بعد أشهر من الجمود، نظراً لأن مجلس النواب اللبناني كان عاجزاً، مراراً وتكراراً، عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، انتخب العماد السابق ميشيل سليمان، وأقسم اليمين الدستورية في 25 أيار/مايو 2009. أدهشت انتخابات 2009 البرلمانية الكثيرين. كان من المتوقع حدوث تعادل تقريبي، إلا أن تحالف 14 آذار السني المسيحي تمكن من الفوز بـ 71 مقعداً مقابل 57 للمعارضة، والتي تمثلها حركة 8 آذار التي تتألف من الحزبين الشيعيين حزب الله وحركة أمل وحركة التيار الوطني الحر بزعامة ميشيل عون. ومع ذلك، لم يحقق تحالف 14 آذار أغلبية من حيث الأصوات. واستغرق تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، خمسة أشهر. وفي نهاية المطاف، وتحديداً بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، اتفق تحالف 14 آذار والمعارضة التي يتزعمها حزب الله على تشكيل حكومة وحدة وطنية، بالصيغة 15-10-5 ( 15 حقيبة وزارية لتحالف 14 آذار، و 10 حقائب للمعارضة، أقل من الثلث بقليل، وخمس حقائب يعينها الرئيس).
يبدو أن تشكيل الحكومة أصبح أكثر صعوبة، نظراً للتركيبة المعقدة والصراع على السلطة بين الأحزاب.
رغم أن حزب الله لم يكن طرفاً في اتفاق الطائف الذي وقع في 1989 من قبل مجلس النواب اللبناني لإنهاء 15عاماً من الحرب الأهلية، إلا أنه أصبح قوياً إلى حد يستحيل على أية حكومة تجاهل هذه الحركة وزعيمها الذي يتمتع بشخصية جذابة ومؤثرة، حسن نصر الله.
تم الاعتراف بحكومة “الوحدة الوطنية” من قبل مختلف الزعماء – كما، على ما يبدو، سوريا والمملكة العربية السعودية وإيران.
دعا اتفاق الطائف إلى الانتقال التدريجي نحو العلمانية، ولكن بعد عشرين عاماً من نهاية الحرب الأهلية، يبدو أن لبنان يميل مرة أخرى نحو تعزيز الولاءات الدينية والطائفية. في أوائل عام 2010، ذكَّر نبيه بري، الرئيس الشيعي لمجلس النواب، أبناء وطنه بهذا البند الموجود في اتفاق الطائف، ودعا إلى وضع حد للطائفية – وقوبل بموجة من الانتقادات أو الشك بنواياه الحقيقية، لأن الشيعة سيكونون الأغلبية في النظام العلماني.
هناك بند آخر من بنود اتفاق الطائف – تم تكراره في قرار الأمم المتحدة رقم 1559 – لم يتحقق عام 2010، ألا وهو نزع سلاح كل الفصائل المتحاربة. ولم يكتفِ حزب الله بأنه لم ينزع سلاحه فقط، وإنما يلمح أن لديه من الأسلحة أكثر من أي وقت مضى – وأظهر في عام 2008، للمرة الأولى منذ نهاية الحرب الأهلية، أنه على استعداد لاستخدامها ضد اللبنانيين الآخرين، وليس فقط ضد إسرائيل. ومع ذلك، لا تكاد تسمع اليوم عن نزع سلاح الحزب الشيعي، بل على العكس تماماً. وعندما حذر رئيس الوزراء سعد الحريري في شباط/فبراير 2010 مراراً من أن إسرائيل – التي يتسبب تحليق سلاح الجو التابع لها على نحو مكثف بإثارة مخاوف بيروت – تبحث عن ذريعة لتشن حرباً أخرى ضد لبنان، أكد حسن نصر الله زعيم حزب الله أن تنظيمه سوف يدافع عن البلاد في حال شنت إسرائيل هجوماً عليها. في وقت لاحق، وبعد انضمامه إلى لقاء القمة في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، تحدث نصر الله كرجل دولة على قدم المساواة مع كلا الرئيسين. وصرح مصدر دبلوماسي أن هذه المحادثات ركزت على المنطقة أكثر من لبنان.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الحريري أيضاً استأنف علاقة شبه “طبيعية” مع الرئيس السوري. وهذه إحدى المؤشرات التي تشير إلى اتجاه تخفيف حدة التوتر، والمؤشر الآخر كان التصريح الذي أدلى به الرئيس سليمان، من موقع حوار وطني – بدأ في وقت سابق، ومن ثم توقف، رغم أن القادة السياسيين لاقوا منذ البداية صعوبات بالغة للموافقة على الموضوعات التي ينبغي أن يشملها الحوار الوطني أو لا يشملها. وسرعان ما هدد كل من الزعيمين الشيعيين والزعيم اليميني المسيحي سمير جعجع، من الطرف الآخر، بالانسحاب.