وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

عبد الملك الحوثي

رئيس جماعة دينية يسعى إلى تغيير مستقبل اليمن

al-houthi
عبد الملك الحوثي Photo Facebook

أعلِن عن مقتله من قِبل الحكومة اليمنية أكثر من مرة، ولكن لا يزال عبد الملك الحوثي في عام 2015 أكثر الرجال استمتاعاً في الحياة، حيث يقود الحوثيون الذين يعدّون اليوم أكثر اللاعبين نفوذاً على الساحة اليمنية. عبد الملك شاب يافع يمتاز بالكاريزما والغموض، مما يجعله بنظر البعض زعيماً دينياً، بينما يَنظر إليه البعض الآخر باعتباره إرهابياً، إلا أنه بالتأكيد قوة يُحسب لها ألف حساب بالنسبة للجميع.

ولد عبد الملك عام 1982 في محافظة صعدة الشمالية في اليمن وهو أحد أبناء الزوجة الرابعة لوالده بدر الدين الحوثي، وهو عالم يزيدي موّقر (حركة الصحوة الشيعية). توّلى عبد الملك قيادة جماعة الحوثي الزيدية بعد وفاة شقيقه الأكبر، حسين الحوثي مؤسس الجماعة، الذي قُتل على يد القوات الحكومية اليمنية خلال الحرب التي درات بين جماعة الحوثي والحكومة في جميع أرجاء صعدة بين عامي 2004 و2010.

وبعد ملء الفراغ في السلطة التي بقيّت خاوية بسبب الإستقالة القسرية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، استولى عبد الملك وجماعته في عام 2014 على العاصمة اليمنية صنعاء وعلى الحكومة، فضلاً عن تمددهم نحو الشرق والجنوب وحصولهم على الكثير من الدعم على طول الطريق. وكان المحلل السياسي اليمني قد وصف عبد الملك قائلاً “يبجله أتباعه لأسبابٍ دينية، مما يجعله زعيماً دينياً أكثر من مجرد رجل دولة”.

ومع ذلك، لا يستولي عادةً الزعماء الدينيون على العواصم وعلى الحكومات، وهناك شريحة واسعة من اليمنيين يحبونه لذلك بالتحديد، وليس من أجل آرائه الدينية. فهم ينظرون إلى الحوثي بصفته المخلص، الذي أنقذهم من حكومة مختلة وفاسدة، ويشعرون أنه منحهم المزيد من الأمن وحدّ من الفساد الحكومي، على الأقل في الوقت الحاضر.

وهناك أيضاً فئة منهم يعبدونه، ولا يعود ذلك لأسباب دينية بل لكونه رجل اليوم. ومن بينهم شابة يمنية تفضّل عدم الكشف عن هويتها، إذ تقول “يتحدث دوماً بثقة كبيرة ويتمتع بالقوة، يجعلني هذا أشعر برغبة في أن أكون عشيقته في الحرملك وأن أترك هذه الحياة خلفي، فهو يعرف تماماً ما يتوجب فعله للحفاظ على أمني”.

ومن الواضح أنّ عبد الملك الحوثي يعرف تماماً كيف يوّظف نقاط قوته التي تجمع بين الكاريزما والحماسة الدينية والتاريخ العائلي فضلاً عن الشعب اليمني المتعطش للتغيير. وبالرغم من ذلك فهو يفتقد إلى الخبرة. ويقول الإيراني في ذلك ” إنه مقاتل شاب عديم الخبرة يعتقد أن الله قد أعطاه مكانة خاصة باعتباره سليل النبي” رافضاً فكرة منح الحوثي فرصة تحقيق قوة سياسية حقيقية.

ولكن قد تكون قلّة خبرته السياسية ما يحبه اليمنيون به على وجه التحديد. وبعد أن تربع على عرش السلطة على مدى عقود سياسيون يمنيون من ذوي الخبرة اللذين قادوا البلاد إلى حافة الهاوية مرة تلو الأخرى، بات اليمنيون يشعرون أن تولي زعيم شاب غير ملّم بالسياسة ما يحتاجون إليه بالتحديد. ويغذي عبد الملك الحوثي توقعاتهم هذه بإخبارهم أنه لا يسعى خلف السلطة، لكنه يريد فقط استعادة النظام والقضاء على الفساد وخفضّ أسعار الوقود.

وبالفعل، ربما قد لا يكون يسعى خلف السلطة، أو على الأقل بالمعنى التقليدي الحكومي. وتقول الناشطة والخبيرة في القبلية، ندوى الدوسري – جونسون من الولايات المتحدة الأمريكية أنه “لا يريد أن يصبح رئيساً، يرُيد عبد الملك أن يحكم البلاد دون أن يكون في الحكومة، وقد سبق وعبرّ عن رغبته هذه في أكثر من مناسبة”. وتُضيف “يريد الحوثييون السلطة دون مسؤولية”، إذ تعتقد أنّ جماعة الحوثي تعمد بدلاً من ذلك إلى إبقاء الآخرين في مناصب حكومية حتى يتمكنوا من توجيه اللوم لهم في حال ازداد الوضع في اليمن سوءاً.

ولكن من هؤولاء الآخرين؟ وبالرغم من عدم وجود أدلة دامغة على ذلك، إلاّ أنّ الكثيرين يعتقدون أن عبد الملك الحوثي لا يتصرف من تلقاء نفسه في الصراع اليمني الحالي على السلطة، إذ يُعتقد أنه مدعوم من إيران التي من المتوقع أنها تسعى للحصول على موطىء قدمٍ في شبه الجزيرة العربية- موطن عدوّها اللدود، المملكة العربية السعودية، وأيضاً من قِبل الرئيس السابق (العدو اللدود السابق) علي عبد الله صالح.

وما زال صالح يتمتع بشعبية كبيرة بين اليمنيين، بما في ذلك ضباط الجيش. وفي هذا السياق، يُمكن تفسير السهولة التي تمكنّ بها عبد الملك ورجاله من احتلال العاصمة صنعاء. ببساطة، أقنع صالح الضباط الموالين له بالإستسلام، مما مهدّ الطريق أمام عبد الملك للإستيلاء على المدينة ولكن ليس على الرئاسة. وفيما يتعلق بالرأس المدبر لمثل هذه الخطة، فلا بد أنّ الفضل في ذلك يعود إلى ابن صالح، أحمد علي.

وفيما إذا كان أياً من هذا صحيح، لا يضع هذا عبد الملك الحوثي في خانة المتعصب المسلح الذي يتمتع بالكريزما فقط، بل يتوجه أيضاً بصفته داهية بارع في التكتيكات الحربية. سيحصل صالح على ما يريده، ألا وهو استعادة السلطة، كما سيحصل عبد الملك الحوثي على ما يريده أيضاً، زعيم الظل، الذي يمكنه تقديم وعود للشعب اليمني دون الحاجة إلى تحمّل اللوم في حال لم يتم الإيفاء بها.

وصفته صحيفة The National الإمارتية قبل بضعة أعوام بأنه “متمرد دون سبب واضح”. ربما يُعتبر في نهاية المطاف متمرداً يدافع عن قضية ما، إلا أنه بالتأكيد متمردٌ لا يحمل هاتفاً خلوياً إذ يخشى من استهدافه، كما يرفض المقابلات الصحفية ولا أحد يعرف أين يعيش حيث يُعتقد أنه ينتقلُ من منزلٍ آمن إلى آخر. ولا يظهر إلى العلن مطلقاً، وبكل تأكيد تعتبر هذه من صفات الرؤساء.