وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

أحمد دومة، الناشط المصري الذي سُجن مراراً وتكراراً

Ahmed Douma, one of the leading activists behind Egypt’s 2011 uprising, attends a court hearing in a case against 230 people including Douma, for taking part in clashes between protesters and security forces, in a courtroom of Torah prison, Cairo, Egypt, Wednesday, Feb. 4, 2015. Judge Mohammed Nagi Shehata found them guilty and sentenced them, including Douma, to life in prison. Last year, Egypt’s powerful lawyers union criticized Shehata for "disparaging" and "terrorizing" Douma's defense team after he referred five of the team's six lawyers to prosecutors for investigation. The union instructed all members to boycott Shehata's court. (AP Photo/Mohammed El-Raaei)
أحمد دومة Photo Mohammed El-Raaei

عمد كل حزب حاكم في مصر بدءاً بالحزب الوطني الديمقراطي المصري برئاسة حسنى مبارك من وقتٍ لآخر إلى اعتقال أحمد دومة ذو الـ26 ربيعاً ، وهو طالب حقوق في جامعة طنطا وناشط سياسي ومدوّن.

برز اسم دومة خلال ثورة 2011، إلا أن نشاطه السياسي بدأ في وقتٍ سابق حيث اتبع مساراً غير مرغوبٍ فيه. ولد عام 1989 لعائلة تنتمي بشدة إلى الإخوان المسلمين، حيث كان والده قيادياً بارزاً في محافظة البحيرة. بدأ دومه نشاطه في سن الحادية عشر عندما سعى لدعم مرشحي الإخوان المسلمين للبرلمان وبدأ الترويج لأنشطة المجموعة.

تغيّر الأمر برمته عندما سمع والده يتحدث إلى عضو آخر من جماعة الإخوان المسلمين عن حركة كفاية، وهي جماعة سياسية معارضة شكلّت حديثاً عام 2004. ووفقاً لنورهان حفظي، زوجة دومة “سافر سراً إلى القاهرة وشارك في المظاهرة الأولى التي نظمتها كفاية، وكانت تلك أول مرة تترسخ فيها جذور صراعه مع جماعة الإخوان المسلمين”.

وبعد احتجاجات 6 أبريل التي شهدت أول تحدٍ مباشر لقبضة مبارك الحديدية على الحكم منذ عدة سنوات، انسحب دومة من جماعة الإخوان المسلمين عندما رفضت الإنضمام إلى المظاهرات. كما غادر أيضاً مسقط رأسه وانتقل للعيش في القاهرة. كان أحد مؤسسي حركة ستة أبريل وأصبح عضواً في حركة كفاية.

وفي 4 فبراير 2009، تم اعتقاله عند معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، بعد أن سافر إلى هناك للتعبير عن تضامنه مع الفلسطينيين في الحرب التي شنتها آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية على القطاع المحاصر. وبعد أسبوع، حوكم أمام محكمة عسكرية وحكم عليه بالسجن لمدة عام بالإضافة إلى الغرامة. وزعم تعرضه للتعذيب أثناء نقله إلى السجن.

وعندما بدأت الدعوات تنتشر على الشبكة العنكبوتية للخروج في مظاهراتٍ في 25 يناير 2011، الذي يصادف عيد الشرطة وهو يوم إجازة رسمية في مصر، كان دومة من بين أوائل المجموعات الصغيرة من الشباب اللذين تجرأوا بالنزول إلى الشوارع. بقي في ميدان التحرير لمدة 18 يوماً منذ ذلك الوقت، إلى حين إعلان انتهاء حكم مبارك ونتحيه عن السلطة واستلام المجلس الأعلى للقوات المسلحة زمام الأمورلقيادة البلاد. إلا أن ذلك لم يكن نهاية نشاطه السياسي.

وجاء اعتقاله الأول، بعد الثورة، عندما انضم إلى الاعتصام أمام مكتب مجلس الوزراء في القاهرة للاحتجاج على تعيين كمال الجنزوري رئيساً للوزراء من قبل المجلس العسكري. وعندما قام الجيش بتفريق الاعتصام بالقوة، ألقي القبض عليه ووجهت إليه تهمة “التحريض على العنف ضد الجيش وتشجيع الاعتداء على الممتلكات العامة”. واحتجز لمدة شهر على ذمة التحقيق.

وفي مقابلة تلفزيونية خلال الاشتباكات التي وقعت خارج مجلس الوزراء، التي استمرت ما يقرب من أسبوع، اعترف دومة بإلقاء الزجاجات الحارقة على رجال الأمن كدفاع عن النفس، بعد أن فتح الضباط النار على المحتجين. وفي التحقيقات في وقت لاحق، نفى ان يكون قد اعتدى على أي أفراد عسكريين أثناء تفريقهم المحتجين. وفي النهاية أطلق سراحه بانتظار مزيد من التحقيقات.

