بعد يوم من حادث الاغتيال، تم استدعاء سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى سوريا، السيدة مرغريت سكوبي، “لإجراء مشاورات عاجلة”، وبعد بضعة أيام سحبت أمريكا سفيرها من سوريا، كإشارة واضحة إلى أن واشنطن تتهم سوريا بالهجوم، حتى قبل البدء بإجراء أي تحقيق. وبعد عشرة أيام، في 25 كانون الثاني/يناير 2005، أرسل الأمين العام للأمم المتحدة على عجل ببعثة تقصي حقائق إلى بيروت للتحقيق في الأسباب والظروف والعواقب المترتبة على الهجوم. وصل الفريق برئاسة بيتر فيتزجيرالد إلى بيروت في 25 شباط/فبراير 2005 وقدّم تقريره في 24 آذار/مارس 2005. أوصى التقرير بإنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في حادث الاغتيال.
في نيسان/أبريل 2005، تم إنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة (UNIIIC) بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1595 لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق. تم تعيين ديتليف ميليس، وهو مدعي عام ألماني، كمفوض للجنة التحقيق الدولية في 13 أيار/مايو 2005. استندت القضية الأولى التي توصلت إليها بعثة تقصي الحقائق على روايات شهود العيان. وأدت شهادات تورط مسؤولين أمنيين سوريين ولبنانيين إلى اعتقال أربعة ضباط أمن لبنانيين كبار واحتجازهم لأكثر من أربع سنوات، وهم: اللواء جميل السيد، قائد جهاز الأمن العام اللبناني؛ والعميد علي الحاج، قائد قوى الأمن الداخلي سابقاً؛ والعميد ريمون عازار، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية اللبنانية. وفي نفس الوقت، قام مصطفى حمدان، قائد الحرس الجمهوري، بتسليم نفسه. وتم اعتقال مسؤول سابق في الأمن اللبناني، غسان طفيلي، في وقت سابق من ذلك العام. وكان للخمسة علاقات وثيقة مع سوريا.
خلص التقرير الأول للجنة التحقيق الدولية المستقلة، والذي نشر في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2005، إلى القول إن “هناك سبب محتمل للاعتقاد بأن قرار اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري لا يمكن اتخاذه دون موافقة مسؤولين كبار في الاستخبارات السورية ولا يمكن تدبيره دون تواطؤ نظرائهم في الأجهزة الأمنية اللبنانية”. وأشارت نتائج لجنة التحقيق الدولية المستقلة بإصبع الاتهام إلى سوريا، ودعم تقرير لاحق تم تقديمه في 12 كانون الأول/ديسمبر 2005، استنتاجات التقرير الأول وذكرت “تردد ومماطلة” سوريا في تعاونها مع اللجنة ومحاولات سورية عديدة من أجل “عرقلة التحقيق داخلياً ومن الناحية الاجرائية”.
إلا أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة تعرضت للانتقاد بشأن معاييرها المهنية والأخلاقية عندما سرّب مفوض اللجنة ديتليف ميليس أسماء 25 شاهداً، بمن فيهم جبران تويني الذي اغتيل بعد ستة أشهر من ذلك. والمثير للدهشة، لم يتابع ميليس خيوطاً من المحتمل أنها كانت هامة، مثل السؤال حول مالك الشاحنة اليابانية التي كانت تحمل المتفجرات، والتي تبيّن أنها كانت مسروقة قبل أشهر من طوكيو وتم استيرادها عن طريق إحدى الدول الخليجية. وخلال أسابيع من نشر تقرير ميليس، ثبت أن الشهادات التي بنيت عليها الادعاءات غير جديرة بالثقة. فقد تسببت تسجيلات مسربة لاجتماع بين الشاهد الرئيسي وسعد ابن رفيق الحريري بضربة قوية للتحقيق.