وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

إسرائيل تُزيل البوابات الإلكترونية من القدس إلا أنّ التوتر لا يزال سيد الموقف

قالت لميس أندوني، وهي صحفية أردنية من أصولٍ فلسطينية تعرف الدكتور حمارنة منذ أن كانا معاً في المدرسة، والتقت بأسر الضحايا بعد إطلاق النار لـFanack أن العائلتين تشعران أنه "لن يكون هناك عدالة لأبنائهم." وأضافت أن الأحداث التي شملت المسجد الأقصى وإطلاق النار في عمان أدت إلى تقويض الرأي العام للملك، الوصي على المسجد وبالتالي يعتبره الأردنيون مسؤولاً شخصياً عنه. وأضافت "مرةً اخرى، عقد القصر اتفاقاً مع اسرائيل على حساب حقوقنا. وإذا ما كان الملك يعتقد أن هذه الصفقة هي لحفظ ماء الوجه، فهو مخطىء جداً. لقد أضعفته... الأمر الوحيد الذي يُسيّر الأمور اليوم هو أن الناس يخشون الفوضى."

Palestine- metal detectors
مصلون فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة خارج المدينة القيمة للقدس وذلك بعد أن وضعت الشرطة الإسرائيلية البوابات الإلكترونية الجديدةعلى مدخل الحرم القدسي الشريف، 21 يوليو 2017. Photo Yonatan Sindel

أجج تركيب البوابات الإلكترونية خارج مجمع المسجد الأقصى في البلدة القديمة من القدس فضلاً عن حادثة إطلاق النار التي أسفرت عن مقتل أردنيين على يد حارس أمنِ إسرائيلي في العاصمة عمّان في يوليو 2017، التوترات في القدس الشرقية المحتلة والأردن، حليف إسرائيل المضطرب والوصي على الأماكن المقدسة في القدس.

يعتبر الصراع على الأقصى آخر موجة من تفجر الغضب المستمر بين اسرائيل والفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها. فالصراع على السيادة الإقليمية يتجاوز بكثير المسجد، إلا أنه لطالما شكل الموقع نقطة اهتمامٍ على وجه الخصوص. ويعتبر المجمع الذي يقع فيه المسجد، المعروف باسم الحرم القدسي الشريف لدى المسلمين وجبل الهيكل لدى اليهود، واحداً من أقدس الأماكن في الديانتين اليهودية والإسلام على حد سواء.

وقبل تركيب البوابات الإلكترونية، فرضت السلطات الإسرائيلية قيوداً على الدخول إلى المسجد بطرقٍ أخرى، بما في ذلك فرض قيودٍ حسب السن إذ مُنع الشباب من الدخول للصلاة. كما وقعت مؤخراً اشتباكاتٌ بسبب صلاة نشطاء يهود في الموقع، المخصص لصلاة المسلمين بموجب الاتفاق الذي يحكم استخدامه.

فقد تم تركيب البوابات الإلكترونية بعد أن أطلق ثلاثة مسلحين فلسطينيين النار على رجلين من الشرطة الإسرائيلية من أصولٍ درزية في 14 يوليو 2017 داخل المجمع، مما أسفر عن مقتلهما. وقتل الشبان الثلاثة، وجميعهم من مدينة أم الفحم، مدينة فلسطينية تقع في شمال اسرائيل، على يد الشرطة.

احتج الفلسطينيون على تركيب البوابات الإلكترونية، الأمر الذي اعتبر انتهاكاً لسيطرة إسرائيل على الموقع واعتداءً على الوضع الراهن التاريخي الذي يحكمه. رفض الكثيرون العبور من خلال البوابات الإلكترونية وقامواً عوضاً عن ذلك بالصلاة خارج المجمع. وخلال المظاهرات واسعة النطاق التي عمت القدس الشرقية والضفة الغربية، إندلعت أعمال عنفٍ وقُتل أربعة فلسطينيين. وفي 21 يوليو 2017، طعن فلسطيني من قريةٍ مجاورة ثلاثة أفرادٍ من أسرة إسرائيلية في إحدى المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية حتى الموت.

وقال مؤيديون إسرائيليون للبوابات الإلكترونية أنهم يحتاجون إليها للحفاظ على الأمن. بينما صرح تساحي هنجبي، وزير التنمية الإقليمية وأحد كبار الأعضاء في حزب الليكود الحاكم، لإذاعة الجيش الاسرائيلي بقوله “لن يملي علينا القتلة كيف نبحث عن القتلة. إذا كانوا لا يريدون [الفلسطينيين] دخول المسجد فدعهم لا يدخلونه.” وفي الوقت نفسه، قال الفلسطينيون أن اسرائيل استخدمت المشاكل الأمنية في المجمع كذريعةٍ لتقييد الدخول إلى الموقع.

