وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

“المرأة الحديدية” تتقلد منصب محافظ

Nadia-Ahmed-Abdo
نادية أحمد عبدو. Photo Facebook/الصفحة الرسمية لمحافظة البحيرة

عيّنت مصر أول إمرأةٍ بمنصب محافظ، ففي السادس عشر من فبراير 2017، حلفت نادية أحمد عبده (73 عاماً) اليمين الدستورية كمحافظٍ للبحيرة في دلتا النيل.

ففي بلدٍ غالباً ما تُحفظ فيه مناصب المحافظ لضباط الجيش أو الشرطة المتقاعدين، تمت الإشادة بتعيين عبده باعتباره انتصاراً لتحرير المرأة. ومع ذلك، أثيرت بعض المخاوف بشأن عضوية عبده السابقة في الحزب الوطني الديمقراطي المنحل. فقد كان تزوير الانتخابات البرلمانية لعام 2010 لصالح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم آنذاك الذي يتبع له حسني مبارك، واحداً من العوامل الرئيسية التي أشعلت ثورة 25 يناير في مصر في عام 2011. فازت عبده بمقعدٍ في البرلمان في تلك الانتخابات.

عبده حاصلة على بكالوريوس في الهندسة الكيميائية وعلى درجة الماجستير في هندسة الصحة، وكلاهما من جامعة الإسكندرية. لديها ابنان، وهما أيضاً مهندسين تخرجا من ذات الجامعة. طوال حياتها المهنية، كانت عبده ناشطةً في مجال إدارة المياه. ومن عام 2002 إلى عام 2012، كانت تشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب بالإسكندرية. كما أنها عضو في معهد البحر الأبيض المتوسط بفرنسا، وعضو الجمعية العامة للمجلس العالمي للمياه، وعضو جمعية رجال أعمال الإسكندرية، ومقرر المجلس القومي للمرأة فرع الإسكندرية. وعلاوة على ذلك، فقد أسست جمعية مرافق الدول العربية- أكوا. وفي أغسطس 2013، تم تعيينها نائب محافظ البحيرة، حيث عملت في ظل المحافظ مصطفى هدهود والمحافظ محمد سلطان، إلى أن تولت المنصب في فبراير 2017. منحها موقفها المتشدد لقب “المرأة الحديدية.”

فقد أشادت منى عزت من مؤسسة المرأة الجديدة بتعيين عبده، إذ صرحت للمونيتور أن هذا يثبت “أن الحكومة تؤمن بقدرات المرأة القيادية وأنّ بإمكانها إحداث تغييرٍ في المجتمع.” كما قالت عبده للوسيلة الإعلامية ذاتها أنّ ترشيحها “خير دليلٍ” على أنّ دمج مصر للمرأة في المناصب القيادية يتطور تدريجياً. كما قالت أن أولوياتها كمحافظ تتمثل في انجاز المناطق الصناعية، ومشاريع الصرف الصحي وتطوير القرى الفقيرة. إن محافظة البحيرة في الغالب من المناطق الريفية، وإلى جانب العديد من مواقع التنقيب عن النفط والصناعات ذات الصلة، إلا أن المصدر الرئيسي للدخل هو المنتجات الزراعية.

وفي مقابلةٍ مع صحيفة الأهرام التابعة للدولة، أوجزت عبده المزيد من الخطط المزمع إنجازها، مثل تحويل ميناء مدينة رشيد، المعروفة بالمخازن العثمانية التاريخية، إلى وجهةٍ سياحية، فضلاً عن تحسين الرعاية الصحية والتعليم والسكن. كما قالت أن المهارات التي اكتسبتها من مناصب سابقة، مثل “إدارة الموارد الطبيعية الرئيسية [المياه] والتواصل مع مختلف قطاعات المجتمع،” تؤهلها لمنصب محافظ. وأضافت، “ينبغي أن يركز الإعلام على هذه الإنجازات، بدلاً من التأكيد على حقيقة أني أول إمرأة تتقلد هذا المنصب.”

وباعتبارها عضواً في الحزب الوطني الديمقراطي، إنتخبت عبده في برلمان ديسمبر 2010، في الإنتخابات التي إعتبرتها منظمات حقوق الإنسان “الأكثر احتيالاً في تاريخ البلاد.” فقد دافعت عبده عن عضويتها في الحزب الوطني في لقائها مع صحيفة الأهرام، إذ قالت أنّ “ثلاثة أرباع الشعب المصري كان ينتمي للحزب الوطني الديمقراطي أيام مبارك.” وأضافت “لم أحصل على مقابل أثناء عضويتي في الحزب، ولم أمارس قط المحسوبية أو اشتريت عقاراً أو أرضاً بطريقة غير مشروعة.” ومع ذلك، سُلطت الأضواء على عبده عدة مراتٍ بسبب هذا النوع من المزاعم على وجه التحديد.

فقد أجبرت على الاستقالة من منصب رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب عام 2012، في أعقاب إضرابٍ للعمال، فقد إتهم العمّال عبده باختلاس الأراضي المملوكة للشركة وطالبوا باستقالاتها، واستبدال بعض المسؤولين رفيعي المستوى في الشركة وفرض قيودٍ على رواتب الإدارة. وفي عام 2014، تظاهر سكان مدينة رشيد ضد عبده والمحافظ آنذاك، مصطفي هدهود، بسبب تلوث مياه الشرب، وطالبوا بطردهم. فقد لوثت مياه المدينة بالأمونيا والفوسفات، مما أدى إلى نفوق أعداد ضخمة من الأسماك في نهر النيل، الذي يصب في البحر الأبيض المتوسط من مدينة رشيد. وفي عام 2015، ارتبط اسم عبده بقضية فسادٍ أخرى. فقد إدعت وسائل الإعلام أنها وقعت عقداً بقيمة 10 آلاف جنيه مصري مع مهندسٍ من الاسكندرية لوظفية غير موجودة. إلا أنه هذه المرة، لم تؤدي إلى استقالتها.

فقد وصف جمال عيد، مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، تعيين عبده على تويتر بأنه “خطوة واحدة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء،” منوهاً إلى ماضيها مع الحزب الوطني الديمقراطي. فيما كتبت الصحفية ياسمين الخطيب على الفيسبوك أنّ تعيين عبده ما هو إلا انتصارٌ لبقايا نظام مبارك أكثر من كونه إنتصاراً لحقوق المرأة في مصر.

وبالإضافة إلى ذلك، قال الخبير الدستوري، نور فرحات، في منشورٍ له أنّ منصب عبده كمحافظ ليس كافياً لتمكين المرأة، إذ أن حقوق المرأة يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع قيم الحرية والمساواة والعدالة، التي لا يمثلها الحزب الوطني. يُشير سجل عبده المشكوك فيه في المناصب السابقة، بقدر ما أنّ تعيينها يُثبت أن بإمكان المرأة تقلّد مناصب قيادية في مصر، أن المحسوبين على نظام مبارك الفاسد لا يزالون العنصر الغالب في الحكومة.