خلال الانتخابات الرئاسية عام 2012، والتي كانت أول انتخابات حرة يتم أجراؤها في مصر، أعلن دومة تأييده للمرشح الاشتراكي حمدين صباحي. خسر صباحي الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وأسس حركة التيار الشعبي المصري التي أصبحت فيما بعد حزباً سياسياً. وخلال الجولة الثانية، انضم دومة إلى حركة صباحي معارضاً كلا المرشحين الآخرين، رئيس وزراء مبارك السابق أحمد شفيق، ومرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي. وتقول حفظي “بدأ باعتصام صغير ورفض قبول فكرة أن الثورة مضطرة للاختيار بين خيارين سيئين. فقد قال أن الخيار سيعلن موت الثورة”. وبقي واضحاً في معارضته لجماعة الإخوان المسلمين ومحمد مرسي، الذي أصبح أول رئيس منتخب في البلاد بعد الثورة.

وعندما دعا مرسي “بالقاتل والمجرم” على شاشة التلفاز، ألقي القبض عليه وحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة إهانة رئيس الجمهورية. كما اتهم أيضاً بالتحريض على العنف ضد الإخوان المسلمين، ومحاولة اقتحام مقر الحركة. ألغي الحكم بعد حوالي شهر، بعد عزل مرسي من منصبه من قبل الجيش في يوليو 2013.

من الأمل إلى يأس

وعلى الرغم من مشاركته في ثورة 30 يونيو التي أدت إلى عزل مرسي والإشادة به كبطل لمعاداته موقف الإخوان المسلمين، ولكن سرعان ما انقلب الحال مجدداً بعد أن تحدى دومة القانون الذي يُقيّد الاحتجاجات والذي صدر بعد وقت قصير من تولي الرئيس المؤقت عدلي منصور منصبه. وفي ديسمبر 2013، بعد مشاركته في الاحتجاجات التي باتت غير قانونية بموجب القانون الجديد، اعتقل دومة مرة أخرى برفقة زملائه النشطاء أحمد ماهر ومحمد عادل. حكم على كلٍ منهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة تعادل 6,550 دولار.

المشاعر الجياشة التي ملأت شوارع القاهرة، والتي عبرت عن دعمها الكبير للجيش ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، كانت أيضاً تعارض بشدة دومة والثوريين الآخرين، الذين غالباً ما اتهموا بجلب الإخوان المسلمين إلى السلطة. فضلاً عن ذلك، فقد أشاد العديد من الناس بالحكم، إلا أنّ جماعات حقوق الإنسان والثوار انتقدوه ودعوا منصور إلى إصدار عفو.

“انضم أحمد إلى الكثير من الحركات واتخذ موقفا في العديد من الحملات المختلفة. عموماً، تم سجنه 22 مرة “، تقول حفظي.

انضم الناشط الشاب إلى قائمة المضربين عن الطعام مع مجموعة من المحتجزين الآخرين للطعن في قانون الاحتجاج، في محاولة لعكس عقوبتهم وإلغاء القانون، ولكن في نهاية المطاف، تم وضع حدّ لإضرابه بسبب تدهور حالته الصحية.

وفي حين لا يزال في السجن، أعيدت محاكمة دومة بسبب دوره في اعتصام مجلس الوزراء عام 2011. حكم عليه القاضي الذي ترأس المحكمة بالسجن مدى الحياة إلى جانب غرامة قدرها 2,25 مليون دولار لإضرامه النار في المعهد العلمي، وهو معهد أكاديمي يضم عدة مخطوطات نادرة والتي دُمرت تقريباً خلال الاشتباكات. وعند سماع الحكم، بدأ دوما بالضحك والتصفيق بسخرية مما أغضب القاضي الذي هدده بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة إزدراء المحكمة.

وخلال محاكمته طلب دومة من لجنة القضاة رد الاختصام من القضية على أساس النزاهة، حيث قال أنها “لا تُخفي كراهيتها لثورة 25 يناير” التي كان جزءاً منها. رفض القاضي طلبه وأصر على المضي قدماً بالقضية. ويرى الليبراليون والثوار الشباب أن الأحكام القاسية التي صدرت بحق دومة وغيره، سواء كان من الليبراليين أو الإسلاميين، دليل على أن النظام الجديد يعمل على “تسوية الحسابات مع ثورة 25 يناير: والأفراد الذين يمثلونها.”

وتقول حفظي “صدمه الحكم واعتبره فشلاً للثورة”. وأضافت “تحول هذا فيما بعد إلى اليأس، ليس من الحكم بل من الوضع نفسه: فقد تم الزج بغالبية الثوار في السجون، وتم إطلاق سراح رجال مبارك وعاد القمع ليتفشى مرة أخرى”.

استأنف دومة الحكم، إلا أنه لا يزال يقبع في السجن بعدما شهد أربع حكوماتٍ متعاقبة.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles