منذ عام 2006، دخل أكثر من 60 ألف طالب للجوء إلى إسرائيل عبر الحدود المصرية. ومن بين الـ40 ألفاُ الذين بقوا في البلاد، 72,500 منهم من إريتريا و7900 من السودان، والباقي من بلدانٍ أفريقية أخرى.
فالقادمون الجدد غير مرحبٍ بهم، إذ غالباً ما يواجهون التمييز العنصري وعنف الشرطة. واليوم، وجهت لهم الحكومة الإسرائيلية إنذراً أخيراً: غادروا البلاد طوعاً قبل أبريل 2018 أو سيتم الزج بكم في السجون. وكما يُقال، سيحصل اللاجئون على 3500 دولار وتذكرة طائرة لبلدهم الأصلي أو بلدٍ ثالث، أي راوندا، وقفاً لما ذكرته مصادر إعلامية مختلفة، وذلك بموجب اتفاقٍ مقترح ستدفع فيه إسرائيل لراوندا 5 آلاف دولار عن كل طالبٍ للجوء يدخل أراضيها.
وقد دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن هذه السياسة قائلاً إنه يحق له حماية حدود البلاد مِن من وصفهم بـ”المتسللين” – وهو مصطلحٌ مهين للاجئين الأفارقة. وفي الوقت نفسه، وصف النائب ياكوف كاتز، الذى يرأس اللجنة لايجاد حلٍ للاجئين، بأنهم “تهديدٌ ديموغرافي.” في حين ادعى نحميا ستراسلر، المعلق الاقتصادي، أن اللاجئين الأفارقة يستولون على وظائف العمال الإسرائيليين ذوي الدخل المنخفض، وأن الدولة لن تغلق أبداً الفجوة الاقتصادية إذا استمرت في استيعاب “المعوزين.” وفي الوقت نفسه، يزعم سكان الأحياء التي بها أعداد كبيرة من المهاجرين، والتي تقع معظمها في جنوب العاصمة تل أبيب، أن ذلك أدى إلى الاكتظاظ وارتفاع معدلات الجريمة.
وقالت ميخال روزين النائبة عن حزب ميرتس، أنها طرحت عدة حلولٍ لمحاولة تفريق جماهير اللاجئين، ولكن كما صرحت “لسوء الحظ، لم تتجاهل الحكومة اقتراحاتي فحسب، بل ألغت أيضاً لجنة الكنيست حول هذا الموضوع وأزالت هذا البند عن جدول الأعمال بشكلٍ كامل.”
وعلى الرغم من أن إسرائيل صادقت على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولاتها لعام 1964، التي تلزمها باستعراض كل حالة من حالات اللاجئين على حدة، إلا أنها تعترف بأقل من 1% من طالبي اللجوء باعتبارهم لاجئين، في حين تتراوح هذه النسبة على الصعيد العالمي ما بين 56-84%. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تؤيد مبدأ عدم الإعادة القسرية، معترفةً بأن بعض طالبي اللجوء معرضون للخطر إذا ما عادوا إلى وطنهم. يتيح لهم هذا ما يسمى بـ”حماية الجماعات،” ولكن في واقع الأمر هذا ليس أكثر من مجرد إقامةٍ مؤقتة قبل الترحيل، كما يُطلب منهم تجديد تأشيراتهم كل ثلاثة أشهر.
كما اتخذت الحكومة عدة تدابيرٍ تهدف إلى تشجيع “الرحيل الطوعي.” وتشمل هذه القيود الحد من الحصول على الرعاية الصحية وإجبار طالبي اللجوء على توفير خُمس راتبهم الذي يُدفع لهم عند مغادرتهم البلاد.
وفي الآونة الأخيرة، وافق الكنيست على مشروع قانونٍ لإغلاق مركز احتجاز هولوت. فقد تم احتجاز أكثر من 10 آلاف من المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء في وسط صحراء النقب منذ افتتاحه في عام 2013. وسيؤدي إغلاقه إلى إجبار طالبي اللجوء الذين رفضوا المغادرة طواعية على الاختيار بين الحبس لأجلٍ غير مسمى في سجنٍ إسرائيلي أو الترحيل إلى بلدٍ ثالث.
ووفقا لمنظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك مركز تطوير اللاجئين الأفارقة، فإن الترحيل إلى بلدٍ ثالث ليس حلاً يمكن الاعتماد عليه. وكما يقولون، في بعض الحالات، تتعرض وثائق سفر العائدين للسرقة، ويتعرضون للاعتقال التعسفي، ومطالب الرشوة، بل وحتى التعذيب. وتقوم هذه المنظمات الآن بتقديم استئنافٍ ضد قرار الحكومة بسجن اللاجئين.
كما أعربت بعض المنظمات اليهودية الأمريكية عن قلقها، إذ وصفت منظمة ترواح: المنظمة الحاخامية الداعية لحقوق الإنسان، الحملة بـ”غير الأخلاقية،” وأضافت المنظمة إن بلداً أسسه اللاجئون يجب ألا يتخلى عن طالبي اللجوء. وقال الحاخام جيل جاكوبس، المدير التنفيذي لمنظمة ترواح: “فر اللاجئون الإريتريون والسودانيون إلى إسرائيل هرباً من العنف والرق وغيرها من الظروف الوحشية في بلادهم الأصلية. وكيهود، نحن نعلم ما يحدث عندما تغلق البلدان أبوابها أمام أولئك الذين يحاولون النجاة بحياتهم،” مشيراً إلى أن إرسال طالبي اللجوء إلى الموت المحتمل ينتهك القانون اليهودي والقانون الدولي.
ومع ذلك، تتماشى هذه السياسة مع الاتجاهات الحالية لإدارة ترمب ضد المهاجرين والإسلاموفوبيا في أوروبا.