وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

بعد عامٍ واحد، المشاكل تواجه رؤية السعودية 2030

بعد عام من إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن خطته الاقتصادية الجديدة، رؤية السعودية 2030، لا يبدو أن الوضع يتجه نحو الأفضل، فضلاً عن ظهور أولى الدلائل على أن هذه الخطة ستفشل في نهاية المطاف.

يتمثل الهدف الرئيسي للخطة بالحدّ من اعتماد المملكة العربية السعودية على النفط من خلال إدخال محفظة اقتصادية أكثر تنوعاً. انطوى هذا على زيادة حصة المملكة من الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، فضلاً عن إضفاء الطابع المحلي على قطاعات الطاقة المتجددة والمعدات الصناعية، وتعزيز السياحة وتنمية القطاع الخاص.

ومع استمرار انخفاض أسعار النفط، أصبح تنفيذ الخطة ذو أهميةٍ متزايدة. فقد سجل موقع Trading Economics انخفاضاً كبيراً في الناتج المحلي الإجمالي السعودي من 753,83 دولار في عام 2014 إلى 646 دولار في عام 2015. وفي عام 2014، وفقا لموقع Statistica، بلغ متوسط معدل التضخم المقدر ما نسبته 2,69% مقارنةً بالعام السابق. ومن المتوقع أن يرتفع إلى 4,7% في عام 2018، ليشهد ثباتاً عند حوالي 2% حتى عام 2020.

بدت الخطة واعدة على الورق، إلا أن تحقيقها على أرض الواقع مكلف. وبناءً على ذلك، اتخذت عدة تدابير لتمويل الرؤية، بما في ذلك زيادة الضرائب المفروضة على السلع المستوردة، وارتفاع أسعار الغاز والمياه والكهرباء، وتخفيض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، فضلاً عن مختلف الدعم المالي مثل المنح الدراسية والقروض المنزلية دون فوائد.

ومع ذلك، حذر الدكتور علي اليامي، مدير مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية، من أن الخطة ستفشل إذا لم تغير الأسرة الحاكمة أسلوب حياتها. “تمكنت الحكومة السعودية من البقاء في السلطة من خلال رشوة شعبها والمجتمع الدولي من خلال المساعدة والعقود، ولكن اليوم، أسلوب الحياة المسرف هذا هو ما يسحق الناس. ولا أعتقد أن ذلك سيؤدي الى أي رد فعلٍ من الشعب، ذلك أنهم لا يزالون بحاجة الى الغذاء المستورد من الخارج.”

وقال جاكوب فونك كيركيجارد، وهو زميلٌ بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أنه لم يلاحظ بعد تأثير هذه التدابير على الاقتصاد السعودي. وقال لـFanack “في الواقع، إن أكبر تغييرٍ في السياسة أجراه السعوديون يتناقض مع الخطة.” وأضاف “وافقوا على السيطرة على سعر النفط عن طريق وقف إنتاجه، كما فعلوا في عام 2014، مما يشير إلى أن شيئاً لم يتغير. يسلط هذا الضوء على حقيقة أنهم لم يتمكنوا من الحصول على ما يكفي من المال للحفاظ على النموذج الاقتصادي الحالي، حتى من خلال خفض الميزانية.”

وأضاف أيضاً “للخطة عدة عناصر رئيسية، يتعلق أحدها بالنفط، وهو عنصر أثبت فشله اليوم، ولكن الأمر يحتاج لبعض الوقت. وثمة عامل آخر هو زيادة فرص العمل في القطاع الخاص، سيما للمواطنين السعوديين، إلا أن شيئاً لم يتغير حقاً. فهم لم يفصلوا العاملين في القطاع العام، حسب ما أرى، كما لم یخفضوا بشکلٍ کبیر من العمالة الوافدة [یُقدر أن 9 ملایین عامل أجنبي ومھاجر یعیشون في المملکة العربیة السعودیة، أي ما یقرب من ثلث السکان البالغ عددھم 31 ملیون نسمة]. وما لم يفعلوا ذلك، فإن التحول نحو توظيف السعوديين في القطاع الخاص سيفشل. المسألة الثالثة هي أن الحكومة تريد بيع الكثير من الأصول، وأكبرها شركة أرامكو [شركة النفط الوطنية]. ولكن هنا تكمن المشكلة: ترتبط قيمة أرامكو بسعر النفط والكميات المنتجة. وتقدر الحكومة ذلك بنحو 2 تريليون دولار، ولكن من المشكوك فيه جداً ما إذا كان المستثمرون من القطاع الخاص سيدفعون ذلك المبلغ الكبير، ولا أعتقد أن أسعار النفط سترتفع في أي وقتٍ قريب.”

كما أن الحرب الجارية في اليمن تفرض نفقاتٍ كبيرة أخرى على ميزانية المملكة العربية السعودية. وبالإضافة إلى ذلك، ارتفعت نسب البطالة إلى 5,7% في الربع الثالث من عام 2016، من 5,60% في الربع السابق، وفقاً لموقع Trading Economics. وعلى الرغم من أن هذه أقل من أعلى نسبة للبطالة، البالغة 6%، التي وصلت إليها البلاد في عام 2014، إلا أن معدل يوليو 2016 البالغ 5,7% ليس بعيداً.

كما أن تركيز الخطة على الابتكار الخاص وريادة الأعمال من المشاكل أيضاً. ويقول الخبير في هذا الشأن “لتحقيق هذا، يجب أن تمتلك قاعدة من الحرية الاجتماعية والاقتصادية. هناك على سبيل المثال قضية المرأة، التي لا تستطيع الوصول إلى بعض أجزاء القوة العاملة. بالإضافة إلى ذلك، إذا ما كانت المرأة ممنوعة من قيادة السيارة، كيف سيتمكنّ من الذهاب إلى العمل؟”

وفي عام 2012، أصدرت لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD DAC) تقريراً عن المساواة بين الجنسين، جاء فيه أن “تمكين المرأة اقتصادياً شرط أساسي للتنمية المستدامة والنمو الذي يراعي مصالح الفقراء.” وفي عام 2013، كانت ما نسبة 34% من النساء السعوديات عاطلاتٍ عن العمل، حسب مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية.

وهناك أيضاً مسألة السياحة، وهي واحدة من أدوات التنمية الهامة لاقتصاد أي بلد. وقال الخبير إن “الشيء الوحيد الذي يعتزمون القيام به هو زيادة عدد الحجاج، وبناء متحف للفنون الإسلامية، الأمر الذي لن يخلق العديد من الوظائف.” وأضاف “يريدون أيضاً أن ينافسوا دبي في تطوير مركزٍ لوجستي كبير، وهي خطوة ذكية، ولكن الفرق الكبير هو أنه يمكنك شراء الجعة في دبي. أعني، الأمر واضح وضوح الشمس.” فقد شكلت السياحة والسفر 2,5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، وقدرت بنحو 4,4% في عام 2016.

وفقاً للعديد من المراقبين، فإن أهداف الخطة، حتى وإن كانت إيجابيةً بالنسبة للمملكة العربية السعودية على المدى الطويل، لا تتفق مع السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلد. ووفقاً لكيركجارد “في الأساس، يمكن أن ينهار النظام من خلال تنفيذ خطتهم، ولكن قد ينهار أيضاً في حال عدم تنفيذها.” وأضاف “يعانون من مشاكل هيكلية عميقة، دون الأخذ بعين الاعتبار الضغوط الجيوسياسية التي يواجهونها مع استمرار مشاركتهم في الحروب في سوريا واليمن.”