وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

(2008) العراق: انحسار الفوضى والاتفاق على انسحاب القوات الأمريكية

الزعيم الإسلامي الشيعي مقتدى الصدر
الزعيم الإسلامي الشيعي مقتدى الصدر

المقدمة

في ربيع عام 2008، قررت حكومة المالكي الحد من نشاطات جيش المهدي، ميليشيا تابعة للزعيم الإسلامي الشيعي مقتدى الصدر. نجح الجيش العراقي المسنود بقوة جوية أمريكية وبريطانية، في جعل قوات الصدر تلقي السلاح (بعد وساطة إيرانية)، وذلك في هجومين كبيرين (في آذار/مارس-نيسان/أبريل، وأيلول/سبتمبر) في بصرة وبغداد.

وهكذا بدأ الوضع يهدأ تدريجياً في الجزء الغربي من العراق في أواخر عام 2008، وذلك بفضل الاستقطاب المشترك للمقاتلين العرب السنة السابقين وإضعاف الجهاديين السلفيين والحد من جيش المهدي والآثار المترتبة على التطهير العرقي والطائفي في المناطق المختلطة. حاول رئيس الوزراء نوري المالكي أن ينسب الفضل في هذا الوضع إلى نفسه، بعد استهداف مقاتلين من العرب السنة وميليشيا شيعية وبشمركة كردية. وأصبح يلقّب بـ “سيد الأمن”.

كما تحسنت مكانته بين العراقيين بشكل أكبر بسبب نتائج المفاوضات التي عقدها هو وحكومته مع الولايات المتحدة بشأن إنهاء احتلال العراق. في البداية، كانت واشنطن تهدف إلى الحفاظ على وجودها العسكري في العراق لفترة غير محدودة (على أساس “النموذج الكوري”). كان هذا الاقتراح غير مقبول بالنسبة لجميع العراقيين – باستثناء الأكراد الذين كانوا بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة ضد الأعداء القدامى والجدد.

الاتفاق حول انسحاب القوات الأمريكية

بعد عدة أشهر من المفاوضات الصعبة، تنازلت واشنطن في يوم 17 تشرين الثاني/توفمبر عام 2008، في الأيام الأخيرة من إدارة بوش، وتم التوصل إلى اتفاقية وضع القوات (SOFA) بين بغداد وواشنطن (صادق عليها مجلس النواب ومجلس الرئاسة لاحقاً). وبموجب هذه الاتفاقية: 1) تسحب أولاً الولايات المتحدة قواتها القتالية من المناطق الحضرية بحلول 30 حزيران/يونيو عام 2009. 2) خفض عدد القوات الأمريكية المقاتلة من 125,000 إلى 50,000 بحلول 31 آب/أغسطس عام 2010.

وتشترك القوات الأمريكية المتبقية في تدريب ومساندة القوات المسلحة العراقية. 3) تغادر جميع القوات الأمريكية بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 2011. ويترك للحكومة العراقية أمر وضع الترتيبات الأمنية مع الولايات المتحدة. وبناء على طلب من عدة أطراف عراقية، تتطلب الاتفاقية موافقة الشعب العراقي من خلال استفتاء تم تحديده في تموز/يوليو عام 2009، الأمر الذي لم يحدث أبداً.

بالإضافة إلى هذه النجاحات، حاول رئيس الوزراء نوري المالكي أن يبرهن على أنه نوع من “الرجال الأقوياء” الجدد، محاولاً إدارة مجتمع منقسم. وجاء اختباره الأول في انتخاب مجالس المحافظات في 31 كانون الثاني/يناير عام 2009 (تم تأجيل هذه الانتخابات في كركوك بسبب الخلافات السياسية بين حكومتي إقليم كردستان و بغداد). سارت الانتخابات بصورة جيدة بالنسبة لقائمة المالكي وائتلاف دولة القانون، على الأقل بين الناخبين العرب الشيعة.

وخسر مرشحون كبار أمام المالكي، مثل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي (تم تغيير اسمه من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية إلى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في أيار/مايو عام 2007) وقائمة السيد مقتدى الصدر، وذلك في بغداد والبصرة وأماكن أخرى. ومن ناحية أخرى، ولكون المالكي لم يحصل على أية أصوات تقريباً من العرب السنّة (أو الأكراد)، تراجع طموحه في أن يصبح “زعيماً وطنياً” بشكل جدي.

Advertisement
Fanack Water Palestine