وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

السعودية تكثف جهودها لتصبح مركزاً إقليمياً بدل الإمارات وقطر

السعودية مركزاً إقليمياً
رجل يجلس في طائرة يشاهد منظرًا جويًا لمنشآت صناعية نفطية في مدينة الجبيل الصناعية ، على بعد حوالي 95 كيلومترًا شمال الدمام في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية المطلة على الخليج في 11 ديسمبر 2019. (Photo by GIUSEPPE CACACE / AFP)

جيمس دورسي

الدكتور جيمس دورسي صحفي حائز على جوائز وزميل بكلية راجاراتنام للدراسات الدولية بجامعة نانيانغ التقنية بسنغافورة ومعهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة القومية.

كثفت المملكة العربية السعودية جهودها لتخطي الإمارات العربية المتحدة وقطر كي تصبح المركز التجاري والثقافي والجيوستراتيجي في الخليج.

وسّعت المملكة مؤخراً محيط تحدياتها ليشمل دول الخليج الصغيرة بسعيها إلى أن تكون الوجهة الرياضية الأولى في المنطقة بمجرد أن تنتهي قطر من موعدها مع القمة في كأس العالم 2022 وكذلك بتأمين حصة لها في إدارة الموانئ والمعابر الإقليمية التي تهيمن عليها الآن الإمارات وتليها قطر بدرجة أقل.

وبدأت السعودية جهودها لتثبيت مركزها الإقليمي العملاق بإعلانها في فبراير الماضي أنها ستتوقف عن القيام بالأعمال التجارية بحلول عام 2024 مع الشركات الدولية التي لا يقع مقرها الإقليمي في المملكة.
وتحتل السعودية المركز 62 في مؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال بينما تقع الإمارات في المركز 16، فلطالما كانت دبي المتحررة المقر الإقليمي المفضل للأعمال التجارية الدولية

وتحتل السعودية المركز 62 في مؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال بينما تقع الإمارات في المركز 16، فلطالما كانت دبي المتحررة المقر الإقليمي المفضل للأعمال التجارية الدولية

كما أن السعودية وصلت متأخرة إلى لعبة إدارة الموانئ التي تهيمن عليها هيئة موانئ دبي العالمية وتدير 82 معبراً بحرياً وبرياً في أكثر من 40 دولة كجيبوتي والصومال والسعودية ومصر وتركيا وقبرص، ولا يبدو أن توسع المملكة في إدارة الموانئ والمعابر تدفعه اعتبارات جيوستراتيجية في المقام الأول.

بل قالت شركة محطة بوابة البحر الأحمر السعودية، بدعم من صندوق الاستثمارات العامة السيادي، إنها تستهدف الموانئ التي تخدم واردات السعودية الحيوية مثل تلك المتعلقة بالأمن الغذائي.

واشترى كل من صندوق الاستثمارات العامة وشركة موانئ الشحن الصينية كوسكو 20% من حصة محطة بوابة البحر الأحمر في يناير الماضي.

وتتناسب الاستثمارات الصينية مع استراتيجية الحزام والطريق الكبرى التي تتضمن الاستحواذ إقليمياً على حصص في موانئ ومعابر في  السعودية والسودان وعُمان وجيبوتي حيث توجد قاعدة عسكرية صينية.

وتتناسب الاستثمارات الصينية مع استراتيجية الحزام والطريق الكبرى التي تتضمن الاستحواذ إقليمياً على حصص في موانئ ومعابر في  السعودية والسودان وعُمان وجيبوتي حيث توجد قاعدة عسكرية صينية.

وأضاف: “نركز على موانئ في السودان ومصر. لم يقع عليهما الاختيار لهذا السبب، ولكن لكونهما دولتين مهمتين لاستراتيجية الأمن الغذائي السعودية”.

كما يخدم تركيز السعودية المتزايد على الرياضة، بما في ذلك عرضاً محتملاً لاستضافة كأس العالم 2030، عدة أهداف. فهو يوفر للشباب السعودي الذي يمثّل نصف السكان فرصة للاستمتاع والترفيه، ويدعم تطوير ولي العهد محمد بن سلمان المستمر لصناعة الترفيه والذي قد يسمح للسعودية بتحسين صورتها التي شوهتها انتهاكات حقوق الإنسان، التي تتضمن قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018، بالإضافة إلى تحدي موقع قطر باعتبارها واجهة الرياضة في الشرق الأوسط.

وقد صدر مؤخراً تقرير عن مجموعة جرانت ليبرتي لحقوق الإنسان في لندن والتي  تركز على السعودية والصين، قدّر الاستثمارات السعودية في استضافة الأحداث الرياضية حتى الآن بنحو 1.5 مليار دولار، بما في ذلك مباراتي السوبر الإسباني والإيطالي لكرة القدم وسباقات الفورمولا 1 ومباريات الملاكمة والمصارعة والسنوكر وبطولات الغولف. لكن ما تزال قطر حتى الآن رائدة استضافة الأحداث الرياضية في الشرق الأوسط تليها الإمارات.

وقالت جرانت ليبرتي إن عطاءات رياضية أخرى بلغت قيمتها 800 مليون دولار قد فشلت. وهذا لا يتضمن عرضاً فاشلاً بـ 600 مليون دولار لاستبدال شبكة قنوات بي إن الرياضية القطرية لبث مباريات دوري الأبطال الأوروبي حصرياً في الشرق الأوسط.

وما تزال السعودية  تحظر بث قنوات بي إن في المملكة رغم رفع المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية لقطر في يناير الماضي بعدما استمرت 3 سنوات ونصف.

ويقول فهد الناظر، المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن، إن خطة رؤية 2030 للأمير محمد بن سلمان التي تستهدف تنويع الاقتصاد السعودي وترشيده وتقليل اعتماده على صادرات النفط “قد جعلت تكوين صناعة رياضية ورياضيين محترفين أحد أهدافها… والمملكة فخورة بدعم واستضافة مختلف الأحداث الرياضية التي لا تكتفي بتعريف السعوديين إلى الرياضات الجديدة والرياضيين المشهورين عالمياً، بل تظهر للعالم كذلك معالم المملكة وطابع شعبها المضياف”.

ويأتي التركيز المتزايد على الرياضة في وقت يبدو أن المملكة تتراجع فيه عن نيتها تقليل مركزية صادرات الطاقة بالنسبة لاقتصادها.

فقد سخر الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة وشقيق الأمير محمد بن سلمان، مؤخراً من تقرير للوكالة الدولية للطاقة ذُكر فيه أنه “لا داعي للاستثمار في إمدادات وقود أحفوري جديدة”، الأمر الذي وصفه الأمير بأنه “كأنه تكملة لفيلم لا لا لاند” وتساءل “لماذا علي أن آخذ هذا التقرير على محمل الجد؟”

وتعتزم المملكة، تحقيقاً لما صرّحت به، رفع سعتها الإنتاجية من النفط من 12 مليون برميل يومياً إلى 13 مليون، على افتراض أن الجهود الدولية لاستبدال الوقود الأحفوري بمصادر طاقة أنظف سيؤدي إلى انخفاض حاد في الإنتاج الأمريكي والروسي.

والافتراض العملي للمملكة هو أن الطلب في آسيا على الوقود الأحفوري سيستمر في الارتفاع حتى وإن تراجع في الغرب. وهي نفس الاستراتيجية التي يتبعها المنتجين الخليجيين الآخرين، بما فيهم الإمارات وقطر.

وذكر الأمير عبد العزيز: “لم تعد السعودية دولة نفطية، بل دولة منتجة للطاقة… دولة طاقة تنافسية تماماً. نحن ننتج النفط والغاز ومصادر الطاقة المتجددة بتكلفة منخفضة وبالتأكيد سننتج الهيدروجين بأقل تكلفة”.

ويبدو أنه يشير إلى أن تمسّك المملكة بالنفط ليس إلا جزءاً من استراتيجية تهدف إلى تأمين وجود السعودية فاعلاً في جميع نواحي الطاقة التقليدية وغير التقليدية. وهو يقول ضمنياً إن التنويع أقرب إلى توسيع عرض المملكة للطاقة منه إلى تقليل اعتمادها على صادراتها النفطية.

وبحسب محلل سعودي فإن “الرياضة والترفيه والسياحة والتعدين إضافة إلى صناعات أخرى في رؤية 2030 هي توسعات قيّمة للاقتصاد السعودي تخدم أهدافاً اقتصادية وغير اقتصادية متعددة. ومع ذلك، أصبح من الواضح أن الطاقة تظل هي الأهم”.

 

ملاحظة

الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن آراء الكاتب (الكتّاب)، وليس المقصود منها التعبير عن آراء أو وجهات نظر فَنَك أو مجلس تحريرها.

ملاحظة

تم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع https://mideastsoccer.blogspot.com/ في 13 يونيو 2021