وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الأمير السعودي الملياردير حر بعد حملة “مكافحة الفساد.”

Saudi Arabia- Al-Waleed Bin Talal
الوليد بن طلال. Photo AFP

أطلق سراح الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال في 27 يناير 2018، بعد أكثر من شهرين من احتجازه من قبل السلطات السعودية. وفي مقابلةٍ له مع رويترز قبل الإفراج عنه بقليل، قال إنه يتوقع أن تتم تبرئته من جميع التهم وإطلاق سراحه خلال أيام.

ويُعرف الأمير بإمبراطوريته التجارية وعمله الخيري وكونه أغنى رجل في الشرق الأوسط على قائمة فوربس للمليارديرات. بيد أن حظوظه تغيرت عندما أعتقل في 4 نوفمبر 2017 برفقة أكثر من 200 من أفراد العائلة المالكة السعودية وكبار المسؤولين ورجال الأعمال.

فقد صدر أمر اعتقاله من قِبل ولي العهد محمد بن سلمان، بشكلٍ مباشر، وذلك بعد بضع ساعاتٍ من إصدار الملك سلمان مرسوماً ملكياً بإنشاء لجنةٍ لمكافحة الفساد يرأسها ابنه. تتمتع هذه اللجنة بسلطة التحقيق، واعتقال، وإصدار أوامر بمنع السفر، وتجميد أصول أولئك الذين تثبت عليهم تهم الفساد.
ووفقاً للمرسوم، تهدف اللجنة إلى “الحفاظ على المال العام ومعاقبة الفاسدين وأولئك الذين يستغلون مناصبهم،” على الرغم من أن العديد من المعلقين وصفوها بأنها انتزاعٌ للسلطة من قبل محمد بن سلمان.

وقال سعود المعجب، النائب العام للمملكة، إن “الحجم المحتمل لممارسات الفساد التي كشف عنها كبير جداً. واستناداً إلى تحقيقاتنا في السنوات الثلاث الماضية نقدر أن 100 مليار دولار أسيء استخدامها عبر عمليات فساد.”

ومن بين جميع المعتقلين، لربما شكل اعتقال بن طلال المفاجأة الأكبر. ولكونه قطباً تجارياً يملك مليارات الدولارات من الاستثمارات في جميع أنحاء العالم، تسبب احتجازه بزعزعةٍ في الأسواق المالية، بما في ذلك في المملكة العربية السعودية نفسها، حيث يتم إدراج مؤسسته، شركة المملكة القابضة، للتداول العام في سوق الأسهم السعودية، تداول. ووفقاً لبلومبرغ، انخفض سهم الشركة بنسبة تصل إلى 9,9% عند بداية التعاملات في الرياض يوم اعتقاله وأغلق بانخفاضٍ نسبته 7,6%، وهو أدنى مستوى له منذ يونيو 2012.

مفاوضات

بعد مضي بضعة أسابيع على الاعتقالات، بدأت السلطات السعودية التفاوض مع المعتقلين البارزين، حيث عرضت عليهم تسويات مقابل حريتهم، وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز. وذكرت صحيفة القدس العربي، التي تتخذ من لندن مقراً لها، إن بن طلال نفى الاتهامات الموجهة له بالفساد أو أي مخالفاتٍ أخرى، وعرض تقديم “تبرعٍ” للحكومة السعودية، الأمر الذي رفضته بدورها.

وذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية إنه تم نقل الأمير من فندق ريتز كارلتون في العاصمة الرياض، حيث كان محتجزاً، إلى سجن الحائر شديد الحراسة، بعد رفضه دفع المبلغ الذى طلبته الحكومة، والذي ذكرت الصحيفة أنه يبلغ 1,03 مليار دولار، كما رفض التنازل عن السيطرة على بعض شركاته الاستثمارية.

وغالباً ما يستخدم سجن الحائر جنوب الرياض لاحتجاز النشطاء السياسيين المطالبين بالإصلاح والإرهابيين أو من يُشتبه بأنهم إرهابيون. فقد احتجز رائف بدوي، وهو ناشط سعودي بارز، هناك إلى أن التفتت منظمات حقوق الإنسان الدولية لقضيته، واحتجت على الحكم المجحف الذي صدر بحقه.

