وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

موجة الزواج غير الرسمي تجتاح الجزائر

Informal marriages in Algeria
طلاب في جامعة الخروبة, مدينة الجزائر, الجزائر. Photo Gamma-Rapho Agence Photographique / Hollandse Hoogte

دخل الزواج غير الرسمي، المسيار، المجتمع الجزائري متأثراً بالدعاة الوهابيين.

يحظى نكاح المسيار بشعبية في المجتمع السعودي في ظل الوهابية، وهي فرع أصولي للإسلام السُني الذي ظهر منذ حوالي 250 عاماً منبثقاً عن تعاليم محمد بن عبد الوهاب. وفي عام 2006، تم تسجيل ارتفاع بنسبة 50% في زواج المسيار في المملكة العربية السعودية بعد صدور فتوى تضفي عليه الطابع الشرعي.

وفي الجزائر، قبل عام 1984، كان يتم تنظيم الزواج والطلاق والحضانة والنفقة وفقاً للقانون المدني. وفي عام 1984، قدم مجموعة من القضاة قانون الأسرة إلى الرئيس السابق الشاذلي بن جديد، الذي كان مستوحى بشكل كامل من الشريعة الإسلامية، التي كانت بنظر العديد من القضاة ممثلة بشكل سيء في إطار النظام القانوني الجزائري. باغت القانون الجديد المجتمع الجزائري على حين غِرة وأثار موجة من الاحتجاجات.

قاتلت المنظمات غير الحكومية وحركات حقوق المرأة مثل حركة 20 عاماً بركات (أي 20 عاماً كافية)، التي تعتبر القوانين قمعية وتمييزية، لأكثر من عقدين من الزمن من أجل الإصلاح. ومن بين العديد من المعارك التي تقودها المنظمات النسائية غير الحكومية، كان قضية تعدد الزوجات. فقد تم في نهاية المطاف تعديل قانون تعدد الزوجات عام 2005، عندما أصبح إلزاماً على الرجل الحصول على إذن زوجته الأولى في حال أراد أن يتزوج أكثر من زوجة. كما أدخل أيضاً الزواج المدني، حيث يتوجب استباق جميع الزيجات الدينية بزواج مدني.

ووفقاً لذلك، تنص “المادة 4” من قانون 04-02 الصادر في 27 فبراير 2005 أنّ “الزواج هو عقد بالتراضي بين رجل وإمرأة بالشكل القانوني. يهدف من بين أمورٍ أخرى إلى تأسيس عائلة على أساس المودة والعطف والمساعدة المتبادلة، لحماية الزوجين أخلاقياً والحفاظ على الروابط الأسرية.”

وعلاوة على ذلك، كان الأئمة ممنوعون بشكلٍ رسمي من عقد الزيجات الدينية دون شهادة الزواج المدني الرسمية التي يتم تسليمها من قِبل السلطات المختصة. وأدخلت هذه التغييرات في وقتٍ كانت تحاول فيه الحكومة استعادة السيطرة على أجزاء من المجتمع التي كانت، خلال سنوات العنف بين الجيش والمتطرفين الإسلاميين، تعيش خارج إطار الزواج.

وبعد عقدٍ من ذلك، أي في عام 2015، شهدت الجزائر طفرة في نكاح المسيار، أو كما يُسمى محلياً بزواج المسافر. ووجد هذا النوع من الزيجات، الذي تم استيراده من دول الشرق الأوسط مثل السعودية ومصر عبر دول الخليج، طريقه إلى مجتمع المثقفين الجزائريين، وخاصة في الأوساط الأكاديمية. ويعتبر زواج المسيار أحد أشكال عقود الزواج الإسلامية والذي يتفق بموجبه رجل وإمرأة على الزواج بوجود شاهدين.

ووفقاً لمؤيدي زواج المسيار، ترجع الشعبية المتنامية لهذا الشكل من عقود الزواج إلى حقيقة أنّ الحاجات الجنسية للشباب غير معترف بها سواء من قِبل تلك المجتمعات أو حتى الخطاب الديني، الذي يُدين صراحةً الجنس قبل الزواج. ومع ذلك، وبالرغم من أنه مقبول في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إلا أنّ زواج المسيار بالإضافة إلى الأشكال الأخرى المشابه له، مثل زواج المتعة، غير معترف بها من قِبل المذهب المالكي، المنتشر بشكل أساسي في الجزائر.

وأصبح هذا النهج ممكناً بفضل تواطىء بعض الأئمة الذين يتبعون التيار الوهابي. ومع ذلك، يصف العديد من المعارضين بصراحة هذا الزواج باعتباره دعارة مقنعة، ومُقدمة لجهاد النكاح، حيث تقوم النساء طوعاً بممارسة الجنس مع المجهادين.

كما وردت تقارير عن ارتفاع نسب جهاد النكاح، وبخاصة في سورية والعراق، حيث تقدّم بعض المسلمات أنفسهنّ لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) كجزء من واجبهم الديني. ويعتبر الاغتصاب والاستعباد الجنسي للنساء اللواتي يعتبرهن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من الكفار أو المرتدين موضوع آخر.

وهناك شكل آخر من زواج المسيار وهو زواج المرأة الغنية، التي تختار التنازل عن بعض حقوقها التي يضمنها الزواج التقليدي مقابل البقاء مع والديها. وعلى ما يبدو، عندما تطلب المرأة من الرجل الزواج بها، يعتبر هذا أمراً طبيعياً في القانون الإسلامي، ذلك أن السيدة خديجة، زوجة النبي محمد الأولى، من طلبت الزواج منه.

وفي أي شكلٍ من أشكال الزيجات المذكورة أعلاه، تواجه الفتيات الجزائريات عواقب بطلانه بموجب القانون الجزائري. ولا يقتصر الأمر فقط على غياب شروط الزواج القانوني (مثل غياب المهر، والنية للعيش معاً، وعدم حصولها على حقوقها في حال الإنفصال)، بل أيضاً بسبب النتائج المترتبة في حال نتج عن هذا الزواج طفل، والذي يعتبر نتاج عقد غير قانوني وبالتالي لا يمتلك أي حقوق قانونية.

تكمن المشكلة في أنّ النظام القانوني الجزائري يفتقر لأي شكل من أشكال تجريم هذه الزيجات. وعلى الرغم من أنّ الزواج غير الرسمي ممنوع بموجب قانون الأسرة المعدّل قبل الزواج المدني، إلا أنه لا توجد أي إشارة لأي عقوبة. ومن الظواهر الشائعة والخطيرة في المملكة العربية السعودية هي إيجاد فتاة قاصر من عائلة ميسورة، ودفع مهر كبير لعائلتها، ومن ثم دفع مرتب شهري إلى حين انتهاء العلاقة. وتجدر الإشارة إلى أنّ زواج القاصرات يعتبر انتهاكاً صريحاً لقانون الدولة.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles