خلال الألفية التي تمتد بين عصر الإسكندر والعصور الإسلامية، ربما تكون فيلكا والساحل القريب قد سقطت تحت هيمنة السلوقيين والفرثيين والسلالات الساسانية. ويبدو أن حكام هذه الإمبراطوريات التي مقرّها فارس لم يهتموا كثيراُ بفيلكا. عملياً، ليس هناك أي دليل أثري أو أدبي على سكانها المسيحيين الأوائل الذين، وفقاً لمصادر إسلامية، استسلموا للجيوش المسلمة في القرن السابع.
وفي ذلك الوقت، يبدو أن مركز الاستيطان في هذه المنطقة تغيّر من جزيرة فيلكا إلى البر الرئيسى. حوالي عام 500 م، تم إنشاء مستوطنة في رأس كاظمة قرب الجهراء الحالية على الشاطئ الغربي لخليج الكويت؛ ولا يزال هناك واحة صغيرة.
قد يبدو من الغريب أن خليج الكويت، أفضل ميناء طبيعي في الخليج، لم يتم استيطانه فعلياً حتى العصر الحديث. وفقط في أواخر القرن العشرين تطوّرت بلدة الكويت لتصبح عاصمة تدعى مدينة الكويت. نتج هذا جزئياً عن ظروف بيئية. فحتى وقت قريب جداً، لم تساعد التربة غير الخصبة وندرة موارد المياه الطبيعية في المنطقة على تلبية احتياجات عدد كبير من السكان، ناهيك عن مدينة كبيرة.
لكن هناك سبب آخر قوي: محيط خليج الكويت كان شديد التأثر بالهجمات. فإلى الشمال من خليج الكويت مباشرة، كانت الإمبراطوريتان الإيرانية وبلاد ما بين النهرين تتوسعان تارة وتنكمشان تارة أخرى، حيث كانت جيوشهما تسعى إلى الغنائم وحكامهما يتوقون إلى جمع الضرائب والجزية؛ ومن السهول الصحراوية إلى الجنوب، كان البدو يغيرون على مستوطنات الكويت الحالية حتى عصرها الحديث.
لم يكن من السهل استيطان هذه المنطقة الانتقالية بين الإمبراطورية المركزية والصحراء التي تسكنها القبائل، بغض النظر عن خصوبة أراضيها أو مناطق صيد الأسماك فيها. ففي القرون التي سبقت ظهور الإسلام، كانت المنطقة مسرحاً لعدة معارك بين الجيوش العربية والاستعمارية. عام 623، بعد مرور عام على دخول النبي محمد المدينة المنورة، وفق المصادر الإسلامية، وقعت مثل هذه المعارك بين العرب والفرس قرب رأس كاظمة.
ولكن بعد وصول الجيوش المسلمة في أربعينات القرن السابع، مضت ألفية أخرى دون مصدر أدبي يتحدث عن المنطقة. ويبدو أن التطور الهام الوحيد الذي حدث خلال العصور الإسلامية القديمة كان التحول التدريجي لسكان المنطقة إلى دين العرب الجديد: الإسلام.