وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

صادق لاريجاني، رئيس السُلطة القضائية الإيرانية في خدمة المرشد الأعلى

 صادق لاريجاني
صادق لاريجاني. Photo Wikipedia

منذ أغسطس 2009، يخدم صادق لاريجاني كرئيسٍ للسلطة القضائية الإيرانية، والذي عيّنه المرشد الأعلى علي خامنئي. وهو واحدٌ من خمسة أشقاء لعائلة لاريجاني، التي تُلقب أيضاً بـ”أسرة كينيدي الإيرانية،” إذ يشغلون جميعهم مناصب مرموقة في مختلف أنحاء المؤسسات الإيرانية الحكومية، فضلاً عن كونهم تربطهم علاقاتٌ قوية من الناحية السياسية ومن خلال المصاهرة مع خامنئي وحاشيته. الفيلسوف الورع ورجل الدين المحافظ، صادق لاريجاني، تعلّم الانجليزية بنفسه بعد اتقانه لغة القرآن العربية من أجل فهمٍ أفضل ومكافحة ما يسميه “الغزو الثقافي الغربي.” زوجته هي ابنة آية الله العظمى حسين وحيد الخراساني، أحد معلميه السابقين وأحد القيادات الدينية المتبعة على نطاقٍ واسعٍ في البلاد، والذي تعتبر قراراته مُلزمة من قِبل المتدينيين الشيعة، والذي بدوره يضع لاريجاني وعائلته في مصافي الدوائر الدينية الداخلية الإيرانية.

صادرق لاريجاني، المولود عام 1960، هو نجل آية الله العظمى هاشم الآملي. وباعتباره أحد المفكرين، درس اللاهوت والفلسفة المقارنة بالحوزة العلمية في مدينة قم، حيث أصبح يُدرّس كمحاضرٍ رئيسي لقادة الحرس الثوري. جذب الأنظار إليه لأول مرة عام 1988، في سلسلةٍ من المنشورات التي انتقد فيها المفكرين الإسلاميين المشهورين أمثال عبد الكريم سروش والرئيس السابق علي خاتمي، فضلاً عن نشره ترجماتٍ وانتقاداتٍ للفلاسفة الأجانب، ووفقاً لسيرته الشخصية، تكريس جهوده لمحاربة “الغزو الثقافي” الغربي، وتعزيز أهداف الجمهورية الإسلامية.

وفي عام 1988، انتخب لاريجاني نائباً في مجلس خبراء القيادة الثالث. وفي عام 2001، تم تعيينه في مجلس صيانة الدستور كأحد أصغر الأعضاء. وخلال فترة وجوده في مجلس صيانة الدستور، حيث كان مسؤولاً عن الموافقة على القوانين المتعلقة بالانتخابات الإشرافية، تجنب لاريجاني الظهور العلني والمقابلات. فقد شكل تعيينه في عام 2009 من قبل المرشد الأعلى بصفته رئيس السلطة القضائية في الأشهر التي تلت احتجاجات الحركة الخضراء، مفاجأةً، ذلك أن لاريجاني كان يفتقر إلى الخبرة في الشريعة الإسلامية المطلوبة لمثل هذا المنصب. ومع ذلك، كان تعيينه وسيلةً يستطيع من خلالها خامنئي بسط سيطرته على لاريجاني، وبالتالي، على النظام القضائي ككل. لم تساعد هذه الخطوة التصور المستمر بافتقار النظام القضائي إلى المصداقية والحياد، فقد جاء تعيينه عام 2009 بعد رد فعل الحكومة المبدئي ضد محتجي الحركة الخضراء، حيث أشرف لاريجاني على معظم المحاكمات التي أدت إلى عقوباتٍ قاسية.

فبعد توليه منصبه بفترةٍ قصيرة، عيّن لاريجاني سعيد مرتضوي بمنصب نائب المدعي العام، الذي ارتبط اسمه فيما بعد بتعذيب وقتل المتظاهرين والصحفيين المناهضين للحكومة، مما أكسبه لقب “جزار الصحافة.” وفي عام 2010، وجد البرلمان الإيراني مرتضوي مسؤولاً عن عشرات الانتهاكات لحقوق الإنسان ومقتل ثلاثة معتقلين في مركز احتجاز كهريزك. وفي نوفمبر 2016، حُكم عليه بالجلد 135 جلدة بتهم فسادٍ مالي.

وفي وقتٍ لاحق، أصدر الاتحاد الأوروبي عقوباتٍ بحق صادق لاريجاني عن انتهاكات حقوق الإنسان، محملاً إياه المسؤولية بصفته رئيساً للسلطة القضائية لموافقته على العقوبات القاسية بحق السجناء. شمل ذلك تنفيذ عقوبات الإعدام، بما في ذلك بحق الأحداث، فضلاً عن العقوبات الجسدية، التي يسمح بها القانون الإيراني. ومع ذلك، لم تؤدي الإدانة الدولية إلى إقالة لاريجاني، كما مهدت الفترة التي قضاها في منصبه الطريق أمام قوات الأمن لمواصلة الاعتقالات التعسفية والاضطهاد بحق المحامين والشخصيات السياسية والنشطاء والمواطنين مزدوجي الجنسية على أعلى معدلٍ منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وعلاوة على ذلك، بيّنت إجراءات لاريجاني أثناء توليه منصبه مدى هيمنة المرشد الأعلى على جميع جوانب السياسة الإيرانية، بما في ذلك معاقبة وإعاقة مختلف الأحزاب السياسية. ومن الأمثلة على ذلك، الإغلاق غير المسبوق لحزب الثقة الوطنية، واعتقال السياسيين البارزين وأفراد أسرهم. ولكونه رئيس السلطة القضائية، أعاق لاريجاني باستمرار سُلطة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عندما فقد الرئيس شعبيته أمام المرشد الأعلى. شمل هذا إلقاء القبض على المستشار الإعلامي السابق للرئيس أحمدي نجاد، علي أكبر جوانفكر، وإنكار حق الرئيس السابق بالعفو أو بالوصول إلى السجون السياسية حيث يتم احتجاز الأفراد المؤيدين والمعارضين، على حد سواء، لأحمدي نجاد. وبالمثل، قوّض لاريجاني الإدارة الواقعية والأكثر انفتاحاً دولياً للرئيس حسن روحاني من خلال معارضة رفع الحظر القانوني على وسائل التواصل الاجتماعي، والتفسير الأكثر تحرراً للقوانين المتعلقة بحشمة المرأة، والإعلام الأكثر انفتاحاً.

وإلى يومنا هذا، وجد أن القضاء في ظل قيادة لاريجاني مشحونٌ بفسادٍ واسع النطاق، باعتراف المرشد الأعلى، مما أدى إلى إقالة القضاة والمحامين، والذي يمثل أيضاً المعركة المستمرة على السُلطة بين مختلف الفروع السياسية والتحالفات. وعلاوةً على ذلك، أثار تدهور صحة خامنئي البالغ من العمر 77 عاماً، تساؤلاتٍ حول من سيقع عليه الاختيار ليكون الزعيم القادم لإيران. فقد ورد اسم صادق لاريجاني، مع علاقاته القوية ومنصبه، عدة مراتٍ باعتباره منافساً محتملاً.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles