وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

لبنان: الفتح العربي الإسلامي في القرن السابع

الفتح العربي الاسلامي
@Fanack

المقدمة

في القرن السابع الميلادي، ظهر الفاتحون المسلمون في المنطقة، القادمون من شبه الجزيرة العربية. وقد كان العرب آنذاك يعيشون في سوريا منذ قرون – مع أن أصول العرب غير واضحة، إلا أن الإشارة الأولى لوجودهم هي كتابة مسمارية تذكر اسم شخص يدعى جندبو قادماً من أرض “العَرِبي” عام 854. وعام 570 شهدت مكة مولد محمد بن عبد الله، نبي الإسلام. وعام 613 بدأ يدعو إلى الإسلام، بعد أن أوحي إليه بذلك. وعام 622 أُمِرَ محمد وصحابته بالانتقال إلى يثرب (والتي سميت فيما بعد بمدينة النبي أو المدينة المنورة). أصبح هذا الانتقال، الهجرة، والعام 622 ميلادية الذي تمت فيه، بداية التقويم الإسلامي. كما كانت الهجرة نقطة الانطلاق لبناء الأمة التي شرع فيها محمد – بنجاح، واستغرقت عشر سنوات تقريباً. ومن المدينة، فتح محمد شبه الجزيرة العربية بأكملها، ووحد العرب تحت راية الإسلام. وتمتع اليهود والمسيحيون – أهل الكتاب – بحرية العبادة.

انتشار الإسلام

بعد وفاة النبي عام 632، تابع صحابته مهمته. ورغم وجود صراعات في شبه جزيرة العرب، كان الفتح الإسلامي للمناطق الواقعة شمالاً سريعاً إلى حد ما، وذلك لعدة أسباب. أولاً، ضعف الإمبراطورية البيزنطية جراء الحروب والصراعات الداخلية، وقد ضجرت شعوب آسيا الصغرى من حكامها. ثانياً، قام العرب بنشر قبائل حليفة – تمت بصلة لأولئك الذين استقروا في المنطقة – لغزو هذه الشعوب. ثالثاً، اعتبر مسيحيو لبنان وسوريا دين الوافدين الجدد كطائفة مسيحية على نحو خاص. وعلاوة على ذلك، كانت أول سلالة من الخلفاء التي حكمت البلاد – الأمويين الذين حكموا من مدينة دمشق القريبة (كان معاوية بن أبي سفيان الخليفة الأموي الأول) – مثالاً للتسامح الديني مع “أهل الكتاب”. وقد شجع ذلك الشعوب أن تمد يد العون إلى الحكام الجدد ضد حكامهم القدامى – الذين تمكنوا لبعض الوقت من استرداد أجزاء من الساحل اللبناني – وتحويل المدن الساحلية إلى قلاع.

دولة الخلافة الاموية
@Fanack

الأمويون

أصبح معاوية بن أبي سفيان، أول حاكم لدولة “سوريا الكبرى”، أول خليفة أموي بعد أن تراجع الحسن بن علي واخوه الحسين، من سلالة محمد، إلى المدينة.

استمرت الحروب على نحو متقطع، رغم المعاهدة بين معاوية والإمبراطور قسطنطين الرابع. واشتدت الحرب ضد البيزنطيين خاصة تحت حكم الخليفة الأموي الرابع مروان بن الحكم. وأثناء تلك الحروب، تردد الجراجمة، وهي قبيلة مسيحية في شمال سوريا، بين الانخراط في صفوف جيش الإمبراطور البيزنطي أو كجواسيس أو كشّافة للخليفة.

وفي نهاية المطاف، مثل سلفه معاوية، عقد عبد الملك بن مروان معاهدة مع الإمبراطور البيزنطي يوستنيانوس الثاني، دافعاً جزية كبيرة. نتيجة لذلك، نزح بعض الجراجمة إلى اليونان وتركيا؛ في حين استقر آخرون في جبال لبنان، وانصهروا مع باقي سكانه.

يوما بعد يوم، كان سكان لبنان يتحولون إلى اللوحة الفسيفسائية الحالية. فقد استقر هناك على مر القرون أحفاد الفينيقيين والفرس والرومان والإغريق والأرمن والسوريين واليهود وغيرهم. ومنذ ذلك الحين، بدأت اللغة العربية تحل محل اللهجة السريانية للغة الآرامية.

التنوع الديني

كما يتسم لبنان بتنوعه الديني: يهود وطوائف مسيحية عديدة – تمثل الطائفة المارونية أغلبيتها إلى حد بعيد – ومسلمون. أول من تحول إلى الإسلام كانت المدن الساحلية، حيث استقر أيضاً اليونانيون والأرمن. واستقر أتباع علي – الشيعة – بصفة عامة في جنوب البلاد والجبال. أحد فروع المذهب الشيعي الذي انتشر في لبنان وسوريا، خاصة في القرنين التاسع والعاشر للميلاد، المذهب الإسماعيلي، الذي أتت به السلالة الفاطمية معها من مصر. وينحدر الدروز، الذين يشكلون جزء أساسياً من الفسيقساء اللبنانية، من فرع منشق عن المذهب الإسماعيلي، وترجع أصوله أيضاً إلى مصر.

Advertisement
Fanack Water Palestine