وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المغرب: قانون الوزيرة الحقاوي الجديد الذي يجرّم العنف ضد النساء غير كافٍ

Morocco- Bassima Hakkaoui
وزيرة الأسرة والتضامن المغربية، بسيمة الحقاوي، تصل إلى وزارتها في الرباط. كانت الحقاوي القوة الدافعة وراء القانون الجديد الذي يهدف إلى محاربة العنف ضد المرأة. Photo AFP

تبنت الحكومة المغربية، رسمياً، في 14 فبراير 2018، مشروع القانون رقم 103-13 (الذي أصبح اليوم يُعرف بقانون الحقاوي). ويهدف القانون، الذي سُمي بإسم بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن المغربية والتي كانت القوة الدافعة وراء التشريع، إلى محاربة العنف ضد المرأة. واعتمد القانون بعد أن بقي معلقاً في الدائرة التشريعية منذ وصول حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى السلطة في يونيو 2016.

وشددت الحقاوي على أن القانون جزءٌ من عملية “توطيد الديمقراطية والتكافؤ، وفقاً لأحكام الدستور التي تهدف إلى مكافحة جميع أشكال التمييز على أساس الجنس.” ومن الناحية العملية، يوفر القانون بعض الحماية ضد العنف، مثل التحرش في الشوارع وإجبار القاصر على الزواج، ويُعاقب عليه بالحبس ما بين 6 إلى 12 شهراً. كما ينص القانون على رعاية النساء من ضحايا العنف، فضلاً عن وضع آلياتٍ للتنسيق بين أصحاب المصلحة لمكافحة العنف ضد المرأة، مع إبراز الدور الهام الذي تلعبه جمعيات المجتمع المدني في هذا المجال.

ومع ذلك، رافق اعتماد القانون عدم اكتراثٍ عام من جانب أعضاء البرلمان وغضب الجمعيات النسائية والمجتمع المدني ككل. فقد ناقش مشروع القانون أقل من ثلث أعضاء مجلس المستشارين (38 بالمجمل)، وفي الجلسة العامة، وافق 25 منهم فقط على القانون. فمنذ أن تولى الإسلاميون زعامة ائتلاف ما بعد الربيع العربي، تنامى الخوف من رد فعلٍ عنيف ضد حقوق المرأة.

وعلى صعيدٍ آخر، قوبل القانون بانتقاداتٍ شديدة من قِبل المنظمات النسوية غير الحكومية، الذين جادلوا أن ملاحظاتهم واقتراحاتهم فيما يتعلق بتجريم العنف المنزلي والاعتراف بالعنف المنزلي ضد الأولاد والذي قدمت إلى وزارة الحقاوي قبل سن القانون لم تؤخذ بعين الاعتبار، ونتيجةً لذلك، فإن القانون الجديد لا يفي بالمعايير الدولية. فالعديد من جمعيات حقوق النساء القوية، لا سيما الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، لم توافق على قانون الحقاوي. وصرحت سعيدة الإدريسي، رئيسة الجمعية بقولها “إنه عدم احترام للعمل الطويل الذي قامت به الجمعيات والمجتمع المدني لجعل هذا المشروع إنجازاً حقيقياً للمرأة.” وأضافت ” “إن السرعة التي نوقش بها [القانون] في الجلسة العامة لمجلس المستشارين تعكس مرةً أخرى عدم اهتمام الممثلين المنتخبين بحقوق المرأة.”

كما أن لجمعية التعبئة من أجل الحقوق نفس الرأي، إذ أشارت في بيانٍ صدر قبل بضعةٍ أسابيع، إلى أوجه القصور في مشروع القانون هذا الذي غض الطرف عن العديد من التوصيات الصادرة عن المجتمع المدني لتحسينها. فعلى سبيل المثال، لا يزال تجريم الاغتصاب الزوجي، الذي تتم المطالبة به منذ سنوات، مفقوداً.

فما سبب اللامبالاة هذه وعدم التوافق؟ تكمن جذور المشكلة في الزيادة الهائلة في العنف ضد المرأة في المغرب. ففي عام 2016، تم توثيق 622 حالة عنف جنسي، بما في ذلك 184 حالة اغتصاب و148 حالة إكراه جنسي؛ كما ذكرت التقارير وجود 5037 حالة عنف جسدي، بما في ذلك 237 حالة لمحاولة القتل و241 حالة احتجاز رهائن؛ و119 حالة من حالات الاغتصاب الزوجي؛ و6039 حالة من حالات الإيذاء النفسي، والتي تعادل 40% من مجموع أعمال العنف المرتكبة ضد المرأة، منها 840 حالة تضمنت الإساءة اللفظية، و200 حالة من التهديدات بالقتل، و903 حالات من التهديد بالعنف الجسدي، و206 حالة من التهديدات بالطرد من بيت الزوجية. وعلاوة على ذلك، ووفقاً لأحدث الأرقام، أفادت 6 ملايين امرأة في المغرب بتعرضهنّ للعنف، في حين أن 3,7 مليون منهن يتعرضن للعنف من أزواجهن.

وفي هذا السياق، فمن المحتمل أن قانون الحقاوي الذي طال انتظاره غير كافٍ لإنهاء غياب التشريع وتجريم جميع أشكال العنف ضد المرأة، سواء في المنزل أو في الشارع أو في أي مكانٍ آخر، كما وعدت الحقاوي. إن حقيقة عدم ذكره للاغتصاب الزوجي يحمل في طياته دلالاتٍ كبيرة حول موقف الإسلاميين من حقوق المرأة. ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، “معظم [ضحايا القانون] إما من الأميين أو من أصحاب التعليم الإبتدائي، ونحو نصفهم ربات بيوت […] يجب أن يعرفوا أن بإمكانهم كسر قيود الخضوع ومطالبتهنّ بحقوق أجسادهنّ.”