وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

علاء الأسواني: طبيب أسنان وكاتب وناقد لذوي السُلطة

Egypt faces- Alaa al-Aswany
علاء الأسواني. Photo LEEMAGE

على الرغم من أنّ الثورة المصرية عام 2011 دفعت بعلاء الأسواني إلى دائرة الضوء، إلا أنه كان يتمتع بشهرةٍ منذ فترةٍ طويلة قبل اندلاع الأحداث التي أدت إلى سقوط الحاكم المستبد، منذ فترةٍ طويلة، حسني مبارك.

ولد الأسواني في عام 1957 في العاصمة المصرية القاهرة، درس، في الأصل، طب الأسنان، في القاهرة بدايةً ثم في شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن يعود إلى وطنه لتحقيق حلمه في أن يصبح كاتباً. روايته الأولى، عمارة يعقوبيان، تركت أثراً عميقاً بين ليلةٍ وضحاها. ترجمت الرواية إلى 31 لغة، وقدمت صورة مصغرة عن المجتمع المصري من خلال التركيز على مبنىً واحد في وسط القاهرة، حيث تعيش أو تعمل معظم الشخصيات الرئيسية. ضمن شخصيات الرواية؛ رجل الأعمال الانتهازي، والمحرر الصحفي مثليّ الجنس، والبواب الذي يتجه ابنه إلى التطرف بسب وحشية الشرطة.

جعل الكتاب، الذي نُشر في عام 2002، من الأسواني المؤلف الأكثر قراءةً في العالم العربي والكاتب الأفضل مبيعاً في مصر في الأدب الحديث. وبالتالي، تم تحويل الرواية إلى فيلم بميزانية ضخمة عام 2006، ومسلسل تلفزيوني عام 2007. فيما نشرت روايته الثانية، التي انتظرها القراء بفارغ الصبر، في عام 2007. وفي العقد نفسه، منذ ذلك الحين، أصبح أيضاً يتمتع بالشهرة في مصر لكونه ناقد سياسي صريح. ولسنواتٍ عديدة، كتب أعمدةً للعديد من الصحف، منتقداً بشكلٍ علني نظام مبارك وتدهور الأوضاع في مصر.

وعندما اندلعت الثورة في 25 يناير 2011، انضم بسرعة إلى المتظاهرين الشباب في ميدان التحرير، ليصبح واحداً من أشهر وجوه المشاهير الذي انضموا للثورة التي استغرقت 18 يوماً لإعلان تنحي مبارك. استغل وقته في الميدان في التحدث مع الناس عن الديمقراطية والليبرالية وتثقيفهم حول حقوقهم.

وعندما تنحى مبارك أخيراً في 11 فبراير، كان الأسواني أحد الأشخاص الذين احتفلوا وغادروا الميدان بعد أن تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة زمام الأمور – وهو ما أسماه مراراً وتكراراً بـ”الخطأ الجسيم.” وعلاوة على ذلك، سرعان ما أصبح ناقداً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كرر مراراً أنه فشل في دعم أهداف الثورة.

إلا أنه في أعقاب سقوط مبارك، أصبح الأسواني اسماً مألوفا. فخلال ظهوره في أحد البرامج الحوارية، واجه الأسواني ضيفه ورئيس الوزراء السابق في عهد مبارك، أحمد شفيق، إذ كانت مواجهةً تاريخية في التلفزيون. فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها المصريون مدنياً يحمّل شخصاً في السلطة المسؤولية، مما تركهم مذهولين.

وفي اليوم التالي، أعلن شفيق تقديم استقالته، التي عُزيت، إلى حدٍ كبير، لهزيمته من قبل الاسواني. وسرعان ما جعل هذا من الأسواني شخصيةً مهمة في مصر ما بعد الثورة. دعمه الشباب وهتفوا باسمه لإطاحته بشخصٍ كانوا يعتبرونه أحد آخر بقايا حكم مبارك. ومع ذلك، اعتبره البعض الآخر وقحاً ويفتقر إلى الاحترام. كانت تلك بداية الجدل الذي من شأنه أن يشكل علاقة الجمهور معه.

واصل الأسواني انتقاده اللاذع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، متهماً إياه بمحاولة إفساد الثورة، والحفاظ على موقفه السياسي وحماية مصالحه الاقتصادية. كما لامهم على تنسيق عدة هجماتٍ على المتظاهرين في ميدان التحرير وبالقرب من مبنى ماسبيرو، مبنى الإذاعة والتلفزيون، الذي خلف العديد من القتلى.

كما كان ينتقد جماعة الإخوان المسلمين، التي جاءت إلى السلطة في عام 2012، ومحاولاتها الدفع بأجندةٍ إسلامية بدلاً من النهج الليبرالي العلماني للثورة. وادعى أنهم استغلوا الثورة للوصول إلى السلطة قبل أن ينقلبوا ضد الثوار، وأنهم تواطأوا مع نظام مبارك قبل سقوطه – ومع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد ذلك – لتأمين مكانتهم في السياسة المصرية. وادعى أيضاً أن الإخوان المسلمين كانوا عنيفين، على الرغم من ادعاءاتهم المتكررة بالعكس، وأنهم كانوا يشحذون جدول أعمال إسلامي متطرف لحكم مصر. وعندما ظهرت حركة باسم تمرد تُطالب بعزل أو استبدال زعيم الإخوان المسلمين، محمد مرسي، بالانتخابات المبكرة، كتب الأسواني بشكلٍ مكثف دعماً لها.

وعندما أطاح الجيش بمرسي في يوليو 2013، أيدّ الأسواني أيضاً قرارهم بالتدخل لـ”لانقاذ مصر.” أثار ذلك غضب الإسلاميين في جميع أنحاء مصر، وأصبح ألد أعداء الإخوان المسلمين. وعندما قام الجيش في الشهر التالي بتطهير مخيمين لمؤيدي مرسي الذي كانوا يحتجون على الإطاحة به، بعنفٍ، مما أسفر عن مقتل حوالي ألف شخص، ندد الأسواني بعملية القتل إلا أنه لم يندد بإزالة المخيمين. فقد وصف مراراً جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابيين، مُلقياً باللائمة عليهم بإشعال النار في المئات من الكنائس في أرجاء البلاد للقصاص.

وبعد تولي الرئيس السابق للجيش، عبد الفتاح السيسي، الرئاسة في عام 2014، اعترى القلق الأسواني من عودة الجيش السريعة إلى السلطة، كما أعرب عن أمله فى أن تمهد حركة تمرد الطريق أمام حكومةٍ مدنية لتولي السلطة. وبدلاً من ذلك، عُزز دور الجيش في السياسة المصرية إلى حدٍ لم يشهده حتى عهد مبارك.

وإلى يومنا هذا منذ ثلاث سنوات، لا يزال الأسواني شخصيةً مثيرةً للجدل. ويقول أنه مُنع من الظهور في أي برامج تلفزيونية أو الكتابة لأيٍ من وسائل الإعلام المصرية، سواء كانت حكومية أو خاصة. ولا يزال مكروهاً من قِبل معظم الإسلاميين الذين يتهمونه بالمساهمة في الإطاحة بمرسي، وموت الآلاف من المدنيين والعودة إلى الحكم العسكري. غير أن شيئاً واحداً لم يتغير: فهو لا يزال ينتقد من هم في السلطة، إذ يزعم أن البديل الديمقراطي الليبرالي للجيش والإسلاميين هو السبيل الوحيد لتقدم البلاد.