وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

رشيد نكاز، سياسي جزائري غير تقليدي

رشيد نكاز
رشيد نكاز. Photo Agence Vu

رشيد نكاز، رجل أعمال جزائري، وناشط ومرشح سابق للانتخابات الرئاسية، إذ يعتبر أحد قلائل زعماء المعارضة ممن يتمتعون حالياً بشعبية بين الناخبين الشباب. ففي بلدٍ يتجاوز فيه صناع القرار الستين عاماً، تمكّن نكاز، البالغ من العمر 44 عاماً، من التواصل مع الشباب، والانخراط معهم دون كللٍ أو ملل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمبادرات المبتكرة والمواظبة على تبادل الرسائل.

ولد في 9 يناير 1972 في فرنسا لأبوين جزائريين مهاجرين، ودرس التاريخ والفلسفة في جامعة السوربون قبل أن يجمع ثروته من ريادة الأعمال في عالم التكنولوجيا، ليخوض بعد ذلك في مجال العقارات والاستثمار. بدأ رحلته كناشط في باريس، حيث شارك في تأسيس عددٍ من الجمعيات لتشجيع التصويت الآلي والتعليم.
جذب أنظار العامة إليه لأول مرة كمرشحٍ محتمل للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2007. ومع ذلك، فشل في تأمين موافقات البلديات الـ500 اللازمة، إذ كان ينقصه 13 موافقة. ادعى تعرّض أنصاره لضغوطاتٍ لسحب دعمهم، واقتحام مكتب حملته وسرقة جهاز حاسوب يحوي قاعدة بيانات مؤيديه السياسيين.
ترشح في وقتٍ لاحق للانتخابات التشريعية عام 2007 والانتخابات البلدية عام 2008 دون أن ينجح في أي منهما.

تصدر عناوين الأخبار عام 2010، عندما أنشأ صندوقاً بقيمة مليون يورو لدفع غراماتٍ عن النساء اللواتي يخترن ارتداء النقاب في الدول التي تحظر ارتدائه علناً بما في ذلك فرنسا.

عاد مجدداً للترشح في الانتخابات عام 2011، ولكن هذه المرة عن الحزب الاشتراكي، إلا أنه لم يتخطى الانتخابات التمهيدية.

المرشح الرئاسي الجزائري

في عام 2013، أعلن نكاز تخليه عن الجنسية الفرنسية من أجل الترشح في الانتخابات الرئاسية الجزائرية لعام 2014. ركزت حملته الانتخابية على بعض القضايا، منها:

  • نقل العاصمة إلى ولاية الجلفة، وهي مدينة داخلية تبعد حوالي 300 كيلومتر، في محاولةٍ للتخفيف من الاكتظاظ في العاصمة الحالية، الجزائر.
  • إلغاء الخدمة العسكرية وتكوين جيش احترافي.
  • وتخصيص منحة عشرة آلاف دينار للعائلات الفقيرة.
  • والتبرع براتبه الرئاسي إذا ما فاز.

برز نكاز كمرشحٍ عصري يؤمن بمقدرة الشباب والإمكانات الاقتصادية في الجزائر، وذلك بفضل موارد البلاد البشرية والطبيعية التي تتخطى النفط والغاز. فقد استفاد على أكمل وجه من وسائل التواصل الاجتماعي ولديه ما يقارب المليون إعجاب على صفحته على الفيسبوك، أي ما يقارب الصفحة الرسمية للرئيس عبد العزيز بو تفليقه التي تتضمن 1,03 مليون إعجاب.

ومع ذلك، يشكك الكثيرون في نواياه، نظراً لإخفاقه السياسي في فرنسا، حيث اتهموه بأنه بعيد كل البعد عن واقع الجزائريين العاديين. حتى أنه تعرّض للسخرية على التلفزيون الوطني الجزائري لعدم فصاحته باللغة العربية وعدم قدرته على غناء النشيد الوطني، التي تعدّ من الضروريات لدى الجزائريين القوميين.

وفي 5 مارس 2014، فشل في تقديم التواقيع المطلوبة للتحقق من صحة ترشحه. فقد أعلن أن الحافلة التي تحوي التوقيعات والتي كان يقودها شقيقه اختفت قبل لحظاتٍ من انتهاء مهلة تقديم الملف. وعلى الرغم من أنّ المجلس الدستوري منحه وقتاً إضافياً، إلا أنه فشل في استعادتها. وتكهن العديدون أنه لم يحصل في الأصل على عدد التوقيعات المطلوبة، وأنه اخترع قصة اختفاء الحافلة لتجنب الإحراج السياسي. ومع ذلك، شهد الاعتصام الذي قام بتنظيمه في وسط العاصمة الجزائر احتجاجاً على الحادثة حضوراً جيداً.
وبالرغم من ذلك، استغل نكاز حملته الانتخابية لتمويل تأسيس حزبٍ سياسي أسماه حركة الشباب والتغيير. ولا يزال الحزب ينتظر الحصول على التراخيص من السُلطات الجزائرية.

المشي من أجل التغيير

منذ عام 2014،، ازدادت شعبية نكاز في الجزائر، سيما بين الشباب. سلوكه “الباهر،” الذي يتناقض بشكلٍ صارخ مع نهج غالبية السياسيين الرسمي والمحافظ، ساعد دون أدنى شك بتأييد فكرته. فبدلاً من الخطب السياسية والتجمعات التقليدية الحماسية، اعتمد نكاز على إمكانية وصوله إلى المبادرات الجماهيرية وغير التقليدية. فبعد أن بنى سمعته كناشط في مجال حقوق الإنسان في أوروبا، أطلق مبادرةً للمشي؛ التنقل سيراً على الأقدام في جميع أنحاء الجزائر مع مجموعة من مؤيديه، والتوقف في القرى النائية وتناول الطعام والنوم في منازل السكان المحليين المتواضعة. فقد سار ألف و300 كيلومتر إلى مدينة عين صالح الواقعة أقصى الجنوب، حيث انضم للإحتجاجات الرافضة لاستغلال الغاز الصخري. ومشى في وقتٍ لاحق 700 كيلومتر أخرى نحو شرق البلاد، فيما أسماه المشي من أجل التغيير السلمي.

حظيت مبادرته بشعبية كبيرة إلى درجة أن الناس باتوا يربطون “المشي” بنكاز في نكاتهم. وعلاوة على ذلك، فقد قاد حملة لمكافحة الفساد، محتجاً أمام ممتلكات المسؤولين الجزائريين باهظة الثمن في فرنسا مطالباً إياهم بالكشف عن مصادر دخلهم. وفي الآونة الأخيرة، عندما منعت السُلطات الجزائرية رجل الأعمال والقطب الإعلامي,يسعد ربراب, من شراء مؤسسة الخبر الإعلامية، بدعوى أن القانون يمنع امتلاك هيئة واحدة لأكثر من صحيفة يومية واحدة، عرض نكاز شراء المؤسسة تضامناً مع ربراب، على الرغم من عدم وجود أي صلة ظاهرة بين رجلي الأعمال.

وعلى الرغم من انتشار إنعدام ثقة الجزائريين بسياسييهم، إلا أن نكاز كان قادراً على التواصل مع القواعد الشعبية، وبخاصة الشباب العاطلين عن العمل. وبالتالي، خفت حدة الشكوك تجاهه، وذلك بفضل مواظبته على تبادل الرسائل ورفضه التخلي عن معتقداته. فلطالما تعرض للخداع في برامج الكاميرا الخفية على التلفزيون الوطني، إلا أن ردود فعله، بالرغم من عدم معرفته بوجود الكاميرات، أقنعت المشاهدين بحبه الحقيقي لبلاده.

فمبادراته غير التقليدية لم تنصبه فحسب رجل الشعب، بل زادت أيضاً من فهمه للمجتمع الجزائري، والتصدي للانتقادات المتكررة التي تطاله بكونه غني وأجنبي لا يمكن التواصل معه. ولسوء الحظ بالنسبة له، وبما أن الدستور الجديد يمنع الجزائريين الذين عاشوا آخر عشر سنواتٍ خارج البلاد من الترشح للانتخابات الرئاسية، باتت فرصه السياسية ضئيلة. وبما أن ترخيص حزبه لا يزال معلقاً، فقد أعلن أنه سيقوم بتنظيم ترشح أنصاره للانتخابات كمستقلين.

ومع استعداد الجزائريين للانتخابات التشريعية والبلدية لعام 2017، سيحتاج نكاز، الذي يعني اسمه بالعربية الجزائرية الرجل الذي يقفز، فترة استعدادٍ طويلة إذا ما أراد نقل نشاطه السياسي إلى المستوى التالي.