وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المملكة العربية السعودية تُعيّن أول سفيرة

Saudi arabia= Reema bint Bandar al-Saud
Photo AFP

أصبحت الأميرة ريما بنت بندر آل سعود أول مفوضة دبلوماسية للمملكة العربية السعودية في 23 فبراير 2019، عندما تم تعيينها سفيراً للمملكة لدى الولايات المتحدة. فقد جعلت الأميرة التي تفخر بتعليمٍ دولي وخبرة واسعة في القطاعات العامة والخاصة والخيرية، تمكين المرأة أولوية طوال حياتها المهنية.

يأتي تعيينها وسط غضبٍ دولي على مقتل الناقد السعودي البارز وكاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي في أكتوبر 2018، والتدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، واعتقالاتٍ وتعذيبٍ مزعوم لنشطاء حقوق المرأة السعوديين.

فقد حلت محل الأمير خالد بن سلمان، الشقيق الأصغر لولي العهد الأمير محمد بن سلمان (يشار إليه في كثير من الأحيان باسم مبس)، والذي تم تعيينه نائباً لوزير الدفاع.

ولدت الأميرة ريما في العاصمة السعودية الرياض عام 1975، وأمضت معظم طفولتها في الولايات المتحدة، حيث كان والدها بندر بن سلطان آل سعود، سفيراً من عام 1983 إلى عام 2005. أجدادها هم ولي العهد الأمير سلطان من طرف الأب والملك فيصل من طرف الأم، مما يجعلها سليلاً مباشراً لعائلة ابن سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، من كلا الطرفين.

التحقت بجامعة جورج واشنطن، وتخرجت بدرجة البكالوريوس في دراسات المتاحف. عادت بعد ذلك إلى الرياض، حيث أسست مهنةً في مجال البيع بالتجزئة والإدارة.

طوال حياتها المهنية، سعت إلى دمج وتمكين المرأة، فخلال عملها لمدة سبع سنواتٍ كرئيس تنفيذي لشركة ألفا انترناشونال، وهي شركة فاخرة للبيع بالتجزئة، ساعدت في تطوير برامج تدريب شاملة للموظفات. كما عملت عن كثب مع وزارة العمل لتسهيل دخول النساء إلى سوق العمل من خلال إنشاء أول حضانة في المملكة المتحدة في مكان العمل.

في عام 2013، أسست شركة ألف خير، وهي مؤسسة اجتماعية تهدف إلى تعزيز رأس المال المهني للمرأة السعودية من خلال منهاج منظم يركز على التوجيه المهني والإدارة المهنية.

أسفر سجلها الحافل هذا في عام 2016 عن تعيينها نائبة لرئيس شؤون المرأة في الهيئة العامة للرياضة، وهي هيئة حكومية تركز على تطوير مجال الرياضة واللياقة البدنية السعودي. في هذا المنصب، أطلقت مبادرة “10KSA،” وهي مبادرة شاملة للتوعية الصحية تركز على سرطان الثدي. تضمنت جهودها فعالية مجتمعية جمعت أكثر من 10 آلاف امرأة في ديسمبر 2015 في ملعب لكرة القدم في الرياض، لتسجل رقماً قياسياً في موسوعة غينيس لتشكيل أكبر شريط بشري في العالم للتوعية الإنسانية.

لديها طفلان من الأمير فيصل بن تركي بن ناصر، وظلت متزوجة حتى عام 2012.

كسفيرة للولايات المتحدة، تواجه نواباً أميركيين عدائيين هددوا باتخاذ إجراءاتٍ صارمة ضد المملكة العربية السعودية بسبب وفاة خاشقجي وسط مزاعم بأن ولي العهد متورط شخصياً بعملية القتل.

فقد قال كريستيان أولريخسن، زميل باحث في قضايا الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس، لصحيفة الجارديان، “تعيين مبعوثٍ جديد يدل على محاولة الرياض تجربة إعادة ضبط العلاقات مع واشنطن وطي صفحة قضية خاشقجي، ولكن من غير المرجح أن يكون ذلك ملموساً، على الأقل مع الكونغرس.”

وكانت الأميرة ريما قد غرّدت عبر تويتر: “سأعمل لخدمة وطني وقادته وكافة أبنائه ولن أدخر جهداً في سبيل ذلك.”

على الرغم من مؤهلاتها الواضحة، إلا أن بعض المعلقين وصفوا تعيينها بمناورة العلاقات العامة. فقد قالت بسمة مومني، أستاذة العلوم السياسية بجامعة واترلو الكندية، لقناة الجزيرة: “[الأميرة ريما] تفهم الثقافة [الأمريكية]، وتعرف كيف تكون محاورة ذات قيمة، تمتلك جميع الصفات التي تريدها في الدبلوماسي، لا سيما في منصبٍ مثل الولايات المتحدة. لكن بالطبع، أعتقد أن هناك الكثير من الناس الذين سيرون في هذا برمته مناورةً للعلاقات العامة…. [تحتاج المملكة العربية السعودية] إلى علاقاتٍ عامة جيدة، بكل صراحة. لكن إياكم أن تخطئوا، فهي ناجحة للغاية وبليغة وتستحق المنصب.”

ومع ذلك، ليس بالضرورة أن يكون لتعيينها تأثيرٌ كبير على العلاقات الأمريكية السعودية. وبحسب ما قاله آدم كوغل، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش لـفَنَك: “في الوقت الحالي، تقف الإدارة الأمريكية بقوة لدعم محمد بن سلمان والقيادة السعودية الحالية بينما يشكك بعض أعضاء الكونغرس بشكلٍ متزايد في موقف الإدارة.” وأضاف “يتماشى تعيين الأميرة ريما مع سرد المملكة العربية السعودية بأنها تعمل على إصلاح حقوق المرأة، لكن… من وجهة نظري، يعدّ تعيينها رمزياً أكثر من أي شيء آخر لأن صناعة السياسة الأمريكية السعودية تحدث عموماً فوق مستوى السفراء. إنها خطوة في الاتجاه الصحيح حيث تم اختيار امرأة للقيام بهذا الدور البارز، لكن إلى أن تلغي المملكة العربية السعودية نظام الوصاية الذكورية، ستظل المرأة السعودية تواجه تمييزاً منهجياً. بل إن إزالة قيود السفر عن النساء السعوديات ستعتبر خطوة جيدة كبداية.”

كما أعربت الأميرة ريما عن رأي مماثل في مقابلة مع سي إن إن في يونيو 2018، بعد رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات واعتقال العديد من الناشطات في مجال حقوق المرأة، إذ قالت في المقابلة، “يسألني الكثير من الناس: هل هذا مرض انفصام الشخصية؟ هل تمضون قدماً حقاً؟ هل هذا حقيقي؟”.

وقالت إن الاعتقالات كانت مسألة “أمن قومي،” مضيفة أنها لا ترغب في التعليق أكثر، ويرجع ذلك جزئياً لكونها تعرف أسر بعض النساء المعتقلات. وفيما يتعلق بحقوق المرأة، أضافت: “لديّ في الواقع عائلة تتيح لي أن أتنقل وأكون ديناميكية، إلا أن هذا ليس واقع العديد من النساء. وإلى أن يصبح هذا واقعاً بالنسبة للعديد من النساء، أعتقد أننا بحاجة إلى مواصلة المضي قدماً.”