وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

إيران: العنف ضد المرأة قضية عامة

نساء ايرانيات: حماية النساء إيران
نساء ايرانيات يسرن في شوارع العاصمة طهران في ٧ فبراير ٢٠١٨. Photo: ATTA KENARE / AFP

فلورنس ماسينا

وافق مجلس وزراء الرئيس حسن روحاني في 3 يناير 2021 على مشروع قانونٍ يهدف إلى توفير حمايةٍ أفضل للنساء من العنف الأسري وغيره من أشكال العنف الأخرى. وعلى الرغم من أن مشروع القانون هذا معيب وغير مكتمل، إلا أنه يُظهر التزاماً جديداً من قِبل الحكومة الإيرانية للعمل على تلبية المطالب الاجتماعية.

هذا القانون المسمى “حماية، وكرامة، وأمن المرأة ضد العنف،” قيد العمل منذ عام 2013، أي في العام الأخير لرئاسة محمود أحمدي نجاد. وهنا، يُعرّف العنف بـ” أي عمل متعمّد ضد امرأة، يُرتكب بسبب نوعها الاجتماعي، أو وضعها الضعيف، أو طبيعة العلاقة معها، ويسبّب ضرراً أو أذى لجسدها، أو عقلها، أو شخصيتها، أو سمعتها، أو حقوقها المشروعة وحريتها.” وفي حال تم اعتماده بشكلٍ قانوني، سيكيّف القانون النظام القضائي من خلال الدورات التثقيفية والمكاتب لدعم ضحايا العنف، وتطوير إنتاج برامج لتعزيز دعم المرأة ومنع العنف داخل الأسر، ولا سيما النظام التعليمي، فضلاً عن تحسين وزارة الصحة لخدماتها الطبية والنفسية للمرأة، ورفع أجهزة إنفاذ القانون مستوى جهودها.

وبحسب تقريرٍ نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش في ديسمبر 2020، “يتضمّن مشروع القانون عدّة أحكام إيجابية، منها تشكيل لجنة وطنية مشتركة بين الوزارات لصياغة استراتيجيات وتنسيق ردود الحكومة على العنف ضدّ النساء. يُلزم المشروع أيضاً الوزارات والهيئات الحكومية باتخاذ تدابير للمساهمة في منع العنف ومساعدة النساء، منها تشكيل وحدات شرطة خاصّة تُعنى بهذه القضايا، بالإضافة إلى إصدار أوامر زجرية، وإنشاء صندوق لدعم النساء.”

ومع ذلك، لم يحقق مشروع القانون هدفه في توفير الحماية بشكلٍ كامل بعد، ذلك أنه لم يأتِ على ذكر زواج الأطفال أو الاغتصاب الزوجي. وبحسب ما قالته لنا في فَنَك، تارا فر، باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش “لا يقدم مشروع القانون سوى القليل لحماية الناجين.” وأضافت “لكنه ما يزال يخطو خطواته الأولى نحو وضعٍ أفضل. يعتبر العنف الأسري قضيةً عالمية لكنه يحصل في إيران في سياق القوانين التمييزية، حيث يمكن للرجل طلب الطلاق بسهولة، إلا أنه ينبغي على المرأة إثبات تعرضها لألم مبرح للخروج من هذا الزواج. يحتاج هذا أيضاً إلى التغيير، بيد أن البرلمان محافظٌ جداً ولا أعتقد أنه سيتخذ إصلاحاتٍ إضافية في هذه المرحلة.” وبناءً على قانون الأحوال الشخصية، تعادل قيمة حياة المرأة نصف قيمة حياة الرجل، فعلى سبيل المثال، تحصل النساء على نصف الميراث، ويُنظر قانونياً إلى شهادتها في المحكمة بمصداقيةٍ أقل. ومن الجدير بالذكر أن قانون الأحوال الشخصية يحدد من الناحية القانونية جميع الأمور الشخصية للمرء، من الولادة وحتى الموت، بما يتضمن مواد تتعلق بالميراث والزواج والطلاق وحضانة الأطفال وغيرها.

وبالنسبة إلى كارين كرامر، مديرة المطبوعات في مركز حقوق الإنسان في إيران، فلا شيء مؤكد في الوقت الراهن، إذ قالت كرامر لفَنَك: “في حين تعد هذه خطوة إيجابية، فإن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن هذا التشريع مضمون.” وتابعت القول: “هناك قدر كبير من سوء الفهم فيما يتعلق بهذا التشريع، الذي ما يزال أمامه طريق طويل وغير مؤكد. في 3 يناير 2021، أعلنت نائبة الرئيس لشؤون المرأة والأسرة معصومة ابتكار أن مجلس الوزراء وافق على القانون. وفي الوقت نفسه، ورد أن العديد من مشاريع القوانين الأخرى بشأن حماية المرأة من العنف قد وردت من النواب في ديسمبر 2020. في عملية تشريعية قد تستغرق سنوات، من المرجح أن يتم دمج مشاريع القوانين في مرحلة اللجنة ثم تقديمها إلى البرلمان بكامل هيئته للتصويت، إذ يُهيمن المحافظون على البرلمان الحالي. وإذا تمت الموافقة عليه من قبل الأغلبية، فسيظل مشروع القانون النهائي يواجه عقبةً أخرى، حيث سيتطلب بعد ذلك موافقة مجلس صيانة الدستور، الهيئة المحافظة التي تفحص جميع التشريعات للتأكد من توافقها مع تفسير الجمهورية الإسلامية للشريعة الإسلامية، قبل أن يصبح قانوناً.”

وعلى الرغم من هذه التحديات، إلا أن هناك إيمانٌ قوي بين المجتمع المدني أن هذا القانون سيتحقق على أرض الواقع، حتى وإن كان غير مكتمل بنظرهم. فقد كان مشروع القانون هذا يقبع في الأدراج منذ سنوات عديدة، إلا أن الأحداث الأخيرة في إيران سرعت من إمكانية عرضه على البرلمان. وفي مايو 2020، قطع والد فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً رأسها لفرارها مع رجل. وهناك أيضاً الزخم المكتسب من حركة أنا أيضاً الإيرانية (#MeToo)، التي أثارت العديد من الإدعاءات ضد العديد من الشخصيات العامة في البلاد. وفي هذا الصدد، قالت سنام وكيل، نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس لفَنَك: “دأبت النساء على ممارسة الضغط وإنشاء الحملات منذ 40 عاماً لمنحهنّ حقوقهن.” وأضافت، “بدأت الحكومة بفعل ذلك ولكن على مضض، بسبب الضغط والغضب الذي أعقب تلك القضايا، وليس لأن هذا هو حقهنّ. فهذا قرارٌ تفاعلي وليس استباقي. وعلى لمدى الطويل، ستضغط النساء لاكتساب المزيد من الحقوق، بيد أنها دولةٌ إسلامية ومجتمعٌ ذكوري، لذا لن تحصل التغييرات بين ليلة وضحاها.”

ينبغي أن يكون قانون مناهضة العنف خطوةً جيدة في النضال طويل الأمد من أجل حقوق المرأة، ولكن سيكون من الضروري للحكومة الإيرانية أن تفكر في التوقف عن تجريم الناشطات والمدافعات اللاتي يعبرن ببساطة عن رغبتهن في الإنصاف والعدالة. فقد تم إطلاق سراح الناشطة نرجس محمدي للتو من السجن في أكتوبر 2020، لكن محامية حقوق الإنسان نسرين ستوده تقضي حالياً عقوبة بالسجن لمدة 38 عاماً، أما الناشطة بهارة هدايت، التي تقبع خلف القضبان منذ ست سنوات ونصف الآن، فقد حكم عليها بالسجن لأربع سنواتٍ أخرى لاحتجاجها السلمي.