وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

اللاجئون الفلسطينيون

مقيمو مخيم اليرموك جنوب دمشق في إنتظار المواد الغذائية الموزعة من قبل الأمم المتحدة (Photo HH)

عندما اندلعت الثورة السورية في آذار/مارس 2011، التزم اللاجئون الفلسطينيون الحياد في البداية، على الرغم من انضمام بعضهم إلى الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد. ولما بدأ النظام يستخدم العنف الشديد ضد المتظاهرين وقصف المدن، تصاعدت الانتفاضة الشعبية إلى مقاومة مسلحة ضد النظام السوري. ومع نشوب المعارك في ضواحي دمشق، لجأ العديد من السوريين المقيمين في الأحياء التي تُقصف إلى مخيم اليرموك للاجئين، كونه بقي هادئاً نسبياً وبعيداً عن التوترات.

منذ منتصف العام 2013، أعربت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات الدولية عن تخوفها من تأثير النزاعات المسلحة في سوريا على اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في البلاد وبخاصة في مخيم اليرموك في دمشق، وهو أكبر مخيم للفلسطينيين في سوريا، الذي كان يضم 130,000 لاجئ على الأقل قبل بدء الصراع في سوريا والذي لم يعد عدد سكانه  يتخطى الـ20,000 (الأونروا, مايو 2014).

عند نشوب الثورة السورية في العام 2011، تصاعد التوتر في اليرموك بين السكان الفلسطينيين الموالين لنظام الأسد والمناهضين له. وفي أوائل شهر آب/أغسطس من العام 2012، اشتدت حدة التوتر لتتحول إلى اشتباكات بين الأحزاب الأساسية في الصراع في سوريا.وقد قُتل أكثر من 21 لاجئاً مدنياً في شهر آب/أغسطس عندما هاجم الجيش السوري مخيم اليرموك. وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر 2012، شهد مخيم اليرموك قتالاً عنيفاً مع قيام الجيش السوري بإلقاء القذائف على المخيم للمرة الأولى. وصرح الناشطون بأن القذائف استهدفت مدرسة ومسجداً يأويان لاجئين ما أدى إلى مقتل 23 من المدنيين. وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر، تمكن الثوار من السيطرة على مخيم اليرموك وعلى مخيم فلسطيني آخر بمساعدة ناشطين فلسطينيين مناهضين لنظام الأسد، فأخلوه من المقاتلين الفلسطينيين الموالين للنظام. وفي 20 كانون الأول/ ديسمبر، صرح الجيش السوري الحر بأنه أرغم المقاتلين الموالين للنظام كافة على مغادرة اليرموك وأنه أعاد المخيم للفلسطينيين. وبعد فترة وجيزة، اتفق كل من الحكومة وممثلي الثوار على وجوب انسحاب كافة المجموعات المسلحة من اليرموك وتحويل المنطقة إلى منطقة حيادية، إلا أن متحدثاً باسم شبكة مخيم اللاجئين الفلسطينيين الموالية للمتمردين قال إن “تنفيذ الهدنة طرح إشكاليات عديدة بسبب القصف “المتقطع” الذي كان يتعرض له المخيم من قبل الحكومة بالإضافة إلى الاشتباكات في ضواحيه.

وقد نجحت القوات الموالية لنظام الأسد بالسيطره على المخيم في شهر شباط/فبراير من العام 2013. وتم إنشاء نقاط تفتيش لإتاحة دخول المساعدات والسماح للسكان بالهروب ولكن في شهر تموز/يوليو من العام 2013، بدأت القوات الحكومية تمنع الدخول إلى المخيم وهو محاصر منذ ذلك الحين. ومع استمرار الحصار، أصبح الوضع الإنساني في المخيم مذرياً. وبحسب تصريح صادر عن وكالة الأونروا، لا يحصل السكان المتبقون على الغذاء أو العلاج الطبي الملائم وثمة حالات وفاة لنساء أثناء الولادة. ووفقاً لتقرير صادر عن مجموعة القوى العاملة الفلسطينية في سوريا، تسبب الجوع في وفاة أكثر من 140 مدنياً في شهر نيسان/أبريل من العام 2014. وفي 13 كانون الثاني/يناير 2014، تعرض موكب تابع لوكالة الأونروا, ينقل الغذاء لستة آلاف شخص إلى جانب عشرة آلاف جرعة من لقاحات شلل الأطفال-, للقصف ما ادى اللى عدم تمكنه من  دخول المخيم. وبعد مرور أسبوع، تم إرسال حوالى 138 حصة من الأغذية إلى المخيم كما سُمح بإدخال خمس مئة حصة في أوائل شهر نيسان/أبريل من العام 2014. وحتى شهر كانون الثاني/يناير 2014، لم يكن قد تم توفير مساعدات غذائية إلى المخيم منذ شهر أيلول/سبتمبر من العام 2013.

