقعات على أرض الواقع، تبرز الحاجة إلى التزام جاد من الحكومة، والإرادة السياسية المستمرة من صناع القرار، والتنسيق الفعال بين جميع أصحاب المصلحة من أجل بناء الأساس المؤسسي الذي يعتمد عليه المشروع.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles