وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

نبيلة منيب: أول إمرأة مغربية تقود حزباً سياسياً

نبيلة منيب. Photo by Ghifri1/Flickr.

انتخبت أمينة منيب، المولودة عام 1960 في الدار البيضاء، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد في 16 يناير 2012، لتصبح بذلك أول إمرأة مغربية تتزعم حزباً سياسياً.

منيب حاصلة على الدكتوارة في الغدد الصماء من جامعة مونبلييه في فرنسا، وتعمل حالياً كأستاذة جامعية في الغدد الصماء بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، كما أنها عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي ورئيسة فرعها الجهوي للدار البيضاء، وهي متزوجة وأم لثلاثة أطفال.

كان لكل من أسرة منيب وتمتعها بكارزما طبيعية دورا في دخولها الساحة السياسية بتفوق، فقد كان لثلاثة رجالٍ على وجه التحديد تأثيرا قويا على نجاحها؛ أولهم والدها، وهو محامٍ ومثقفٌ ملتزم، شغل منصب قنصل في وهران- الجزائر، في عام 1950 وفي ستينيات القرن الماضي. فهو من عرّف نبيلة على الاشتراكية الجزائرية، في حين أن والدتها، التي ولدت لعائلة ارستقراطية من فاس، اعتنت بأطفالهم التسعة. والرجل الثاني هو والد زوجها، وهو رفيق اليساري الأسطوري مهدي بن بركة الذي كان معارضاً للملك الحسن الثاني والذي اختفى في عام 1965، في حين أن الرجل الثالث هو زوجها. إنّ تأثير هؤلاء الرجال الثلاثة من أفراد عائلتها يتجلى في مسار منيب السياسي.

بدأت نبيلة تميل إلى السياسة في سن الرابعة عشرة، عندما بدأت تُشكك في قيم المجتمع وسُبل تحسينه. وكونها طالبة في جامعة محمد الخامس في الرباط، كانت عضواً في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، في الوقت الذي كانت فيه المنظمات الطلابية يسارية ومعارضة للنظام. ومنذ ذلك الوقت، كانت منيب من أشد المؤيدين للمساواة والحرية والتحرر والديمقراطية. كانت رؤيتها لتحقيق ذلك في المجتمع المغربي من خلال توحيد المنظمات اليسارية في حزب واحد.

وفي عام 1985، أثناء كتابتها لأطروحة الدكتوراه في فرنسا، كانت نشطة في منظمة الشباب الديمقراطي، ثم انضمت إلى منظمة حرية الإعلام والتعبير (OLIE) ومنظمة العمل الشعبي الديمقراطي (OADP)، والتي اندمجت لاحقاً مع المنظمات اليسارية الأخرى لتصبح الحزب الاشتراكي الموحد.

وفي عام 2000، أصبحت عضواً في اللجنة المركزية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي (OADP).

وفي عام 2005، عُزز حلم منيب بتوحيد اليساريين بقرارٍ من جمعية الإخلاص للديمقراطية، التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (USFP) المعروف، بالإنضمام إلى الحزب الاشتراكي الموحد.

بل وعلاوة على ذلك، أصبح الحزب الاشتراكي الموحد مركز الاتحاد اليساري لليسار المغربي وجذب عدداً من المنظمات اليسارية الأخرى. وباعتبارها مدافعة شرسة عن حقوق المرأة، فإن منيب رمز وبطلة تحرير المرأة في المغرب. وبمجرد أن أصبحت أول إمرأة مغربية تقود حزباً سياسياً، باتت منيب رمزاً للشباب من كلا الجنسين. وفي استطلاع للرأي قامت به مبادرة TIZI ومركز AVERTY ونشرته مجلة Tel Quel المغربية، تصدرت منيب عناوين الصحف عندما احتلت المرتبة الثالثة في ترتيب السياسيين الذين يمكن أن يرأسوا الحكومة المغربية.

منيب سياسية صريحة ومناضلة قوية. ففي عام 2011، دعت إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور ذلك أنه يُبقي معظم السلطة في يد الملك ولا يتعهد بفصلٍ حقيقي بين السلطات. كما دعت أيضاً إلى مقاطعة انتخابات نوفمبر 2011 على أساس أن السلطات الممنوحة للبرلمان ورئيس الوزراء هزيلة.

ومنذ عام 2011، اغتنمت منيب جميع الفرص للتنديد بـ”واجهة” الديمقراطية للحكومة الحالية التي يقودها الإسلاميون في المغرب. فعلى سبيل المثال، في يناير 2016، بعد التفريق العنيف لتجمع مئات المعلمين الذين تظاهروا احتجاجاً على قرارات الحكومة، نددت بعجز الحكومة التعامل مع المشكلات الحيوية التي تتعلق بقطاعٍ حيوي، ألا وهو التعليم. تم اختيار تصريحات منيب في العديد من وسائل التواصل الاجتماعي داخل وخارج المغرب.

وفي أغسطس 2013، عادت منيب مجدداً لتحتل عناوين الأخبار بالتنديد بالعفو الملكي للإفراج عن المواطن الاسباني مغتصب الأطفال دانيال كالفان فينيا. فقد عبرت عن غضبها في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى وصل بها الحد إلى الطلب من الملك الاعتذار للشعب المغربي.

وفي عام 2015، لعبت دوراً أساسياً في تبديد أزمة سياسية كانت تلوح في الأفق بين المغرب والسويد عندما اعترفت السويد بالجمهورية الصحراوية، حيث ترأست وفداً مغربياً من الأحزاب اليسارية في ستوكهولم للدفاع عن موقف المغرب، ونتيجة لذلك تخلت الحكومة السويدية عن خططها للاعتراف بالصحراء الغربية كدولة مستقلة.

خسرت منيب انتخابات عام 2015 لأنها رفضت المواربة وعبرت عن رأيها صراحةً فيما يتعلق بسياسات الإسلاميين المحافظين. وفي مقابلةٍ لها مع بي بي سي العربية، صرّحت أن المحافظين الإسلاميين استخدموا الفقر لـ”حصاد” الأصوات. دفعت هذه التصريحات العديد من الإسلاميين المحافظين لمهاجمة المشروع السياسي لمنيب.

وعلى الرغم من هذه الخسارة، تواصل منيب كفاحها من أجل المساواة والشمولية، وسيواصل مسارها الفريد وإيمانها الراسخ بالتأثير على وجهات النظر السياسية للمغاربة فيما تخطو البلاد خطوات متعثرة نحو الديمقراطية.