وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

السلطة الكبيرة التي يتمتع بها الأمير الشاب في المملكة العربية السعودية

محمد بن سلمان
الأمير محمد بن سلمان, وزير دفاع المملكة السعودية / Photo Corbis

بعد وفاة العاهل السعودي الملك عبد الله في يناير لعام 2015، بدأ أخوه غير الشقيق وخليفته الجديد، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، بسرعة إجراء تغييرات كبيرة على موظفي الحكومة والإدارات. السرعة التي تم فيها الكشف عن الوجه الجديد للحكومة فاجأ السعوديين، إلا أن أياً من هذه القرارات كان أكثر دهشةً بالنسبة للسعوديين من تعيين ابن الملك الأصغر، محمد بن سلمان في منصب وزير الدفاع الجديد.

وبعمر الثلاثين عاماً، على أغلب تقدير، يمكن لمحمد بن سلمان أن يتباهي لكونه أصغر وزير للدفاع في العالم. وبالإضافة إلى هذا المنصب المتنفذ، تم تعيينه أيضاً رئيساً للديوان الملكي، مما يمنحه السلطة الكاملة للوصول إلى الملك، أي لا يستطيع أحد مقابلة الملك دون موافقته.

كما تم تعيينه رئيساً لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية (CEDA)، وهي مؤسسة ضخمة تابعة لمجلس الوزراء وتشرف على جميع شؤون التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، من الرعاية الصحية إلى التعليم والسياسات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى. وتعتبر هذه مسؤولية هامة جداً، إذ تعاني المملكة من مشاكل اجتماعية واقتصادية جمّة، منها ارتفاع معدل البطالة بين الشباب، حيث أنّ ما يقرب من 29% من الشباب السعودي في الفئة العمرية بين 16 و29 عاطلون عن العمل.

كما أنّ محمد بن سلمان عضو دائم في المؤسسة الكبرى الأخرى التي استحدثها الملك الجديد، مجلس الشؤون السياسية والأمنية، برئاسة ابن عمه الأمير محمد بن نايف وليُّ وليِّ العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية. ومنح الأمرين تفويضاً مفتوحاً لتنظيم شؤون المملكة، وإدخال أساليب جديدة وفعّالة، وجعل الحكومة أكثر شفافية أمام الجماهير العامة المزدهرة.

محمد بن سلمان هو الفرد الوحيد من أفراد العائلة المالكة الذي يرأس أو يتربع على رأس هذه المؤسسات التي أنشأت حديثاً؛ إذ يمنحه هذا الوصول إلى الموارد الهائلة المطلوبة لإعداده كملك في المستقبل. ويُعتبر بذلك، بكل المقاييس، النجم الصاعد في الأسرة الحاكمة.

حصل الأمير محمد، ابن الزوجة الثانية للملك (وله شقيق واحد فقط من والدته) على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود في الرياض عام 2008. وبعد تخرجه، بقي مقرباً من الديوان الملكي وصان شؤون والده وسرعان ما أصبح الذراع اليمني للملك الحالي. ويعتبر الأمير محمد من القلائل من أفراد الأسرة الحاكمة من أبناء جيله ممن لم يكملوا تعليمهم في الخارج ولم يسبق له أن عيّن في منصب حكومي جدير بالملاحظة كما أنّ ليس لديه أي خبرة عسكرية.

ويقول الخبير في شؤون الإرهاب المحلل السياسي السابق في السفارة السعودية بالعاصمة الأمريكية فهد ناظر “حقيقة إن الملك سلمان قد منح هذه المناصب الثلاثة المهمة للغاية لواحد من أبنائه الصغار تدل على ثقة الملك في قدرات الأمير محمد“. وأضاف: “الحقيقة هي أن [محمد] غير معروف في المملكة العربية السعودية أيضًا. لا يبدو أن الناس هناك يعرفون الكثير عنه”.