وكتبت ديانا بوتو، المحامية الفلسطينية والمستشار القانوني السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية، في مقال للجزيرة “لنكون واضحين، لا يريد أي فلسطيني أن يرى أماكنه المقدسة تحولت إلى أماكن للنزاع المسلح. إلا أنه باستخدام ذريعة “الأمن،” ضمنت إسرائيل أننا، نحن الفلسطينيون، نعيش كسجناء في وطننا.”

وفي مكالمةٍ هاتفية في 24 يوليو 2017، حث العاهل الأردني الملك عبد الله رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على إزالة البوابات الإلكترونية، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الأردنية. كما أصدر البيت الابيض بياناً يدعو فيه اسرائيل والاردن إلى “بذل الجهود لتخفيف التوتر بشأن الحرم الشريف وإيجاد حل يضمن سلامة العامة وأمن الموقع والحفاظ على الوضع الراهن.”

وبعد اجتماعٍ مطول في 24 يوليو 2017، صوّت مجلس الوزراء الإسرائيلي على إزالة البوابات الإلكترونية. وقال مسؤولٌ كبيرٌ حضر الاجتماع انه سيتم استبدالها بـ”وسائل تكنولوجية متقدمة” التي ستمكن “التفتيش الذكي” فى جميع انحاء المدينة القديمة لضمان أمن الزوار والمصلين.

ومع ذلك، وحتى في الوقت الذي كان يتم فيه إزالة المعدات، استمر مئات الفلسطينيين في الاحتجاج على تركيب الكاميرات الأمنية الباقية. وقال الشيخ رائد صالح في تصريح للجزيرة أن الفلسطينيين “لن يقبلوا بالوضع الحالي الا اذا تمت ازالة كل ما تمت إضافته بعد 14 يوليو 2017.”

وفي الوقت نفسه، ازداد تعقيد دور الأردن في النزاع في 23 يوليو 2017 بعد أن أقدم حارس أمنٍ في السفارة الإسرائيلية على قتل مواطنين إردنيين في شقته في عمان. محمد الجواودة، أردني من أصولٍ فلسطينية في الـ16 من عمره والذي كان يعمل مع والده في محلٍ للأثاث خلال العطلة الصيفية، وبشار كامل حمارنة، مالك الشقة وطبيب أردني مسيحي بارز، الذي كان برفقته أثناء إيصال أثاثٍ جديدٍ إلى الشقة. ووفقاً لمديرية الأمن العام الأردنية، حصل شجارٌ بين جواودة والحارس بسبب تأخر إنهائهم العمل.

وخلال الشجار، وفقاً لما قاله مسؤولون إسرائيليون، طعن الفتى الحارس بواسطة مفك، ليطلق الحارس النار عليه ويرديه قتيلاً. كما تعرض أيضاً حمارنة لإطلاقٍ نارٍ نُقل على إثره إلى المستشفى وتوفي هناك بعد بضع ساعات، بينما أصيب الإسرائيلي في هذه المناوشات.

سعت السلطات الأردنية إلى استجواب الحارس، إلا أنّ إسرائيل أكدت أنه محمي بموجب الحصانة الدبلوماسية وينبغي إعادته إلى اسرائيل. وبموجب الإتفاق الذي تم التوصل إليه في نهاية المطاف، سُمح للشرطة الأردنية بأخذ أقواله بحضور دبلوماسيين إسرائيليين في مجمع السفارة، وبعد ذلك غادر جميع موظفي السفارة، بمن فيهم الحارس، إلى إسرائيل. فقد حاولت الرقابة العسكرية الإسرائيلية في البداية فرض تعتيمٍ إعلامي على الحادث.

وقالت لميس أندوني، وهي صحفية أردنية من أصولٍ فلسطينية تعرف الدكتور حمارنة منذ أن كانا معاً في المدرسة، والتقت بأسر الضحايا بعد إطلاق النار لـFanack أن العائلتين تشعران أنه “لن يكون هناك عدالة لأبنائهم.”

وأضافت أن الأحداث التي شملت المسجد الأقصى وإطلاق النار في عمان أدت إلى تقويض الرأي العام للملك، الوصي على المسجد وبالتالي يعتبره الأردنيون مسؤولاً شخصياً عنه. وأضافت “مرةً اخرى، عقد القصر اتفاقاً مع اسرائيل على حساب حقوقنا. وإذا ما كان الملك يعتقد أن هذه الصفقة هي لحفظ ماء الوجه، فهو مخطىء جداً. لقد أضعفته… الأمر الوحيد الذي يُسيّر الأمور اليوم هو أن الناس يخشون الفوضى.”