وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

محمد بن راشد آل مكتوم، أمير دبي

الشيخ محمد بن راشد
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. Photo Mohammad Al Mehrezi

هو محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي،  رئيس  ونائب   رئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2006

تشمل الإمارات العربية المتحدة سبع ممالك : إمارة أبو ظبي، أم القيوين، عجمان، دبي، الشارقة، رأس الخيمة ، الفجيرة. ووفقًا للإتفاقية، فإنّ حاكم “أبو ظبي” هو الرئيس الفعلي للإمارات العربية المتحدة، ورئيس الدولة، في حين يشغل حاكم دبي منصب رئيس الوزراء ورئيس الحكومة. إنّ توزيع السلطات هذا انعكاسٌ للهيبة والنفوذ المالي لكلّ إمارة.

السيرة الذاتية 

ولد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في 15 يوليو 1949، حيث جاء توّليه السّلطة في يناير 2006، عقبَ وفاة شقيقه مكتوم بن راشد بنو ياس. يرجع نسب عائلة آل مكتوم إلى قسم الفلاسي من بني ياس واتحاد القبائل التي كانت القوة المهيمنة في معظم ما بات يعرف اليوم بالإمارات العربية المتحدة. وفي عام 1883 انتقلت مجموعة ضخمة ذات نفوذ من بنو ياس بقيادة مكتوم بن بطي آل مكتوم إلى دبي وحكمت الإمارة إلى يومنا هذا، ويعود نسب والدة الشيخ محمد، الشيخة لطيفة الى آل نهيان،  فهي بنت حمدان آل نهيان أمير إمارة “أبو ظبي”  الحالي الشيخ “خليفة”. 

تزوّج الشيخ محمّد عدّة مرات ،  كان زواجه الأوّل سنة 1979  بابنة عمّه الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم ، أحد أعضاء الأسرة الحاكمة في دبي، ولهما 12 ولدًا، أحدهم وريث الشيخ محمد حمدان بن محمد آل مكتوم ، ولي عهد دبي. توفي الابن الأكبر للشيخ محمد، الشيخ راشد بن محمد ، بنوبة قلبية في سبتمبر 2015. 

وكانت أصغر زوجاته ” هيا بنت الحسين ”  ابنة ملك الأردن الراحل “ا لملك حسين ” والأخت غير الشقيقة للملك عبدالله الثاني، ملك الأردن الحالي، قد حظيت بمكانة خاصة، وكانت أوّل امرأة أردنية تمثّل بلدها في رياضة الفروسية الدولية، وتنافس في حدث القفز في الألعاب الأولمبية الصيفية سنة 2000. وقد شغلت منصب رئيسة الاتحاد الدولي لرياضة الفروسية مرتين، وانفصل الزوجان في عام 2019، عندما هربت “هيا” مع أطفالها من دبي إلى المملكة المتحدة خوفًا على حياتها،  وتلت ذلك دعوى قضائية طويلة تلقت خلالها “هيا” تهديدات من زوجها.

قضايا المحاكم

في ديسمبر 2021 ، وفي تسوية طلاق قياسية ، حكمت المحكمة  العليا في المملكة  المتحدة  لهيا بمبلغ 251.5 مليون جنيه إسترليني ،  وجزء منها  خُصص لتغطية تكاليف أمنية كبيرة.   وذكرت المحكمة أنّ “هيا” وأطفالها سيواجهون تهديدات خطيرة ، وبالتالي خصّصت لها ميزانية بهدف تغطية  تكاليف المركبات المصفحة  لضمان تنقلات الأسرة بآمان، إضافة الى مستلزماتٍ  أخرى. كما تمّ إخضاع  الشيخ محمد للتحقيق بسبب تهديده زوجته السّابقة “هيا” و ابنتيه اللتين خضعتا في دبي لحراسة مُشددة.

أمّا ابنته الشيخة “شامسا”  فقد هربت من عائلتها في عام 2000 أثناء وجودها في المملكة المتحدة،  ولكن والدها قام باختطافها، وإعادتها إلى الإمارات العربية المتحدة. وفرّت الشيخة “لطيفة”، ابنته الأخرى، من دبي في عام 2018 ، ولكن تمّ خطفها من قبل كوماندوز إماراتي وهندي بينما كانت في طريقها إلى الهند على  متن يخت. وقد أثبتت المحكمة العليا في المملكة المتحدة كلا القضيتين في دعوى رفعتها الشيخة “هيا” ضد الشيخ محمد. ولم تشاهد الشيخة :شامسا” وكذلك الشيخة “لطيفة” علنا منذ ذلك الحين، في حين يُنكر الشيخ محمد وحكومة الإمارات العربية المتحدة جميع الادعاءات ويصرّون على أن النساء ترعاهُنّ أسرتهنّ.

في الوضع  السياسي

كحال العديد من ملوك وأمراء الخليج، درس الشيخ محمد في الخارج. وفي عام 1966، انتقل إلى المملكة المتحدة ليلتحق بمدرسة بل للغات في جامعة كامبريدج. وفي وقتٍ لاحق، تلقى تدريبه العسكري في ا لكلية مونز العسكرية البريطانية في آلدرشوت. ولدى عودته إلى دبي، عينه والده رئيسًا للشرطة والأمن العام في دبي ورئيس قوة دفاع دبي.

في يناير 1968، وبعد الإخطار بنوايا الانسحاب البريطاني، انضمّ إلى ما كان يُعرف آنذاك بالإمارات المتصالحة، مع الشيخين الراحلين، راشد وزايد، في أول لقاءٍ بينهم في عرقوب السديرة، في الصحراء بين دبي وأبو ظبي. كان نتيجة الاجتماع اتفاقٌ لتشكيل اتحاد الإمارات. وحالما تم تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971، أصبح الشيخ محمد أول وزيرٍ للدفاع. وخلال فترة تولّيه منصب وزير الدفاع ورئيس قوة الشرطة، واجه العديد من الأحداث الهامة بما في ذلك المناوشات بين القبائل الإماراتية المختلفة على الممتلكات على جانبي الحدود الجديدة؛ ومحاولة انقلاب صقر بن سلطان القاسمي في عام 1972 على حاكم الشارقة؛ والمفاوضات المطولة مع خاطفي رحلة الخطوط الجوية اليابانية الرحلة 404، التي هبطت في مطار دبي؛ والمفاوضات مع خاطفي رحلة خطوط الطيران الملكية الهولندية 861

وفي عام 1995، عيّن الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، شقيقه الأكبر، الشيخ محمد، وليّ عهد دبي، ومن ثم عيّنه أميرًا  لدبي ونائب رئيس ورئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة. كان الشيخ محمد حريصًا على الشروع بالإصلاحات وتحويل دبي إلى مركزٍ للتجارة والسياحة الدولية، إلى جانب حرصه على الحدّ من خوفها على تضاؤل احتياطيات النفط. وبالتالي، أطلق العديد من المبادرات لتعزيز عملية التحديث والتطوير في الإمارة. وكانت من بين تلك المبادرات، مهرجان دبي للتسوق في عام 1995، و مدينة دبي للإنترنت عام 2000، ومدينة دبي للإنتاج الإعلامي وحكومة دبي الإلكترونية عام 2001، و مركز دبي المالي العالمي ومدينة الطب في عام 2002، و قرية المعرفة في عام 2003، ومجمع دبي لاند الترفيهي في عام 2004. 

كما أطلق الشيخ محمد أيضاً عددًا من الشركات الكبرى بما في ذلك شركة طيران الإمارات، و موانئ دبي العالمي ة، ومجموعة جمي را (الفنادق والمنتجعات) ، وجزيرة النخ لة وبناء أطول برج في العالم، برج خليفة ، الذي افتتح في عام 2010.

أما على الساحة الدولية، فالشيخ محمد شخصية بارزة أيضًا في سباقات الهجن العربية الأصيلة وتربية الخيول. كما يمتلك اسطبلات دارلي لرعاية الفحول في سوفولك، إنجلترا، والتي تضم أكبر عملياتٍ لرعاية الخيول في العالم. فضلًا عن كونه متسابقًا متعطشًا لسابقات “التحمل” حيث حصد الذهب بعمر الـ63، في بطولة “التحمل” العالمية لعاميّ 2011 و 2012، وهو سباق لمسافة 160 كيلومتر يُعقد في أنكونا في إيطاليا.

     ولكونه رجلًا يُعرف عمومًا  بعدم رضاه عن الوضع الراهن، جاء أول تغييرٍ جذري للشيخ محمد كرئيسٍ للوزراء في أبريل 2007، عندما أعلن عن مراجعةٍ استراتيجية للحكم في دولة الإمارات على المستويين الحكومي الاتحادي والمحلي. كانت استراتيجية الحكومة الاتحادية في عملية الإصلاح هي معالجة النقص في التنسيق (بين مختلف إمارات الدولة) والتخطيط الاستراتيجي في الحكومة، بالإضافة إلى صناعة السياسات وأوجه القصور في الإطار التشريعي. تهدف هذه الاستراتيجية أيضًا إلى تحسين التنمية الاجتماعية والاقتصادية والقطاع العام والعدالة والأمن والبنية التحتية والتنمية الريفية التي واجهتها منذ ظهور الإمارة. 

كان القطاع العقاري، الذي يشهد نموًّا سريعًا من أكثر القطاعات تضررًا، فقد عانت دبي في عام 2009 من أكبر الأزمات ، فمع إخفاق اقراض البنوك اضطرت الحكومة الى التدخل لإنقاذها والمتعهدين، وعلى ما يبدو، فإن خطط إنقاذ الشركة القابضة المملوكة للحكومة (أو بتعبير أدق المملوكة آل مكتوم)، دبي العالمية، تسببت في تفاقم  الأزمة، حيث تجاوز مجموع الديون 60 مليار دولار. فقد كان على الشركة العقارية التابعة  لدبي العالمية ” النخيل ” شركة عائلة الشيخ محمد المملوكة ، سندات ضخمة مستحقة، إلّا أنّ  تدفق الأموال كان خجولًا  لتسديد  المدفوعات مع كل ما تمّ بيعه  واتباعه من خطط  وتطورات جديدة طارئة.

. تضررت صورة الإمارة، وكذلك حاكمها، لتطلب المساعدة من جارتها الغنية بالنفط أبو ظبي. عرضت أبو ظبي على دبي قرضًا  لمدة خمس سنوات بقيمة 10 مليار دولار، وسنداتٍ لخمس سنوات بقيمة 10 مليار دولار والتي أصدرتها دبي للبنك المركزي الإماراتي. تعبيرًا عن الإمتنان، عرضت دبي إعادة تسمية أطول ناطحة سحابٍ تيمنًا  بحاكم أبو ظبي، الشيخ خليفة. وفي عام 2014، عندما استحق الوفاء بالدين، اتفقت لإمارة دبي بإعادة تمويل الدين و ترحيله لخمس سنواتٍ أخرى بمعدل فائدة سنوية نسبتها 1%، مما يسمح وبمواصلة زيادة الإنفاق لتطوير نفسها كمركزٍ إقليمي. للتمويل والتجارة والسياحة.