رجلٌ عصامي

قبل اعتقاله، كان بن طلال، وهو ابن شقيق الملك الحالي وحفيد الملك الراحل عبد العزيز بن سعود– الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية الحديثة- الوجه الأكثر شهرةً من الأسرة المالكة السعودية بالنسبة للعديد من المدراء التنفيذيين والمستثمرين الأجانب. فقد انخفض رأس ماله، الذي قُدر في عام 2017 بـ20 مليار دولار، أكثر من ملياري دولار منذ احتجازه. ولا تزال فوربس تُدرجه ضمن قائمة أغنى 45 رجلاً في العالم، برأس مالٍ يبلغ 17,3 مليار دولار.

وخلافاً لغيره من الأمراء السعوديين، فإن بن طلال رجلٌ عصامي، فقد استخدم ثروته الموروثة وامتيازه الملكي لبناء إمبراطورية أعماله والاستثمار في جميع أنحاء العالم. فإلى جانب كونه مؤسس شركة المملكة القابضة، التي يملك فيها حصة الأغلبية، هو أيضاً أكبر مساهم فردي في سيتي جروب، وثاني أكبر مساهم يحق له التصويت في شركة توينتي فيرست سنتشري فوكس، فضلاً عن كونه يمتلك حصصاً كبيرة في سلسلة فنادق فور سيزونز، ومالك فندق سافوي في لندن، وجزء من فندق بلازا في نيويورك.

وبالإضافة إلى ذلك، يملك مجموعة روتانا، أكبر شركة ترفيهية في العالم العربي، ويمتلك حصة قدرها 10% في يورو ديزني سكا، الشركة التي تمتلك وتدير وتتولى صيانة ديزني لاند باريس. وفي ديسمبر 2011، استثمر 300 مليون دولار في تويتر، وذلك بشرائه أسهماً ثانوية من المطلعين على بواطن أمور الشركة. وأتاحت له عملية الشراء هذه حصوله على حصة تزيد عن 3% في الشركة، التي بلغت قيمتها 8 مليارات دولار في وقتٍ سابق من ذلك العام.

أعمالٌ تجارية معتادة؟

صرّح بن طلال لرويترز قبيل إطلاق سراحه: “لا توجد اتهامات. هناك فقط مناقشات بيني وبين الحكومة… بخصوص أمور متعددة لا يمكنني البوح بها الآن. ولكن تأكدوا أننا في نهاية القصة بالكامل. أشعر بارتياح شديد لأني في بلدي وفي مدينتي ولهذا أشعر أنني في بيتي. لا مشكلة على الإطلاق. كل شيء على ما يرام.”

وكانت المقابلة، التي أجريت من جناحه في فندق ريتز كارلتون، أول زيارةٍ له منذ اعتقاله. وقال لرويترز إنه قبل الطلب بإجراء المقابلة لأنه شعر بالضيق بسبب التقارير الإعلامية التي تشير إلى أنه قد أرسل إلى السجن فضلاً عن تعرضه للتعذيب، إذ قال “جميعها أكاذيب. هذا مؤسفٌ جداً.”

وعند سؤاله عن شروط الإفراج عنه والتسوية التي تم التوصل إليها، سخر من التقارير الإعلامية التي ادعت عرضه صفقة تبرئة بقيمة 6 مليارات دولار، كما أكد أيضاً عدم تنازله عن ملكية أيٍ من شركاته وعدم نقل أي أصولٍ للدولة.

الحياة الشخصية

تزوج الوليد بن طلال أربع مرات، فقد كانت زوجته الأولى ابنة عمه، دلال بنت سعود، ابنة الملك الراحل سعود، ورزق منها بطفلين: الأمير خالد، المولود في عام 1978، والأميرة ريم، المولودة في عام 1982. وبعد ذلك تطلقا. تزوج بن طلال مجدداً وبعد طلاقه مرةً أخرى، تزوج خلود العنزي. في حين كانت زوجته الرابعة أميرة الطويل، التي طلقها في عام 2014 بعد حوالي ست سنوات من الزواج. وفي مقابلةٍ له مع صحيفة عكاظ السعودية قال: “نعم، أعلنها عبر صحيفة عكاظ للمرة الأولى، لقد انفصلت رسمياً عن الأميرة أميرة الطويل، لكنها لا تزال شخصاً أكن له كل الاحترام.”

وفي مقابلةٍ له مع مجلة فانيتي فير في عام 2013، قبل طلاقه الأخير، قال: “كان لدي ثلاث زيجات ناجحة، إلا أن علاقتي جيدة جداً معهن جميعاً. فهنّ يتحدثنّ معي وأنا أتحدث إليهن. إحداهنّ والدة أطفالي.”