وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

اسرائيل تنقلب على خطة طالبي اللجوء

Specials- African refugees in Israel
المهاجرون الأفارقة يتظاهرون خارج سفارة رواندا في مدينة هرتسليا الإسرائيلية. Photo AFP

منذ أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فبراير 2018 عن خطته لترحيل المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء إلى رواندا وأوغندا، واجهت الحكومة ضغوطًا من العديد من شرائح المجتمع الإسرائيلي (أنظر مقال فَنَك بتاريخ فبراير 2018). فقد تمثل الاتفاق المحتمل ما بين الحكومة الاسرائيلية ورواندا وأوغندا بقبول طالبي اللجوء من اسرائيل مقابل 5 آلاف دولار عن كلٍ منهم. وعليه، تحدت جماعات الدفاع التي تعمل بالنيابة عن المهاجرين الخطة في المحكمة العليا في اسرائيل، لتظفر في 15 مارس بتعليقٍ مؤقت لتنفيذها. كما كتب الناجون من الهولوكوست رسائل مفتوحة إلى رئيس الوزراء، وعبر كل من المعلمين والأطباء والمنظمات الحاخامية الأمريكية عن قلقهم.

وبشكلٍ غير متوقع، أعلن نتنياهو في 2 أبريل عن خطةٍ جديدة تم إعدادها مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، والتي تسعى من خلالها إلى إرسال 16,250 مهاجر إلى دولٍ غربية، وهي كندا وألمانيا وإيطاليا، إلى جانب توفير تصاريح إقامة لباقي المهاجرين البالغ عددهم 16,250 في إسرائيل. وسيسمح للمهاجرين الذين تستوعبهم الدول الغربية بالعمل في إسرائيل إلى حين مغادرتهم، في حين سيمنح من تبقوا وضعاً قانونياً وتأشيرة دخول، والإقامة في نهاية المطاف. فقد ألمح نتنياهو أن رواندا خضعت لضغوطٍ من قبل منظمة صندوق اسرائيل الجديد (وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تشجع المساواة والعدالة لجميع الاسرائيليين) وشخصيات أخرى من الاتحاد الأوروبي؛ وبالتالي، انسحب من الاتفاق الأصلي. ويدعي رئيس الوزراء أنه لم يعد أمامه خيار آخر سوى إيجاد “حل أفضل” للمهاجرين.

وعليه، أثنى أعضاء الكنيست ميخال روزين وموشيه راز من حزب ميرتس اليساري على الخطة الجديدة علناً، واصفين إياها بـ”أفضل اللحظات والفوز غير القابل للنقاش بالنسبة لطالبي اللجوء والمجتمع الاسرائيلي ككل.” كما أشاد أيضاً مدافعون آخرون مثل منظمة الخط الساخن للعمال المهاجرين وأطباء من أجل حقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية في إسرائيل، وجمعية حقوق المواطن في اسرائيل، ومركز تطوير اللاجئين الأفارقة، بالخطة الجديدة.

ومع ذلك، لم يكن الجميع سعداء، مما أجبر نتنياهو على الإنقلاب مرةً أخرى. فقد كتب في منشورٍ له على موقع فيسبوك في الثاني من أبريل أنه سيعلق الخطة الجديدة إلى أن يلتقي بمندوبين من جنوب تل أبيب، حيث يعيش العديد من طالبي اللجوء الأفارقة. كما أعلن أن إسرائيل ستنشىء هيئة لتنفيذ “خطة إعادة تأهيل” في جنوب تل أبيب وتشجيع المهاجرين الأفارقة على الخروج من المنطقة. وتؤيد الجماعات الداعمة للمهاجرين الاقتراحات بتدريب المهاجرين على الوظائف في مجالات الطاقة الشمسية والزراعة والري، والتي سيتم تقديمها بالتعاون مع المفوضية. وقال لاري بوتنيك الممثل المباشر في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إن أحد الأهداف هو تدريب طالبي اللجوء في قطاعات يتمتعون فيها بميزة تنافسية.

وتوضيحاً لتغيير رأي نتنياهو بالقضية، كتب المعلق والصحفي الاسرائيلي بن درور يميني: “لم يحظى [نتنياهو] بدعم شعبه لهذه الخطة مع المفوضية. بل إن مؤيدي نتنياهو المتعصبين يُعارضون إلى حدٍ كبير السماح بوجود هذه الأعداد الضخمة من المهاجرين داخل البلاد. كما أنه أهمل مشاركة خطته مع أعضاء رئيسيين في حزب الليكود وحلفائه في الائتلاف. فقد وصف وزير التعليم نفتالي بينيت صفقة نتنياهو لإبقاء أكثر من 16 ألف مهاجر في إسرائيل بـ”جنة المتسللين.” وادعى أيضاً أن الخطة الجديدة قد انهارت بسبب الحملة الإعلامية ضد الخطة الأصلية، التي كانت “عادلة.” كما عارض العديد من كبار الوزراء الآخرين الاتفاق الجديد مع المفوضية.

وعليه، خضع نتنياهو لضغوط ائتلافه والحملة الإعلامية، تاركاً طالبي اللجوء وسكان جنوب تل أبيب في حالةٍ من عدم اليقين ودون خطةٍ ملموسة للتعامل مع طالبي اللجوء في إسرائيل.

فقد تقلص عدد اللاجئين البالغ عددهم 39 ألفاً بسبب التلاعب في مصيرهم في ظل الانقسام السياسي ولا يزال مصيرهم في عالم الغيب. وبالتالي، اندلعت المظاهرات مما زاد من الضغوطات على الحكومة لإيجاد حل. ومن المفارقات، أن المهاجرين لم يعودوا يواجهون الترحيل بعد الآن، لأن اتفاق نتنياهو مع الأمم المتحدة يعترف بهم فعلياً باعتبارهم لاجئين. وهذا يعني أنه لا يمكن إبعادهم بموجب القانون الدولي ولا يمكن إبطال الاعتراف بكونهم لاجئين. بل إن انهيار الصفقة لا يترك لهم حلاً قانونياً ذلك أن جميعهم مهاجرين غير نظاميين ولا تملك إسرائيل عملية ثابتة لتحديد وضع طالبي اللجوء.

ومن المثير للسخرية أن البلاد التي بُنيت بأيدي اللاجئين اليهود لا تملك سياسةً للتعامل مع اللاجئين غير اليهود.