وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

اليرموك: من أكبر مخيمٍ للاجئين في سوريا إلى مدينة أشباحٍ

Syria- Yarmouk camp
فلسطينيون فروا من مخيم اليرموك لللاجئين الفلسطينيين يفترشون الأرض داخل إحدى المدارس في العاصمة السورية دمشق في 6 أبريل 2015. Photo AFP

يعتبر مخيم اليرموك من المخيمات الفلسطينية غير الرسمية في سوريا والذي يقع على بعد 8 كيلومترات من وسط العاصمة دمشق. فقد كان المخيم، الذي أنشىء عام 1957، يضم في السابق أكثر من 148,500 لاجىء مسجل، إلا أنه بعد القتال العنيف الذي شهده في خضم الحرب السورية، أصبح اليوم شبه مهجور.

وعلى الرغم من توقف القتال في مايو 2018، إلا أن مصير سكان اليرموك المشردين لا يزال محفوفاً بالمخاطر. فبعد ثلاث سنواتٍ في ظل حكم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش،” استعادت قوات الحكومة السورية السيطرة على المخيم، مما أجبر معظم السكان المتبقين على مغادرته كجزءٍ من اتفاقٍ مع الجماعة المتطرفة. فقد تم إرسال مقاتلي داعش إلى مناطق تحت سيطرة المجموعة في الصحراء السورية، بينما تم نقل المدنيين إلى محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.

تعرض المخيم، الذي دُمر إلى حدٍ كبير خلال الأسابيع الأخيرة من القتال، لحصارٍ من قِبل الجيش السوري بدايةً في عام 2012، بعد اندلاع اشتباكاتٍ بين جماعة المعارضة، الجيش السوري الحر، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المدعومة من قِبل النظام. أدى هذا إلى إدارة المخيم من قِبل فصائل متعددة إلى أن تولى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” السيطرة عليه في عام 2015.

فقد قال كريس غانيس المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، الأونروا، لنا في فَنَك: “دُمّر المخيم بالكامل تقريباً بعد سنواتٍ من الحصار والصراع وآخر المعارك تصعيداً التي كانت نتائجها كارثية.” وأضاف “سبق وأن وصف الأمين العام السابق مخيم اليرموك بأنه مخيمٌ للاجئين أصبح معسكراً للموت، وكأنه أحد البوابات إلى الجحيم. آلاف المنازل دمرت، ولا وجود للمياه والكهرباء والخدمات الصحية.”

ففي السابق، كان مخيم اليرموك مكاناً لائقاً للعيش، حيث كانت تتوفر المدارس والمستشفيات ومراكز توزيع الأغذية وغيرها من المرافق. وعلاوة على ذلك، كان العديد من اللاجئين من المتعلمين، فمنهم الأطباء والمهندسين وموظفي القطاع العام أو من العمّال غير النظاميين والباعة المتجولين. وأضاف غانيس “كان يقطن اليرموك يوماً ما 160 ألف لاجىء فلسطيني، واليوم لا يوجد أحدٌ تقريباً.” وتابع القول، “لقد عانى هؤلاء اللاجئون بالفعل من مشقةٍ لا وصف لها بسبب سنواتٍ من الحصار والعدوان. وبعدها، في أواخر شهر أبريل 2018، دمر القتال العنيف والمكثف البُنية التحتية وشردّ الآلاف. إن ويلات الحرب إلى جانب اليأس والخوف من المسقبل يشكلان عبئاً كبيراً، لا سيما على الأطفال. ومن غير الواضح متى، إن حدث ذلك، سيتمكن اللاجئون من العودة إلى ديارهم.”

بالنسبة للبعض، سيكون هذا ثاني نزوح لهم بعد فرارهم من الحرب في فلسطين في الفترة ما بين 1948 و1967. فقد سبق ووصفت المدونة الفلسطينية، بدور حسن، مخيم اليرموك بـ”شريان الحياة الذي يربط عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين بفلسطين. كان الخيط الأخير الذي ينسج ذكرياتهم في ديارهم، وملاذاً يحمي حقهم بالعودة من الغرق في غياهب النسيان.”

Syria- Yarmouk camp
المصادر: Wikipedia and Reuters. @Fanack

وفي عام 2014، قال المصور الفلسطيني نيراز سعيد: “لقد اختفى مخيم اليرموك الذي نعرفه إلى الأبد. فقد بات يتجه إما نحو الهلاك التام أو سيصبح إمارةً إسلامية.”

وتكمن مشكلة هؤلاء اللاجئين المشردين أنه كحال مخيمات الفلسطينيين الأخرى في المنطقة التي تم تدميرها وإعادة إعمارها، فمن غير الواضح ما إذا كان هذا سيحصل أيضاً مع مخيم اليرموك. وبحسب غانيس “تتطلب عملية [إعادة الإعمار] الوقت والمال والإرادة السياسية،” وتابع قوله “لا تشارك الأونروا في أي مناقشاتٍ جوهرية حول إعادة إعمار اليرموك ولم يتم منحها بعد إمكانية تقييم الأضرار التي لحقت بمنشآت الوكالة.”

بيد أن الوكالة تمكنت من الوصول إلى بلدة يلدا المجاورة للمخيم لمدة ثلاثة أيامٍ في أوائل يونيو 2018، حيث قدمت المواد الغذائية وغيرها من المساعدات لـ1,376 أسرة. ووفقاً لغانيس “قبل ذلك، لم نتمكن من الوصول للاجئين الفلسطينيين في اليرموك منذ 25 مايو 2016.” وأضاف “نحتاج إلى وصولٍ دائمٍ للسكان هناك ذلك أنهم يعانون من مستوياتٍ مرتفعة من الاحتياجات.”

وأضاف أنه في جميع أنحاء البلاد، تقوم الأونروا بتوفير مساعداتٍ إنسانية عاجلة، بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية والأموال النقدية لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، إلا أنه أشار إلى وجود نقصٍ حاد في الأموال. “نصيب سوريا من نداء الطوارىء أقل من 5% من التمويل. لقد اضطررنا بالفعل إلى خفض مساعداتنا النقدية الطارئة في سوريا من 64 دولاراً في الشهر إلى 46 دولاراً… ما لم يستجب مجتمع المانحين بسرعة، فسيتم إجراء المزيد من التخفيضات لهذه الخدمات المنقذة للحياة. قد يشكل هذا كارثةً لمئات الآلاف من الناس.”

ولا يبدو أن سكان اليرموك السابقين يمثلون أولويةً في سوريا، حيث لا تزال العديد من الأسئلة المطروحة حول إعادة الإعمار والقرارات دون إجابة. وفي هذه الأثناء، اضطر اللاجئون إلى مغادرة البلاد أو البقاء في إدلب، التي لا تزال تحت سيطرة التحالف الجهادي، هيئة تحرير الشام.

ولا يزال مصير اللاجئين الفلسطينيين في سوريا غير واضح المعالم ذلك أن النظام يسعى إلى تحقيق هدفه المتمثل في استعادة السيطرة على كامل البلاد.