وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حرية الصحافة

في عهد بن علي، عانت وسائل الإعلام التونسية من رقابة شديدة وقُمعت أصوات المعارضين من قبل النظام الذي كان يتحكم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بوسائل الإعلام. أما وسائل البث الإعلامي التي يملكها القطاع الخاص، بما فيها “قناة حنبعل” و “قناة نسمة” و “راديو شمس إف إم” و “راديو موزاييك إف إم“، فكانت بإدارة أشخاص تربطهم علاقات وثيقة مع النظام السابق أو الذين يمارسون الرقابة الذاتية. وعلى الرغم من حظر الرقابة رسمياً كوسيلة لقمع المعارضة، كانت الرقابة الذاتية منتشرة وقوّضت حرية الصحافة. أدت القوانين التي وضعتها حكومة بن علي، مثل مراجعة المواد الصحفية من قبل وزارة الداخلية قبل النشر، إلى إلغاء حرية الصحافة بشكل فعال في تونس. وبالتالي، سجلت تونس في مؤشر استدامة الإعلام لمنظمة IREX عام 2009 درجة متدنية لحرية الصحافة (0,56).

على الرغم من السيطرة المشددة على وسائل الإعلام، لا تزال وسائل الإعلام على الإنترنت تتمتع بحرية كبيرة، مع أن الحكومة كانت تراقب الكثير من المواد. ومع ذلك، بما أن تونس هي أفضل بلد في إفريقيا ربطاً بشبكة الإنترنت – بلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت عام 2009 حوالي 2,7 مليون تونسي – تمكن التونسيون من الاستفادة من الفرص الجديدة التي تقدمها هذه الأخيرة. عام 2010، أصبحت شبكة الإنترنت الوسيلة الرئيسية لتنظيم الاحتجاجات الحاشدة ضد نظام بن علي، وأدت إلى الإطاحة به في أوائل عام 2011.

بعد الثورة التونسية، ازدهرت حرية الصحافة مع ظهور وسائل إعلام جديدة مليئة بأصوات كانت غير مسموعة في السابق. وتم تأسيس “الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال” لصياغة مسودات قوانين إعلام جديدة بهدف ضمان حرية الصحافة وحماية وسائل الإعلام القادرة على البقاء. وفي 20 أيلول/سبتمبر عام 2011، تم الإعلان عن منح 187 صحيفة ونشرة تراخيص من قبل وزير الداخلية منذ الثورة التونسية. غير أن وسائل الإعلام الرئيسية، بما فيها القنوات التلفزيونية والصحف، لم تشهد إلا تغيراً بسيطاً في طواقم عملها – فهي لا تزال خاضعة لإدارة ذات الأشخاص الذين كانوا يعملون في الإعلام في عهد النظام السابق. دفع ذلك بالكثيرين إلى التشكيك بموضوعيتها. وفي تموز/يوليو عام 2012، استقالت الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، الأمر الذي اعتبر تراجعاً كبيراً على صعيد حرية الصحافة؛ وكان السبب الرئيسي ممارسة الرقابة من قبل الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، انتقدت لجنة الإصلاح الحكومة لعدم اتخاذها خطوات ملموسة لتنفيذ المرسومين رقم 115 و 116 اللذين ينصان على حماية الصحفيين وتنظيم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الجديدة. كما أدى صرف الحكومة لعدد من مدراء القنوات التلفزيونية والإذاعية مؤخراً إلى حالة من الاضطراب في تونس، مما دفع العديد من المراقبين في الداخل والخارج إلى التخوف من عودة التضليل والرقابة.

منذ تولي حكومة الإسلاميين السلطة في تشرين الأول/أكتوبر عام 2011، اشتكى العديد من الصحفيين وكبار الشخصيات الإعلامية من زيادة التحفظ الاجتماعي الذي يمنعهم من التعبير عن رأيهم بحرية. فعلى سبيل المثال، فرضت غرامة على نبيل القروي، مدير عام قناة نسمة التلفزيونية، لعرضه فيلم بعنوان “برسبوليس” والذي اعتبر ترويجاً لأفكار كفرية. كما حكم على شابين بالسجن مدة 7 أعوام لعرض رسوم كاريكاتورية ساخرة عن النبي محمد على الإنترنت. نتيجة لذلك، صنفت مؤسسة بيت الحرية في واشنطن استخدام شبكة الإنترنت في تونس على أنه “حر جزئياً”.

user placeholder
written by
telesto
المزيد telesto articles