وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الاعلام العربي تحت وطأة مراقبة اكثر صرامة

Yemeni journalists protest
صحافيون في اليمن يتظاهرون ضد قرار المحكمة المصرية باعتقال عدد من صحافيي الجزيرة, صنعاء,اليمن, يونيو 2014. Photo Corbis

هل أصبحت وسائل الإعلام العربية ضحية الاستقطاب السياسي في منطقة مضطربة، أم هل من الممكن وجود وسائل إعلام مستقلة لا تتبع أجندات إحدى القوى الرئيسية في المنطقة؟

يشُك المراقبون في أنهم سيرون مؤسسات إعلامية محايدة تتمتع بدرجة معقولة من الحرية دون تدخل من السلطات، مُشيرين إلى إغلاق شبكة أخبار العرب، ومقرها البحرين، والمملوكة للمياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، حيث يُناقش مؤسسي الشبكة نقل مقرها إلى اسطنبول.

القناة التي تعهدت بنقل تغطية موضوعية لجميع القضايا في المنطقة، تم إغلاقها في نفس اليوم الذي شهد انطلاقها على الهواء، أي في الأول من فبراير 2015، حيث اتهمتها السلطات في البحرين في الفشل بالالتزام بالمعايير السائدة في دول الخليج في مكافحة التطرف. وفي الحقيقة، أغلقت المنامة الشبكة بسبب لقاءٍ أجرته مع زعيم للمعارضة الشيعية في البحرين.

وأثار قرار تعليق شبكة العرب تساؤلات بين النشطاء والإعلاميين في العالم العربي حول الاتجاه الذي تسلكه حرية الإعلام في المنطقة المضطربة، التي نادراً ما شهدت مثل هذا الاستقطاب السياسي. حتى أنّ الجمهور المعتدل ناقش الحادثة على شبكات وسائل التواصل الاجتماعي.

ووصف خالد الشقران، مدير مركز الرأي للدراسات ومقره عمّان، غالبية وسائل الإعلام في الشرق الأوسط وشمال افريقيا كدعاة للأنظمة أو للمواقف السياسية الوطنية، وقال أن المؤسسات الإعلامية مُثقلة بالدفاع عن العقائد الدينية للبلدان في المنطقة.

“بعد الربيع العربي عام 2011، بدا أن الصحافة حررت نفسها من هيمنة الأنظمة، ولكن للأسف فشلت جميع المحاولات، ويرجع ذلك إلى تحويل مسار الثورات في معظم البلدان” صرّح الشقران لموقعنا.

وقال أن وسائل الإعلام العربية قد بدأت بإرسال رسائل موجهة نحو الطائفية، وبأن معظم وسائل الإعلام تتبع هويّات فرعية داخل البلد الواحد. وأضاف أن وسائل الإعلام العربية قد لعبت أيضاً دوراً رئيسياً في إشعال الصراعات الطائفية في المنطقة.

ويرى اختصاصي الإعلام المصري أيمن الصياد، الذي يعمل أيضاً ككاتب عمود، أن العرب كانوا ضحية الاستقطاب السياسي في المنطقة، متهماً أولئك الذين قرروا إغلاقها لعدم تمكنها من توفير تغطية موضوعية لقضايا حاسمة في البلدان العربية.

“فقط في العالم العربي ترى الدولة تربط علاقاتها الخارجية بنوع المحتوى الذي يُبث على القناة الجديدة. في العالم العربي، لن تتواني أي دولة في أن تطلب من دولة أخرى وقف بث قناة معينة” كتب الصياد على صفحته على الفيسبوك في اليوم التالي لمنع بث الشبكة في البحرين. ويصّر الكاتب، الذي كان يعمل كمستشار خاص للرئيس المصري السابق محمد مرسي، بأنه لا توجد وسائل إعلام حرة في العالم العربي.

“كقاعدة عامة، لا يوجد وسائل إعلام مستقلة 100% في العالم. فهناك دائماً سيد له كلمة الفصل فيما يتوجب نشره وكيفيه نشره. ولا يمكن استثناء وسائل الإعلام العربية من هذه القاعدة”. يقول محمود العبد، مدير تحرير صحيفة جوردان تايمز.

وأخبر العبد موقعنا في تصريحات خاصة أنه على أرض الواقع، تجبر الصراعات في المنطقة والقضايا المعقدة التي تضطر وسائل الإعلام العربية إلى التعامل معها على أساس يومي، على تسليط الضوء على مصداقية واستقامة ونزاهة هذه المنافذ الإعلامية باستمرار.

ولكن يرى جهاد الخازن، الكاتب في صحيفة الحياة اللندنية، أن القناة أخطأت باستضافة شخصية بحرينية معارضة، الذي وفقاً للخازن، عمد مراراً وتكراراً إلى إهانة قيادة هذه الدولة الخليجية الصغيرة. “هذه ليست صحافة أو إعلاماً مسؤولاً، هذا غباء” صرّح الكاتب المخضرم على الفيسبوك. وأثار تصريح الخازن العشرات من التعليقات، حيث اتفق البعض على أنه يتوجب على القنوات الإخبارية لعب دور مسؤول، سيما عندما يتعلق الأمر بمصالح الدول العربية، الذين كما يقولون، مضطرون إلى التعامل مع التطرف وتدخل إيران في المنطقة. في حين اتهم لايق عبد الإله القناة بالتصرف بحماقة باستضافة شخصية معارضة بحرينية ممن “يتبع أوامر أسياده في إيران”.

ومع ذلك، علّق آخرون، أن القناة اتسمت بالموضوعية، حيث عمدت في وقتٍ لاحق من ذات اليوم باستضافة مسؤول بحريني للتعليق على مطالب زعيم المعارضة. ووفقاً لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي، يميل السياسيون في المنطقة إلى تجاهل الرأي الآخر.

وتُشير التقارير والمحللين إلى أن حرية وسائل الإعلام في الدول العربية باتت أكثر تقييداً مما كانت عليه قبل بضع سنوات، أي قبل الربيع العربي عام 2011. ويؤكد بعض الخبراء أن الأنظمة العربية في الوقت الحالي تُسيطر على وسائل الإعلام بوصفها أداة للدفاع عن سياساتها أو كجزء من الحرب السياسية التي تخوضها ضد بعضها البعض.

وذكر تقرير صادر عن الإتحاد العام للصحفيين العرب في مايو 2015 بعنوان “حالة الحريات الصحفية فى العالم العربى (2014-2015)” أن التغييرات السياسية والإضطرابات في أعقاب احتجاجات عام 2011 أدت إلى تدهور حرية الصحافة في البلدان الـ17 التي شملتها الدراسة، حيث ورد أن “الحرية العامة، والسياسية، والصحفية باتت مقيدة مقارنة بالحقبة السابقة، وبخاصة في السنتين السابقتين للربيع العربي”.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles