وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المدون الجزائري مرزوق تواتي، المسجون بتهمة التجسس، يُعلق إضرابه عن الطعام

المدون الجزائري مرزوق تواتي
Photo: Youtube

علّق المدون والصحفي الجزائري المسجون، مرزوق تواتي، إضراباً آخر عن الطعام في 14 أغسطس 2018، بناءً على طلبٍ من والدته بسبب تدهور حالته الصحية. فقد بدأ تواتي الإضراب عن الطعام في 8 يوليو للاحتجاج على “إدانةٍ غير عادلة” و”ظروف احتجازه،” بحسب ما أخبر محاميه والمدافع عن حقوق الإنسان صلاح دبوز.

وقال دبوز لنا في فَنَك بعد تحدثه مع موكله، “يُعارض تواتي بشدة الطريقة التي تمت محاكمته بها، والتي يعتبرها محاكمةً سياسيةً بامتياز، ويصف الحكم الصادر بحقه بغير العادل والذي صدر بأوامر عُليا.”

كما اعترض تواتي البالغ من العمر ثلاثين عاماً، والذي ينحدر من مدينة بجاية الساحلية في منطقة القبائل، على بعد حوالي 250 كيلومتراً شرقي العاصمة الجزائر، على ظروف احتجازه، قائلاً إنه لم يُمنح سوى وجبة واحدة في اليوم واضطر إلى شراء بقية طعامه بأمواله الخاصة. ومنذ أن بدأ إضرابه الأخير عن الطعام، يُحتجز تواتي في الحبس الانفرادي، ويتناول الماء والسكر فحسب الذي اشتراه بنفسه ذلك أن السلطات رفضت تزويده بالمشروبات إلى أن يوقف الإضراب عن الطعام، على حد قول محاميه. ويطالب المدون، الذي كان عاطلاً عن العمل وقت إلقاء القبض عليه، بإطلاق سراحه فوراً وسحب جميع التهم الموجهة إليه.

فقد تم اعتقال تواتي، الذي يُدير مدونةً سياسية تدعى الهجرة منذ عام 2015 ولا ينتمي إلى أي حزبٍ أو حركةٍ سياسية، في بجاية في يناير 2017 واتهم فيما بعد “بالتحريض على التجمع غير المسلح،” و”إجراء اتصالاتٍ مع عملاء دولة أجنبية تستهدف الإضرار بالعلاقات الدبلوماسية” و”التحريض على التجمعات والاعتصامات في الأماكن العامة.” وفي مايو 2018، أدين بتهمة “الاتصال مع عملاء الاستخبارات لدولةٍ أجنبية من شأنها الإضرار بالوضع العسكري أو الدبلوماسي للجزائر أو بمصالحها الاقتصادية الأساسية،” وإقامة “علاقاتٍ متواطئة مع قوة أجنبية” و”التحريض على التمرد.” وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها 50 ألف دينار جزائري (حوالي 422 دولار).

وفي النهاية تم إسقاط تهمة “التحريض على حمل السلاح ضد سلطة الدولة،” التي تنطوي على عقوبة الإعدام. واستعرضت منظمة العفو الدولية وثائق المحكمة المدرجة “كدليلٍ” في المحاكمة، بما في ذلك المنشورات على مدونة تواتي وصفحته على الفيسبوك قبل قيام السلطات الجزائرية بحظر كلا الموقعين، وأكدت في بيانٍ أنه “لم يكن هناك تحريضٌ على العنف أو الدعوة للكراهية.”

وفي جلسة الاستئناف في 21 يونيو 2018، تم تخفيف عقوبة تواتي إلى السجن لسبع سنوات، حيث فرقت قوات الأمن احتجاجاً قام به نشطاء وسياسيون تضمن سيرهم باتجاه مبنى المحكمة، حيث طالبوا بإطلاق سراح المدون على الفور. واعتُقل حوالي 40 شخصاً، من بينهم مسؤولون وممثلون محليون منتخبون عن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وهو حزبٌ معارض له معقل في منطقة القبائل.

وعليه، أدانت العديد من جماعات حقوق الإنسان الدولية الحكم الصادر بحق تواتي. ووصفت منظمة مراسلون بلا حدود العقوبة بأنها “غير متناسبة وغير مبررة” ودعت السلطات القضائية إلى إلغاء الحكم. كما قالت هبة مرايف، المديرة الإقليمية لبرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، “يجب على السلطات الجزائرية أن تطلق سراحه فوراً ودون قيد أو شرط، فهو سجين رأي احتجز فقط بسبب تعبيره السلمي عن آرائه على فيسبوك ويوتيوب”.

وقبل فترةٍ قصيرة من اعتقاله، نشر تواتي منشوراتٍ على مدوّنته وصفحته على فيسبوك تنتقد قانون الموازنة لعام 2017 والاحتجاجات المحلية التي اندلعت في 2 يناير 2018 في منطقة القبائل. كما أدان تواطؤ الممثلين المنتخبين وأثار تساؤلاتٍ حول مزاعم الفساد والحكم السيىء، وذلك بحسب صحيفة جون أفريك الأسبوعية، ومقرها باريس.

ومع ذلك، فقد كانت المقابلة التي نشرها على مدونته مع حسن كعيبة، الناطق الرسمي بالعربية باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي أدت إلى اعتقاله وإدانته في وقتٍ لاحق والتي حملّها تواتي أيضاً على قناته على موقع يوتيوب في 9 يناير 2018.

وفي المقابلة، نفى حسن أي تورطٍ من جانب حكومته في الاحتجاجات التي اندلعت في منطقة القبائل قبل أيامٍ فحسب من اتهام الحكومة الجزائرية لإسرائيل بأنها وراء هذه المسيرات المناهضة للحكومة. بل على العكس، وصف حسن علاقات إسرائيل بالجزائر بـ”الودية” بل وزعم أيضاً أنه يوجد في الجزائر مكتب اتصال إسرائيلي منذ التسعينيات.

وبما أن الجزائر لا تُقيم أي علاقاتٍ رسمية مع إسرائيل وتصور نفسها كمدافعٍ عن إنشاء دولةٍ فلسطينية مستقلة، فإن ادعاء حسن أثار الدهشة في الصحافة المحلية والدولية واعتبر استفزازياً للغاية بالنسبة للحكومة الجزائرية. ولذلك فإن دبوز، محامي تواتي، مقتنعٌ تماماً بأن المقابلة مع حسن كانت في الحقيقة السبب الرئيسي لاعتقال موكله. ومع ذلك، نفى دبوز بشدة أن يكون تواتي مذنبٌ بالتجسس لصالح إسرائيل. وبحسب قوله “لم تتعامل المخابرات الجزائرية مع ملف موكلي، بل الشرطة. وهذا يثبت أن هذه القضية لا ترتبط على الإطلاق بالتخابر مع حكومةٍ أجنبية.”