
في آذار/مارس 1978، رداً على غارة فلسطينية داخل إسرائيل، احتلت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، باستثناء مدينة صور وضواحيها. وأعرب مجلس الأمن الدولي عن “قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع في الشرق الأوسط”، وطالب إسرائيل بسحب قواتها من لبنان، كما قام بتشكيل “قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)” (قراري مجلس الأمن الدولي رقم 425 ورقم 426). تمركز 4000 جندي من تلك القوات، والذين ارتفع عددهم بعد مضي شهرين إلى 6000، في جنوب لبنان.
من المفارقات، ازداد دور إسرائيل في ذلك الصراع خلال السنوات اللاحقة. في بادئ الأمر، سحبت إسرائيل قواتها من لبنان، إلا أنها احتفظت بالسيطرة على منطقة في الجنوب والتي كانت تشرف عليها ميليشيا سعد حداد المسيحية، والتي كانت تسمى بجيش لبنان الجنوبي.
عام 1981 قصفت إسرائيل العاصمة اللبنانية بيروت. وبعد عام، وتحديداً في حزيران/يونيو 1982، اجتاحت إسرائيل لبنان مرة أخرى. وهذه المرة توغلت القوات الإسرائيلية في لبنان إلى مشارف بيروت، وحاصرتها، وسحقت القوات الفلسطينية، وأحرزت رحيل منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس.
بعد ذلك بوقت قصير، انتخب بشير الجميِّل نجل الزعيم بيير الجميِّل رئيساً للبنان. ولكنه اغتيل قبل تنصيبه. وقيل أن اغتياله كان بتحريض من سوريا التي عادت لتقف إلى جانب الفلسطينيين، لأنها رأت أن الميليشيات المارونية أصبحت قوية جداً. ومباشرة بعد اغتيال بشير الجميِّل، قامت الميليشيات المسيحية بذبح ما يقرب من 2000 من المدنيين في المخيمات الفلسطينية في كل من صبرا وشاتيلا.
في نفس الوقت، اشتد القتال في جنوب البلاد بين الميليشيات الشيعية والقوات الإسرائيلية. وكانت إحداها حركة أمل (الأحرف الأولى لـ “أفواج المقاومة اللبنانية“)، والتي أنشئت عام 1975 باعتبارها الجناح العسكري لحركة المحرومين، والتي أسسها الإمام موسى الصدر. أما الميليشيا الأخرى فكانت حزب الله. كانت سوريا تدعم حركة أمل، وإيران وسوريا حزب الله.
عام 1983، نشب قتال ضارٍ في جبال الشوف بين الدروز والموارنة، ارتكب فيها كلا الجانبين المجازر والتي وصلت إلى حد التطهير العرقي. وقد حاول الدروز، بمساندة من حركة أمل، الاستيلاء على بيروت، ولكن تم إيقافهم من قبل الجيش اللبناني تحت قيادة العماد ميشيل عون.