وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

“صانع الملوك” اللبناني، وليد جنبلاط، يحافظ على الإرث السياسي ضمن العائلة

Lebanon- Walid Jumblatt
Photo AFP

يتولى وليد جنبلاط، نجل مؤسس الحزب التقدمي الإشتراكي اللبناني العلماني كمال جنبلاط، وحفيد الأمير شكيب أرسلان، زعامة الطائفة الدرزية منذ أمدٍ طويل إلى جانب قيادته للحزب التقدمي الإشتراكي خلفاً لوالده بعد اغتياله في عام 1977. أما في الإنتخابات البرلمانية التي جرت في مايو 2018، حمل ابنه، تيمور وليد جنبلاط، راية الترشح للإنتخابات.

ترعرع وليد جنبلاط، المولود عام 1949، في أجواءٍ سياسية. درس العلوم السياسية والإدارة العامة في الجامعة الأمريكية في بيروت حتى عام 1982، ليبدأ بعدها العمل كصحفي في صحفية النهار، التي كانت آنذاك ذات توجه وسط اليسار. خاض أول تجربة سياسية حقيقة بعد عامٍ من ذلك، عندما شكّل جبهة الإنقاذ الوطني المدعومة من سوريا مع السياسي الماروني سليمان فرنجية ورجل الدولة رشيد كرامي للطعن بالرئيس المنتخب حديثاً أمين الجميل، زعيم حزب الكتائب المسيحي (الكتائب). شغل جنبلاط منصب وزير الأشغال العامة، والنقل والسياحة في حكومة الوحدة الوطنية بقيادة كرامي التي تشكلت في مايو 1984.

وهو متزوج من نورا جنبلاط، رئيسة مهرجانات بيت الدين الشهيرة التي تُقام سنوياً، فضلاً عن كونها شخصية إنسانية معروفة بإنشاء مدارس للاجئين السوريين في لبنان. لدى الزوجان ثلاثة أطفال.

في البداية، كان جنبلاط مؤيداً لسوريا، بالرغم من اعتقاده بأن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد كان له يدا في إغتيال والده عام 1977 لمواجهة التحالفات بين إسرائيل والفصائل السياسية اللبنانية. ومع ذلك، تلاشى دعمه لسوريا بعد وفاة الأسد في عام 2000، ورفض بشكلٍ متزايد النفوذ السوري في لبنان. كما لم يخشى من عزل المؤيدين الآخرين لسوريا أمثال حزب الله الشيعي، على الرغم من تصريحاته لصحيفة شيكاغو تريبيون في أغسطس 2006: “قام مقاتلوا الحزب بعملٍ جيد بتحديهم وهزيمتهم للجيش الاسرائيلي، حسناً، إلا أن السؤال الذي نطرحه هو لمن ولاؤهم: للسلطة المركزية اللبنانية القوية أم لمكانٍ آخر؟”

وفي الانتخابات العامة لعام 2009، فاز بمقعدٍ ضمن تحالف 14 آذار، وهو ائتلافٌ من المجموعات السياسية والمستقلين شُكّل في عام 2005 ممن وحدهم موقفهم المناهض لسوريا ومعارضة تحالف 8 آذار المؤيد لسوريا.

وفي أعقاب اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، ادعى أن نظام الرئيس بشار الأسد كان مسؤولاً عن إنشاء جبهة النصرة الجهادية المتطرفة. وفي مقابلةٍ له مع صحيفة الشرق الأوسط في فبراير 2015، قال: “هناك سوريون لم يكن أمامهم خيارٌ آخر سوى الإنضمام إلى هذه الجماعة. وجدوا فيها سبيلاً للإنتصار على إرهاب النظام السوري. ماذا يمكنني أن أقول لهم؟ هل أسميهم إرهابيين؟ لن أفعل ذلك. هم ليسوا إرهابيين، بالرغم من المطالب العربية والدولية بهذا الصدد.”

وعلى الرغم من إثارته للجدل في كثيرٍ من الأحيان، إلا أنه غالباً ما يُنظر إلى جنبلاط باعتباره متنفساً في عالم السياسة اللبنانية، منها على سبيل المثال مطالبته بتشريع زراعة الحشيش في عام 2014، إذ قال في مقابلةٍ له مع تلفزيون الجديد: “لم يسبق لي أن دخنت في حياتي الحشيشة، إلا أني أدعم زراعتها للاستخدام الطبي وتحسين الظروف المعيشية للمزراعين في شمال لبنان والبقاع [حيث يأتي معظم الحشيش].”

كما أن أسلوبه الفظ جعل منه أحد المشاهير على تويتر، وذلك بعد إنشاء حسابه في عام 2014. فهو يُغرّد عن كل ما يروق له من طعامة المفضل إلى الحديث عن كلبه أوسكار، وصولاً إلى السياسة الدولية والمحلية، مما أكسبه 728 ألف متابع.

وإلى اليوم، لا يزال جنبلاط يُمارس نشاطه السياسي، بالرغم من تأكيده، في مارس 2017، أن تيمور وريثه السياسي. فعلى سبيل المثال، ألقى باللوم على المملكة العربية السعودية لاستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في نوفمبر 2017. فقد قال، “إن اللبنانيين يملكون الخبرة والدراية الكافية لمعالجة امورهم عبر الحوار، ولا نريد املاءات من عبر الحدود لغير صالحهم.” وفي الشهر ذاته، دعا إلى إجراء مباحثاتٍ بين إيران والسعودية، التي تدعم الفصائل المتنافسة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، والتي أصبح الأخير ساحة مركزية لصراع قوةٍ إقليمي. كما كتب مخاطباً ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، “يا سمو الأمير، التحديات هائلة وتحديث المملكة ضرورة إسلامية وعربية. إلا أن هذه المهمة لا يمكن أن يكتب لها النجاح وحرب اليمن مستمرة.”

يبقى جنبلاط شخصيةً سياسية ذات جاذبية خاصة لها أهميتها، لا سيما بمواصلته مفاجأة الناس.