وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

لبنان: اتفاقية الطائف عام 1989

S التوقيع على اتفاق الطائف في 22 تشرين الأول/أكتوبر عام 1989،
التوقيع على اتفاق الطائف في 22 تشرين الأول/أكتوبر عام 1989،

المقدمة

عام 1989 طلب الجنرال ميشيل عون وساطة جامعة الدول العربية. وكان عون يريد رحيل جميع القوات الأجنبية من لبنان – السوريين والفلسطينيين والإسرائيليين، وحاربهم جميعاً: الأولى عندما كان في منصبه كقائد للقوات المسلحة، ولاحقاً – بعد إقالته من منصبه عام 1989- بجيشه الخاص الذي كان يشكّل جزءً كبيراً من الجيش النظامي اللبناني. وعارض مفاوضات الطائف (السعودية)، والتي أعدت لها لجنة يرأسها الملك حسين عاهل الأردن والملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية والرئيس الشاذلي بن جديد رئيس الجزائر بعد تمهيد الطريق لها.

مع ذلك، تم التوقيع على اتفاق الطائف في 22 تشرين الأول/أكتوبر عام 1989، وصادق عليه مجلس النواب اللبناني المجتمع في الطائف في 4 تشرين الثاني/نوفمبر. كما قام أعضاء مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد للبنان، رينيه معوض. وعندما اغتيل بعد ذلك بقليل، تم انتخاب رئيس جديد آخر، هو الياس الهراوي. فقام بتعيين سليم الحص (مرة أخرى) رئيساً للوزراء، كما فعل سلفه رينيه معوض.

نظّم اتفاق الطائف الطريقة التي ينبغي على مختلف الطوائف الدينية الحكم بموجبها، وذلك بهدف الحفاظ على التعايش السلمي. وكان تكراراً لما نص عليه دستور عام 1926 حول تركيبة البرلمان وتشكيل الحكومة، على النحو المشار إليه في الميثاق الوطني عام 1943، وأيضاً على أساس الاعتراف السياسي بالطوائف الدينية اللبنانية. ولكن مثل الدستور السابق، نص الاتفاق أيضاً على أنه يتعين على لبنان اتخاذ التدابير اللازمة للتخلي في النهاية عن هذا النظام الذي يقوم على أساس الطوائف الدينية. وعلاوة على ذلك، فقد طالب جميع الفصائل المتحاربة بنزع سلاحها. كما نص على أن الجيش السوري يجب أن يبقى في وادي البقاع، وأصر على أهمية الروابط المميزة بين البلدين. كما غير اتفاق الطائف أساس توزيع المقاعد في البرلمان، وأعاد توزيع السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء.

نهاية الحرب الأهلية

كان هذا البند الأخير أمراً لم يقدر عون أن يقبله. لذلك فالحرب لم تنتهِ على الفور. وكما يؤكد بعض المؤرخين، أن الذي وضع بالفعل نهاية للحرب الأهلية في لبنان كان حرب الخليج 1990-1991، والتي خاضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، وتورطت فيها جميع دول منطقة الشرق الأوسط بشكل أو بآخر. في هذا الرأي، يقال أن الهيمنة السورية على لبنان، على النحو المنصوص عليه في اتفاق الطائف، كانت بمثابة “مكافأة” لسوريا على دعمها للولايات المتحدة في حرب الخليج.

وانطفأت البقية الباقية من جذوة الحرب الأهلية اللبنانية بعد مرور عام على اتفاق الطائف، وتحديداً بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول عام 1990، وذلك عندما شنت القوات السورية هجوما برياً وجوياً على قوات الجنرال عون – الذي كان لا يزال لا يعترف باتفاق الطائف، وكان آخر من واصل القتال – وأجبرته على طلب اللجوء في السفارة الفرنسية. وفي هذه المرحلة الأخيرة كان ميشيل عون يتلقى الدعم من العراق ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبشكل أكثر تكتماً، من فرنسا، التي وفرت له طريقاً للهروب في نهاية المطاف.

وحين خمدت نار الحرب أخيراً في لبنان، كانت حصيلتها مقتل أكثر من 100,000 شخص، وتشريد ما يقرب من مليون شخص، وإلحاق الضرر بالممتلكات والبنية التحتية وصل إلى عدة مليارات من الدولارات. جميع الطوائف عانت من خسائر فادحة. ربما كان الشيعة الوحيدين الذين خرجوا أقوى من هذا الصراع الطويل الأمد، مع أن المراحل اللاحقة من الحرب تميزت بتنافس شرس، وبالتالي جرت معارك عنيفة بين حركة أمل وحزب الله. وفاز حزب الله، الذي ظهر أنه الأقوى، بالكثير من الدعم داخل الطائفة الشيعية، حتى ذلك الوقت بين أفقر طبقات المجتمع، وذلك من خلال وضع نظام التكافل الاجتماعي، وكذلك من خلال منح الشيعة الشعور بالفخر في مواصلة “المقاومة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان

Advertisement
Fanack Water Palestine