قبولهم في البلدان المجاورة

ترفض الحكومات الأردنية واللبانية والمصرية والتركية منح اللاجئين الفلسطينيين السوريين حق اللجوء، الأمر الذي يحرمهم من حماية ومساعدة منظمة UNHCR. مع أنه في أيلول/سبتمبر 2002، أعادت منظمة UNHCR تفسير المادة 1د من اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين. في السابق، استثنت المادة الفلسطينيين الذين يتلقون مساعدة من الأونروا. واليوم تشدد منظمة UNHCR على الفقرة الثانية، والتي تنص على أن اللاجئين الفلسطينيين هم لاجئون بحكم الواقع ويجب حمايتهم من قبل منظمة UNHCR في حال توقفت هيئات أخرى في الأمم المتحدة من تقديم المساعدة والحماية لهم. وهذا يعني أن الفلسطينيين ينبغي أن تشملهم حماية منظمة UNHCR.

تم إرجاع أسر اللاجئين الفلسطينيين السوريين الذين يطلبون حق اللجوء في الأردن من الحدود، كونهم يحملون “وثائق سفر سورية خاصة باللاجئين الفلسطينيين”، وبالتالي لا يحملون الجنسية السورية. في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2012، أدلى رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور بتصريح لصحيفة الحياة، يقول فيه إن “الاردن اعتمد قراراً سيادياً واضحاً وصريحاً بعدم السماح لعبور قبل إخواننا الفلسطينيين الذين يحملون وثائق سفر سورية إلى الأردن”. وفق الأونروا، بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين السوريين الذين فروا إلى الأردن 4569 شخصاً بحلول آذار/مارس 2013. في الأردن، لم يعد مخيم الزعتري الأردني يستقبل أي شخص دون أوراق ثبوتية سورية. وتم إرسال الفلسطينيين إلى مدن تقنية المعلومات والصناعة (Cyber City)، حيث يتم احتجازهم هناك حتى يتم قبولهم كلاجئين. المنشأة تالفة، والذين بداخلها محظور عليهم الخروج وراء جدرانها ولو لدقيقة.

مع أن الأردن لم توقّّع أو تصادق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، إلا أن المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تنص على عدم جواز طرد أو إعادة أو تسليم شخص ما إلى دولة أخرى إذا توفرت أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض لخطر التعذيب. أفادت هيومن رايتس ووتش أنه “منذ نيسان/أبريل 2012، قامت السلطات الأردنية تلقائياً باعتقال جميع الفلسطينيين الذين يدخلون الأردن دون المرور عبر نقطة حدودية رسمية، ودون احتمال الإفراج عنهم. وهذه السياسة لا تنطبق على آلاف السوريين الذين يدخلون بنفس الطريقة. فالفلسطينيون يصلون تحت ذات الظروف التي يمر بها السوريون الفارون، ولا ينبغي أن يواجهوا خطر العودة القسرية”.

أيضا في لبنان، السوريون الفلسطينيون غير مؤهلين للحصول على المساعدة من منظمة UNHCR. تقول الأونروا إنه هناك ما يقرب من 32,000 لاجئ في لبنان بحلول آذار/مارس 2013. ففي بلد يعيش فيه أكثر من 400,000 لاجئ فلسطيني في الأساس، فإن لبنان ليس مستعداً أو على استعداد لاستيعاب المزيد من الفلسطينيين، وبالتالي رفض منحهم حق إقامة مخيمات جديدة على الأراضي اللبنانية، مما خلق مشكلة أمام الإيواء الفوري للنازحين. تحاول وكالة UNHCR تزويد العائلات بالمال.

في أيلول/سبتمبر 2012، أصدر الرئيس السابق محمد مرسي قراراً بمنح حقوق استثنائية للاجئين السوريين في مصر، بما في ذلك الحق في الحماية وتصاريح الإقامة ودخول المدارس الحكومية. فتحت مفوضية UNHCR وشركاؤها أبوابها أمام السوريين في مصر ووسعت جهودها ومستوى الدعم لهم. لكن المرسوم الرئاسي لا يشمل اللاجئين الفلسطينيين السوريين الذين واجهوا واقعاً قاسياً لحظة وصولهم إلى مطار القاهرة. وسمح فقط للعائلات المحظوظة بالدخول، وذلك بتأشيرات سياحية قصيرة الأجل. وتم ترحيل العديد من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18-40 على الفور، وأعيدوا إلى دمشق. رفضت السلطات المصرية الاعتراف بالوضع الخطر الذي فروا منه، كأقرانهم السوريين، وأرسلوهم لمواجهة عدم ثقة السلطات السورية تجاه طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم في مصر.

في مصر، وبحلول شهر آذار/مارس 2013، بدأت عمليات الترحيل والاعتقالات تصبح أكثر انتظاماً بحق الفلسطينيين السوريين. وبحلول نهاية آذار/مارس 2013، بلغ عددهم نحو 11,000 أو ما يقرب من 1900 عائلة قادمة من مخيم اليرموك والمخيمات الأخرى في سوريا. لا تساعد الأونروا الفلسطينيين في مصر، ويفتقرون إلى الحماية الرسمية للمفوضية. وكدولة موقعة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من معاهدات الحقوق المدنية والسياسية، فإن مصر ملزمة بضمان الحقوق الأساسية للاجئين الفلسطينيين.

user placeholder
written by
telesto
المزيد telesto articles