وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

القانون المصري الجديد لمكافحة الإرهاب: مقياس جائر؟

egypt new antiterror law journalists protest
الصحافيون يتظاهرون أمام نقابتهم في وسط القاهرة,مصر, 10 يونيو 2015. Photo Flickr/Belal Darder

شهدت مصر تصاعداً في الهجمات الإرهابية في أواخر يونيو وأوائل يوليو لعام 2015، ففي 29 يونيو، تم اغتيال النائب العام هشام بركات بتفجير سيارة مفخخة. وفي الأول من يوليو، قتلت اعتداءات متزامنة على مواقع ومواكب تابعة للجيش في منطقة شمال سيناء، التي تشهد توتراتٍ مؤخراً، عشرات الجنود.

وفي أعقاب الهجمات، مرر مجلس الوزراء على عجل قانون مثير للجدل لمكافحة الإرهاب. ودافع رئيس الوزراء، ابراهيم محلب، عن هذه الخطوة، قائلاً أنّ مصر “في حالة حرب حقيقية” وأضاف أن القانون من شأنه أن يوفر “ردعاً سريعاً وعادلاً للإرهاب.” وسيتم إرسال مشروع القرار، بعد مراجعته من قِبل السلطات القانونية، إلى الرئيس للموافقة النهائية عليه في ظل غياب البرلمان في مصر.

ولم يتم عرض القانون للمناقشة العامة، وهي حقيقة فسرها وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي، بقوله أنّ المشروع كان قد أعدّ منذ سنوات إلا أنه لم يُعرض من قبل. ومع ذلك، عندما تم كشف النقاب عنه، أثار جدلاً واسع النطاق.

ويبدو أن القانون الجديد يبرأ أفراد الأمن الذين يطبقون القانون من أي مسألة قانونية في حال استخدام القوة. ويمنح السلطات صلاحيات المراقبة الإضافية، بما في ذلك مراقبة الحسابات المصرفية والتنصت على المكالمات الهاتفية. بل يمتد أيضاً لتنفيذ أحكام الإعدام والسجن المؤبد لكل من يُشارك في التخطيط ودعم وتنفيذ أو الشروع أو مساعدة الأعمال الإرهابية، في حين تم توسيع تعريف الإرهاب والمنظمات الإرهابية لتشمل صيغة غامضة مثل محاولات تغيير النظام أو الدستور بالقوة أو “تعكير صفو السلام في البلاد.”

وأدانت جماعات حقوق الإنسان القانون، كما وصفته منظمة العفو الدولية بأنه “شديد القسوة” حيث ذكرت أنه سيزيد صلاحيات السلطات المصرية على السلطة إلى حدٍ كبير. وقال v، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة “إذا أُقر القانون سيصبح أداة أخرى للسلطات لسحق كل أشكال المعارضة.”

ودعت منظمة العفو الدولية الحكومة المصرية إلغاء القانون تماماً أو “إعادة النظر به جذرياً” في ظل احترام
الدستور المصري والقوانين الدولية لحقوق الإنسان. وأضاف “على الرغم من أنّ من واجب السلطات المصرية الحفاظ على الأمن، إلا أنها لا ينبغي أن تضرب بعرض الحائط حقوق الإنسان برمتها خلال هذه العملية.”

وتسببت “المادة 33” من القانون، والتي تنص على “يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية،” باحتجاجات شعبية كبيرة. ووفقاً للنقاد، تمنع المادة الصحفيين، عملياً، من الحصول على معلومات من مصادر مختلفة، بما في ذلك شهود العيان والأُسر.

وعقدت نقابة الصحفيين في مصر اجتماعاً طارئاً وأصدرت بياناً رفض المادة لانتهاكها حرية وسائل الإعلام. وقالت أن “المادة 33” على وجه الخصوص غير دستورية، لأن “المادة 71” من الدستور تحظر حبس الصحفيين بتهمة نشر أخبار الجرائم. وقال خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، ما يجعل مشروع القانون أكثر “كارثية” أنه يعتبر البيانات الرسمية المعيار الوحيد للحقيقة.

وسعى الهنيدي إلى تهدئة مخاوف الصحافيين، حيث صرّح لصحيفة “المصري اليوم” اليومية بأن القانون الجديد يستهدف “وسائل التواصل الاجتماعي التي تحرّك الرأي العام وليس الصحافة.” وبالفعل، يبدو أن القانون يركز على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنص مادة واحدة على معاقبة كل من تثبت إدانته نشر أو المساعدة في نشر “الأفكار والمعتقدات التي تدعو إلى استخدام العنف” من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من الأدوات إلى ما يصل خمس سنوات في السجن.

وحذر بيان صدر عن 17 منظمة لحقوق الإنسان تدعم موقف نقابة الصحفيين من أن مشروع القانون يرسخ على نحوٍ فعال قانون الطوارىء الجديد إلى الأبد، ويخلق نظاماً قانونياً موازياً، ويمكن استخدام مواده لـ”سحق المعارضة ويهدد أهم الحقوق الأساسية والحريات مثل حرية التعبير والرأي والتجمع السلمي.”

وادعت منظمات حقوق الإنسان أيضاً أن هناك قوانين كافية للتصدي للجرائم التي تتعلق بالإرهاب بموجب قانون العقوبات دون اللجوء إلى التدابير الاستثنائية الواردة في مشروع القانون. وتقدر منظمة العفو الدولية أن “18 صحفياً على الأقل سبق اعتقالهم بتهم تشمل”نشر أنباء كاذبة،” غير تلك المعترف بها بموجب القانون الدولي.”

واجتمع مجلس الوزراء مع رؤساء تحرير الصحف ووسائل الإعلام الرئيسية في مصر لمناقشة تعديل “المادة 33” إلى أنهم فشلوا في التوصل إلى توافق في الآراء. ووعدت الحكومة إجراء مراجعة أخرى للمادة إلا أنها ذكرت أنها لن تلغي مشروع القانون بأكمله. وفي وقتٍ لاحق، نقلت مصارد لم يتم تسميتها عن مجلس الوزراء وتم نشرها في صحيفة “المصري اليوم” قوله أن خفض العقوبة المنصوص عليها في المادة من السجن لمدة عامين إلى غرامة قدرها 30,000 إلى 50,000 جنيه (حوالي 3,830- 6,380 دولار) موضع نظر.

وكانت نقابة الصحفيين قالت في وقت سابق أن هذه التغييرات لن تكون كافية. وفي الوقت نفسه، دعت جماعات حقوق الإنسان النقابة إلى رفض مشروع القانون بمجمله، مصرحة أنه قد يوسع إلى حد كبير صلاحيات السلطات المصرية ويمهد الطريق لزيادة انتهاكات حقوق الإنسان.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles