وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حالات الزواج غير المسجلة بين اللاجئين السوريين تؤثر على الحقوق والحصول على الخدمات

لبنان – عرس سوري في مخيم غير مسجل رسميا في وادي البقاع بالقرب من الحدود السورية – Copy Right, HH, 2015

تُعرّض الأعداد الكبيرة من الزيجات غير المسلجة بين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في البلدان المجاورة، حقوق المرأة والآفاق المستقبلية لآلاف الأطفال، للخطر.

فقد وجدت دراسة استقصائية أجريت عام 2016 للاجئين السوريين في لبنان والأردن والعراق من قبل المجلس النرويجي للاجئين أن أكثر من نصفهم لم يكن لديهم وثائق قانونية لزواجهم، إما بسبب فقدانهم الوثائق عند هروبهم من سوريا أو لأنهم تزوجوا دون خوض عملية التسجيل الرسمية.

ففي سوريا، يتزوج العديد من السوريين على يد الشيخ دون إجراء العملية القانونية للحصول على وثيقةٍ رسمية لتسجيل الزواج من الحكومة، وببساطة، يواصل العديد من الأزواج هذه الممارسات بمجرد وصولهم إلى البلد المجاور.

ووجدت المقابلات التي أجرتها العيادة الدولية لحقوق الإنسان والمجلس النرويجي للاجئين في أكتوبر 2015 مع 51 زوجاً من اللاجئين في شمال الأردن أن نحو نصف الأزواج لم يسجلوا زواجهم رسمياً في سوريا أو الأردن. ووجدت اللجنة أيضاً أنه في لبنان، لم يحصل سوى 206 لاجئيين، من أصل 1,706 لاجئيين شملهم الاستطلاع والذين تزوجوا في لبنان، على شهادة زواج رسمية، وحتى أن عدداً أقل من ذلك قاموا بتسجيل زواجهم مع الحكومة اللبنانية.

وأوضح تقريرٌ صادرٌ عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، وهي منظمة مساعدة قانونية ومقرها الأردن، عن قضية الزواج غير المسجل، أنّ العديد من الأزواج لم يفهموا ببساطة أهمية تسجيل زواجهم: “في سوريا، لم يكن للوثيقة أهمية كبيرة، ولكن بما أنهم اليوم في الأردن، لا تملك الأسر وثائق ليثبتوا أنهم متزوجون. ودون هذه الوثيقة، لا يوجد وسيلة لربط نسب الأطفال وفقاً للقانون الأردني، وبالتالي، يُعتقد أن أطفالهم أنجبوا خارج إطار الزواج.”

وفي حالاتٍ أخرى، أراد الأزواج تسجيل زواجهم إلا أنهم وجدوا أن المتطلبات القانونية في البلد المضيف مرهقة للغاية، سيما بالنسبة للأزواج الذي فقدوا وثائقهم عند فرارهم من سوريا. ففي الأردن على سبيل المثال، يتطلب تسجيل الزواج من الزوجين الحصول على إذنٍ من وزارة الداخلية ودفع رسوم قضائية تتراوح بين 25 و110 دينار أردني (حوالي 35 إلى 110 دولارات). وبالنسبة للأزواج الذين غادروا مخيمات اللاجئين الرسمية دون الحصول على إذنٍ رسمي، فإن الحصول على إذنٍ من وزارة الداخلية أمر صعب على وجه الخصوص. ويمكن للأزواج الذين يحاولون إضفاء الشرعية على الزيجات غير الرسمية أن يواجهوا غرامة قدرها ألف دينار (1400 دولار).

أما في لبنان، فيجب على الأزواج الحصول على عقد زواجٍ “موقع ومصادق عليه من السُلطة الدينية التي عقدت االزواج،” من أجل الحصول على شهادة زواجٍ صادرة عن الحكومة المحلية، وبعدها يجب تسجيل شهادة الزواج لدى قلم النفوس المحلي وسجل وقوعات الأجانب. وفي كثيرٍ من الحالات، لم يأخذ الأزواج الخطوات المطلوبة إما بسبب الجهل بالقانون أو خوفاً من السلطات. فعلى سبيل المثال، لتسجيل زواجهم في سجل وقوعات الأجانب، يجب أن يؤكد الأزواج امتلاكهم وضع إقامة قانوني في لبنان. ومع ذلك، وبسبب التكاليف والمسائل الإجرائية، لا يمتلك العديد من اللاجئين الذين يعيشون في لبنان هذا الوضع.

وفي تركيا، لم يتمكن بعض اللاجئين من تسجيل زواجهم لأن القانون التركي يتطلب إثباتاً من البلد الأصلي أن كلا الشريكين كانا عازبين، فعلى عكس سوريا، تعدد الزوجات غير القانوني. ووفقاً لتقرير نشرته قناة “العربي الجديد” الإعلامية بالاشتراك مع شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)، فإن السلطات السورية كثيراً ما ترفض منح الوثائق المطلوبة للأشخاص الذين فروا من التجنيد في الجيش أو الذين يشكلون جزءاً من المعارضة وبالتالي يعتبرون “إرهابيين.”

وأياً كان سبب عدم تسجيل الزواج، إلا أنه قد يتسبب بعواقب وخيمة على الأزواج وأطفالهم.

وتتمثل أحد الأمور المهمة على سبيل المثال في أنّ الحصول على وثيقةٍ رسمية للزواج يوفر بعض الحماية لكلا الشريكين- سيما النساء- في حالة الطلاق أو قضايا التملك في حال وفاة الزوج. وفي كثيرٍ من الحالات، إذا ما قرر زوج إحدى السيدات من زواج غير مسجل تطليقها أو هجرها، ستترك دون ملاذٍ قانوني.

وفي تركيا، تحدث تقرير العربي الجديد مع امرأةٍ قرر زوجها تطليقها بعد عدم تمكنهما من تسجيل زواجهما. وعليه، خسرت مهرها والتعويض الذي كان يحق لها الحصول عليه وانتهى بها الأمر في الشارع. فيما توفي زوجٌ تركي لإمرأة سورية أخرى لم يُسجلا زواجهما، ونتيجةً لذلك، لم تتمكن من المطالبة بالجنسية لها أو لطفليهما.

كما يمكن للزواج غير المسجل أن يُعرّض قدرة الزوجين وأطفالهما على السفر بوصفهما وحدة أسرية لإعادة التوطين في بلد ثالث أو في أوروبا أو في أي مكانٍ آخر، للخطر، إذ قد لا يتمكنا من إثبات علاقتهما الأسرية.

ولعل الأهم من ذلك، أن عدم وجود شهادة زواج يمنع، في كثيرٍ من الحالات، الأزواج من تسجيل ولادة أطفالهم، مما قد يعني أنهم ممنوعون من الحصول على الخدمات، وتسجيلهم في المدرسة، وعلى المدى الطويل، مغادرة البلاد مع والديهم إما لإعادة التوطين أو العودة إلى سوريا. وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن ما يصل إلى 30% من الأطفال اللاجئين السوريين المولودين في الأردن لا يملكون شهادات ميلاد؛ ووجد المجلس النرويجي للاجئين أن أكثر من 80% من الأطفال اللاجئين السوريين دون سن الخامسة في لبنان لم يدرجوا في دفتر العائلي الرسمي.

وأشار تقرير العيادة الدولية لحقوق الإنسان والمجلس النرويجي للاجئين “في المستقبل، إذا ما ظل الأطفال السوريون غير مسجلين، هناك خطر بأن يصبحوا بلا جنسية.” وأضاف التقرير أيضاً “أعداد كبيرة من الأسر قلقة بشأن عدم القدرة على إعادة الأطفال غير المسجلين إلى سوريا لأنه لا يمكنهم إثبات هوية الطفل أو جنسيته أو علاقته بالأسرة.”

وفي بعض الحالات، يلجأ الأباء الذين لم يسجلوا زيجاتهم، المدركين للمشاكل المستقبلية المحتملة على أطفالهم إذا ما كانت الولادات غير مسجلة قانونياً، إلى التزوير. فعلى سبيل المثال، أخبرت بعض النساء في لبنان المجلس النرويجي للاجئين أنهنّ استعاروا وثائق إثبات هوية لأقاربهنّ عند الولادة في المستشفى من أجل التأكد من تسجيل ولادة الطفل.

وقال المجلس “يمكن أن يكون لهذا عواقب خطيرة في مرحلة لاحقة لكلٍ من الأم والطفل.” وأضاف “الآباء الحقيقيون للطفل الذي سُجل أثناء الولادة بوثائق مزورة لا يمكنهم تسجيل طفلهم دون التعرض للمخاطر، وقد يؤدي الاستخدام الاحتيالي لوثائق الهوية إلى عقوباتٍ جنائية إذا ما تم اكتشافها.”