وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

انتخابات الكويت عام 2012: الحكومة في مواجهة مجلس الأمة

الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح.
الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح

المقدمة

عكست نتائج انتخابات شباط/فبراير 2012 الغضب الشعبي تجاه الفساد والركود السياسي بين الحكومة ومجلس الأمة. ورغم فوز المعارضة، إلا أنها لم تحصل على مناصب في الحكومة الجديدة ولم يتم تعيين امرأة في منصب وزير. إلا أن نواب المعارضة واصلوا نضالهم. وخلال الأشهر الأربعة الأولى لمجلس الأمة، استدعى أعضاء البرلمان ثمانية وزراء للاستجواب، مما أسفر عن استقالة اثنين منهم.

في حزيران/يونيو 2012، عطّل الأمير صباح الأحمد الصباح مجلس الأمة ومجلس النواب لتجنب الخلاف بسبب المزيد من التصيد بين الحكومة والبرلمان الذي كان على وشك استجواب وزير الداخلية علناً، وهو عضو من عائلة الصباح الحاكمة. وبعد ذلك بوقت قصير، حكمت المحكمة الدستورية بعدم شرعية المراسيم التي كان الأمير قد أصدرها في كانون الأول/ديسمبر 2011 لحل البرلمان ودعوة الكويتيين إلى الانتخابات التشريعية. وبالتالي، ألغيت نتائج الانتخابات وأعيد البرلمان السابق (المنتخب عام 2009). استقالت الحكومة في أعقاب حكم المحكمة. ورغم أن هذا التطور غير مسبوق، إلا أنه نموذج لحالة الاضطراب التي لا تزال تشل السياسة الكويتية.

احتجاجاً على حكم المحكمة، استقال على الفور أعضاء البرلمان من الإسلاميين والقبليين الذين حققوا فوزاً كبيراً في الانتخابات. ونظم ناشطو المعارضة مظاهرات أمام مجلس الأمة احتجاجاً على حكم المحكمة وطالبوا بإصلاحات دستورية شاملة وحكومة برلمانية بالكامل. تطالب المعارضة بحل البرلمان الموالي للحكومة والذي أعيد تنصيبه بعد اتهام أعضائه السابقين بالفساد. كما اتهمت المحكمة الدستورية بتجاوز صلاحياتها وتدخلها بالسياسة. وطالبت الحركات الشبابية، الناشطة منذ عام 2006، بحكومة منتخبة والسماح بالأحزاب السياسية ومجلس أحادي، وتطالب كتلة المعارضة الأغلبية بدعم هذه المطالب.

بعد خسارة مركز الأغلبية في البرلمان، خشيت المعارضة من أن تقوم الحكومة بتقليص عدد النواب الذين يمكن للناخبين اختيارهم في الانتخابات القادمة، كون الحكومة لم تعد تتعاون مع البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة. وهذا قد يجعل وصولهم إلى الأغلبية أكثر صعوبة في الانتخابات القادمة المتوقع إجراؤها في خريف عام 2012.

يضيف إلى الاضطراب السياسي الانقسام ضمن العائلة الملكية بين فرعي الجابر والسالم، بعد أن قام الأمير الحالي بتثبيت خلافة الجابر عام 2006. تمت تغذية هذا الانقسام من خلال مؤسسات عامة مثل مجلس الأمة. ويعتقد بعض المحللين أن أعضاء من فرع السالم يدعمون أعضاء البرلمان الذين يعرقلون الأعمال السياسية.

إحدى العوامل الهامة التي تحد من قوى المعارضة هي الافتقار إلى الإطار القانوني للأحزاب السياسية. فبالكاد يحصل أعضاء البرلمان على فرصة التنظيم والتركيز على المدى الأبعد. تتميز السياسة الكويتية إلى حد كبير بانقسامات بين الشيعة والسنّة، بين الكويتيين المستوطنين تقليدياً والكويتيين من أصل بدوي – الحضر مقابل البدو – وبين الجيل القديم والجيل الجديد الذي أصبح ناشطاً سياسياً مؤخراً. وهذا ما خلق جواً تتصارع فيه فصائل مختلفة على مصالحهم الخاصة بدلاً من تطوير الدولة ككل. ونتيجة إفراط البرلمان في استجواب الوزراء، بمن فيهم رئيس الوزراء، هيمنت الخلافات على المسار السياسي بين أعضاء البرلمان أنفسهم ومع الوزراء، بدلاً من النقاشات البنّاءة.

وأدى ذلك إلى ركود تنمية البلاد التي هي في أمس الحاجة إليها، وخاصة خطة التنمية الحكومية لتنويع الاقتصاد القائم على النفط وتحويل الكويت إلى محور النقل في الخليج العربي. علاوة على ذلك، يدفع معظم أعضاء البرلمان إلى إجراءات شعبوية (قصيرة المدى)، بما فيها فوائد أعلى للمواطنين. وبينما تهدف هذه الإجراءات قصيرة المدى إلى إرضاء الناخبين الكويتيين، إلا أن الركود في السياسة الكويتية يعتبر مجازفة لنظام الصباح، كما تظهره المظاهرات الأخيرة والفوز غير المسبوق للمعارضة. وبينما سلطة المشرّعين الكويتيين أكبر بكثير من نظرائهم في باقي دول الخليج، إلا أن الركود خيّب آمال الكثيرين من الكويتيين.

Advertisement
Fanack Water Palestine