من المقرر الانتهاء من إنشاء أكبر مجمع محطات للطاقة الشمسية في العالم بحلول نهاية عام 2019. يقع المجمع بالقرب من قرية بنبان في محافظة أسوان في صعيد مصر، وتبلغ طاقته الإجمالية المخطط لها حوالي 1,46 جيجاواط ويتكون من 32 محطة أصغر لإنتاج الكهرباء، والتي تعمل غالبيتها بالفعل.
ففي أغسطس، أصبحت المحطات الثلاث الأخيرة، التي طورتها شركة السويدي الكتريك المصرية وشركة سكاتك سولار النرويجية والتي تبلغ الطاقة الإنتاجية لكلٍ منها 65 ميجاواط، تعمل بالكامل. وفي يونيو، بدأت المحطات الثلاثة التي طورتها الشركة الألمانية أي بي فوغت العمل. ومن بين المطورين الآخرين الذين لديهم مشاريع في بنبان شركة أكوا باور (المملكة العربية السعودية) والكازار للطاقة (الإمارات العربية المتحدة).
يعد مجمع بنبان للطاقة الشمسية مشروعاً رئيسياً لمصر وغالباً ما يتم ذكره إلى جانب المشروعات الكبرى مثل العاصمة الجديدة، وتفريعة قناة السويس، ومشروع الاستصلاح الزراعي لـ1,5 مليون فدان. فقد تم إصدار عملات خاصة بالجنيه المصري تعرض تسعة من هذه المشاريع، بما فيها مشروع بنبان.
فقد جاء تمويل محطات بنبان من المُقرضين الدوليين الكبار، من بينهم مؤسسة التمويل الدولية، والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، والبنك الأفريقي للتنمية، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية الهولندي.
فقد حددت الحكومة هدفاً بتوليد 20% من الكهرباء من المصادر المتجددة بحلول عام 2022، بما يتماشى مع اتفاقية باريس لعام 2016، والتي وقعت مصر عليها.
بعد الانتهاء من مجمع بنبان، سيكون ما نسبته حوالي 11% من طاقة توليد الكهرباء في مصر من مصادر متجددة، وفقاً لأرقام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
ومع أكثر من 4000 ساعة من أشعة الشمس في السنة والصحاري الجرداء الشاسعة، فإن عدداً قليلاً من الدول لديها إمكانيات أفضل في مجال الطاقة الشمسية من مصر. وعلاوةً على ذلك، فإن الطلب مرتفع. والجدير بالذكر أن البلاد واجهت انقطاعاً منتظماً في الكهرباء بسبب انقطاع الكهرباء منذ عام 2016.
ومع ذلك، لم يكن استكمال مجمع بنبان دون عقبات، فقد انهار مخططٌ تعريفي كبير للطاقة الشمسية، والذي ينطوي على سعرٍ ثابت ستدفعه الحكومة مقابل الكهرباء، عندما أدخلت الحكومة بنداً جديداً في اتفاقية شراء الطاقة للمخطط، مصرة على التحكيم المحلي فقط في حالة حدوث نزاعات. وعليه، انسحب المقرضون الدوليون، مما أجبر معظم الشركات على الانسحاب.
يبدو أن هذا البند جاء استجابةً لإعادة تفكير الحكومة في التعريفة المرتفعة التشجيعية التي قدمتها، خاصة وأن النقص المباشر في الطاقة قد تم حله من خلال ثلاث محطات جديدة تعمل بالغاز والتي أنشأتها شركة سيمنز. فقد تم تنفيذ مشروعين فقط من بين ما يقرب من 40 مشروعاً، أحدهما من قِبل شركة أنفنتي سولار المصرية وواحد من قِبل شركة فاس للطاقة السعودية.
وبموجب خطة التعريفة التشجيعية في الجولة الثانية، تم الإعلان عن 30 مشروعاً في بنبان، وفي عام 2018، بدأ تشغيل أول المشاريع.
يعتبر مشروع بنبان أول مجمع للطاقة الشمسية على نطاقٍ واسع في مصر، مما يزيد من قدرة توليد الطاقة الشمسية الحالية إلى عشرة أضعافٍ تقريباً. وبصرف النظر عن مشاريع الطاقة الشمسية الصغيرة غير المتصلة بالشبكة، تعتمد طاقة مصر المتجددة على الطاقة الكهرومائية، ولا سيما من سد أسوان العالي (2,1 جيجاواط)، وبعض مزارع الرياح.
وبالإضافة إلى تأمين إمدادات الطاقة الخاصة بها، تهدف مصر إلى أن تصبح مُصدّراً رئيسياً للكهرباء في المنطقة. وبالفعل، يوجد وصل للشبكات الصغيرة مع ليبيا والأردن، وهناك شبكة وصل مع السودان قيد الإنشاء. كما كان من المقرر أن يبدأ الوصل مع السودان هذا العام، لكن تم تأجيله مراراً وتكراراً بسبب الاضطرابات السياسية في ذلك البلد. هناك خطط أخرى لوصل الشبكة مع المملكة العربية السعودية وقبرص بالإضافة إلى وصل آخر مع الأردن، إلا أن جميعها أيضاً في المراحل التحضيرية.
في هذه الأثناء، أعلنت مصر عن مناقصة لمشروع الطاقة الشمسية الكبير الثاني (600 ميجاواط) غرب دلتا النيل. لم تحصل أي شركة على العقد بعد. كما ذكرت وسائل الإعلام المحلية في أغسطس أن مناقصة لمشروع جديد في موقع بنبان كانت قيد الإعداد، لكن من غير الواضح متى سيتحقق ذلك.
في الوقت الحالي، لا توجد حاجة ملحة لمتابعة إنشاء المزيد من مشاريع الطاقة، حيث تمتلك مصر فائضاً من طاقة توليد الطاقة يبلغ حوالي 15%. يعمل مجمع بنبان ومحطات سيمنز التي تعمل بالغاز على توليد ما يكفي من الطاقة لتلبية الطلب المحلي، كما أن هناك حاجة إلى وصل الشبكة مع دولٍ أخرى قبل أن تتمكن مصر من بدء تصدير الكهرباء على نطاق واسع. تم تأجيل بناء محطة للطاقة تعمل بالفحم بسبب هذا الفائض.
وبحسب ما قالته لنا في فَنَك، منة سمير، محللة البحوث في ايجبت إنيرجي مونيتور، “لا أعتقد أننا سنرى أي مشارع ضخمة للطاقة الشمسية قريباً.” وبالتالي، فإن إمكانات نمو الطاقة الشمسية على المدى القصير تكمن في مشاريع أصغر خارج الشبكة.
إذ قالت سمير “مشاريع الطاقة الشمسية الصغيرة ستزداد، على سبيل المثال بالنسبة للصناعات والمصانع.” وأضافت “مع ارتفاع أسعار الكهرباء [بسبب التخفيضات الأخيرة في الدعم]، فإن النظام الشمسي يوفر عليهم المال.”
ومن بين الشركات التي نجحت بالفعل في تطبيق منشآت الطاقة الشمسية خارج الشبكة هي كوكاكولا ومصنع الألبان جهينة. أما الآخرون المهتمون بالطاقة الشمسية فهم مطورو العقارات الذين يتطلعون إلى تشغيل مجمعاتهم أو منتجعاتهم أو فنادقهم بتكلفة أقل.
في يوليو 2019، وقع مجمع ماونتن فيو في العاصمة القاهرة اتفاقاً مع شركة سولاريز إيجيبت لإنشاء محطة خاصة به للطاقة الشمسية لتلبية احتياجات سكان المجمع.
وبحسب ما قالته منة سمير، بالنسبة لبعض هذه الشركات، يتم استخدام الطاقة الشمسية كأداةٍ تسويقية لجذب الطبقة الغنية.
أما بالنسبة للمنتجعات الشاطئية البعيدة عن الشبكة الوطنية، يمكن أن توفر الألواح الشمسية مصدر طاقة لا يعتمد على الحكومة لتوصيل هذه المنتجعات بالشبكة.
في حين أن المشاريع الحالية خارج الشبكة صغيرة، والتي تتراوح طاقتها الإنتاجية ما بين 30 كيلوواط و20 ميجاواط، إلا أنها تشير إلى أن الزخم نحو تنمية الطاقة الشمسية يتزايد. وإذا ما أصبح وصل الشبكة مع السودان والأردن وقبرص والمملكة العربية السعودية حقيقةً واقعة خلال منتصف المدة، فسيكون الطريق واضحاً لإنشاء خليفةٍ محتمل لمجمع بنبان.