ومع ذلك، يقول البعض أنه يتمتع بسمعة بكونه عدوانياً، وطموحاً، وإصراره على الخطأ. وعبّر أحد زملاء الأمير محمد في قسم القانون بجامعة الملك سعود عن رأيه بالأمير الشاب حيث ذكر أنه كان طالباً جاداً ولا يقبل بأقل من درجة ممتاز. وأضاف “إذا ما حصل على درجة أدنى لمشروع أو تقرير قدمه، كان يُعيد عمله مراراً وتكراراً إلى أن يحصل على درجة ممتاز. ومن الصعب تمييزه كأمير ما لم يخبرك بذلك أحد. تفانيه في التعليم وتواضعه ميّزه عن الكثيرين الذين يأتون من الأسر الغنية الكبيرة. كان الأمر يبدو وكأنه يحاول إثبات أمر ما أو الوصول إلى مكان ما أو وكأن لديه مهمة لتعلم كل ما في وسعه ليكون مستعداً لتحقيق بعض الأهداف في المستقبل. لا أعتقد أنك ستجد العديد من الأشخاص ممن يمكنهم القول أنهم يعرفونه حق معرفة. ولكونه شخصية منعزلة وجادة، لا يبدو أنه كوّن الكثير من الصداقات.”

ومن خلال عمله الوثيق مع والده، يبدو أنّ الأمير الشاب تعلّم الكثير خلال العقد الماضي، إلا أنه لا يملك سوى خبرة قليلة في ساحة المعركة. وفي الهجوم الحالي الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي في اليمن، يظن الكثير أنّ دوره يقتصر على الترويج للحرب دون وضع الأسس التكتيكية للمعركة.

ويقول توماس ليبمان، وهو باحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن أنّ الأمير محمد قوة شابه لا يُستهان بها. وأضاف ليبمان “تخيل لو أن شخصاً في واشنطن أصبح بين عشية وضحاها وزيراً للدفاع ورئيساً لموظفي الرئيس في وقت واحد.” وألمح ليبمان إلى أن قرار الملك سلمان النهائي بالتدخل في اليمن قد جاء بعد أن أقنعه الأمير محمد بالقيام بذلك، وعلى الرغم من مخاوف وزير خارجية البلاد، الأمير سعود الفيصل.

وفي التغطية الإعلامية السعودية للصراع الحالي، تمت الإشادة بالأمير محمد كقائد للجيل الأصغر من السعوديين الذين لا يخافون الرد. ومنحه دعمه السابق للعديد من الجمعيات الخيرية الموجهة للشباب تأييداً كبيراً من جيل الشباب في المملكة الأصغر سناً، الذي يشكلون غالبية قاعدته الجماهيرية. كما أنشأ مستخدموا وسائل التواصل الإجتماعي صفحة للمعجبين بالأمير محمد ويقومون بتحميل مئات الصور للأمير الشاب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وذلك تقديراً لدوره كقائد للعملية العسكرية.

ولكن لا ينطبق هذا على جميع السعوديين. ويرى المعارض السعودي علي الأحمد، مدير مركز دراسات الخليج في واشنطن أن “قرار تعيين الأمير محمد بن سلمان ووزيراً للدفاع أمر يبعث على السخرية. فقبل نحو ثلاث سنوات بدأ عمله في وظيفة حكومة اعتيادية والآن أصبح وزيراً للدفاع، فهو لا يملك أي خبرة على الإطلاق لإدارة شؤون الوزارة. وهومعروف بغطرسته ولا مبالاته دون تمتعه بأي مسؤولية، إذ يقوم بذلك لأنه ابن سليمان ولديه شعور قوي بجدارته لهذا المنصب. أعتقد أنه سيواجه الكثير من المشاكل في إدارته لوزارة الدفاع.”

ومع المخاوف بأنّ يطول الصراع مع اليمن، قد يتوقف مستقبل الأمير محمد على نتيجة هذا القتال. وإذا ما نجحت المملكة في تحقيق أهدافها، لإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى سدّة الحكم واحتواء الحوثيين في شمال اليمن، فلربما سيدعم الأمير الشاب حقه كملك للمستقبل.

أما إذا فشلت الحملة، فيقول ليبمان إن “موقف الأمير محمد سوف يصبح ضعيفاً”.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles