وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الملف النووي الإيراني: آخر المستجدات

مظاهرة مؤيدة للبرنامج النووي الإيراني, أمام مبنى منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في طهران, 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 Photo Corbis
مظاهرة مؤيدة للبرنامج النووي الإيراني, أمام مبنى منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في طهران, 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 Photo Corbis

بعد عام من المفاوضات، فشلت إيران ومجموعة 5+1 (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن اضافة الى المانيا) في الوصول إلى اتفاق نووي شامل بحلول الموعد النهائي في الرابع والعشرين من نوفمبر 2014. ومع ذلك وافقت الأطراف على التمديد لسبعة أشهر على أمل الوصول إلى اتفاق شامل. ويتوقع المفاوضون الوصول إلى اتفاق سياسي من المتوقع أن يكون له تأثير واضح على مستقبل برنامج إيران النووي، بحلول مارس 2015 والتوصل إلى خطة تنفيذية بحلول يوليو 2015.

وفي نوفمبر 2013، توصلت إيران ومجموعة 5+1 إلى “خطة العمل المشتركة”، والتي من المزمع أن تستمر لمدة ستة أشهر، مما يتطلب من إيران تخفيض مخزونها من اليورانيوم المخضّب بنسبة 20%، والحدّ من التخصيب الجديد بنسبة 5%، والسماح بالمراقبة عن كثب للمنشآت النووية، مقابل التخفيف المحدود للعقوبات، حيث أعقب هذا الاتفاق تمديد المفاوضات لمدة ستة أشهر، وبالرغم من التمديد، ستبقى بنود “خطة العمل المشتركة” على ما هي عليه. ولا زال الوصول إلى اتفاق شامل يمثل نقطة تحوّل أمر في متناول اليد، شريطة أن يتمتع كلا الطرفين بالمرونة اللازمة.

الخطوط الحمراء

لا تزال قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم وتنسيق التخفيف من العقوبات أهم النقاط الشائكة في المفاوضات للوصول إلى اتفاق شامل.هذا ويمتلك كل من الطرفين، فيما يخص هاتين القضيتين خطوط حمراء غاية في الاختلاف تأجج الإنقسام. وفيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، ترى إيران أنّ من حقها تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي كجزء من سعيها نحو تحقيق الإكتفاء الذاتي، في حين ترى مجموعة 5+1 أنّ تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي يتخطى الاحتياجات العملية لإيران. كما تؤمن مجموعة 5+1 أنّ أي اتفاق يتم التوصل إليه، لا بد أن يستمر لفترة طويلة بما فيه الكفاية (عشر سنوات على الأقل) لضمان أنّ تطوير إيران لقدرات شديدة العنف (breakout capacity)، أي الوقت الذي سيستغرق لانتاج كمية كافية من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع سلاح نووي، لا يتخطى العا

ويتمثل الخط الأحمر الآخر الذي يعدّ من نقاط الخلاف بين الطرفين، قضية تنسيق التخفيف من العقوبات، إذ كان هناك اختلاف واضح بين مطالب إيران بالرفع الدائم للعقوبات والتنسيق المقترح من قِبل مجموعة 5+1. وتتوقع إيران أنّ أي تنازلات تقدمها، وخاصة أنّ لا رجعة فيها، لا بد أن تكون مصحوبة بإنهاء العقوبات وليس مجرد تعليقها. وفيما يتعلق بالسيناريو الأخير، ستفشل إيران في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تحتاج إليه بشدة. أما بالنسبة لمجموعة 5+1، تعتبر العقوبات الورقة الرابحة بالنسبة لهم، بالإضافة إلى أنّ مزيج عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد يعني التراخي في منطقة واحدة وبالتالي إضعاف نظام العقوبات بأكمله.
ومع دخول هذه العملية مرحلتها الأخيرة، تتزايد الضغوط المحلية على كلا الجانبيين مما قد يقوّض المفاوضات ويؤدي إلى تصعيد القضية. ففي 6 يناير 2015، سيتولى الجمهوريون السيطرة على الكونغرس للمرة الأولى منذ ثماني سنوات مما يضع العملية برمتها ضمن دائرة خطر نشاط الكونغرس. وعلى الرغم من احتمال استخدام الرئيس أوباما حق النقض (الفيتو) ضد هذا الإجراء، إلا أنّ الكونغرس يسعى إلى فرض عقوبات جديدة على إيران في حال تعثرت المفاوضات الرامية للتوصل لاتفاق نووي ضمن الموعد النهائي المتفق عليه. وقد يؤدي هذا إلى عرقلة العملية نتيجة الزخم السياسي المهدور، ويزيد من الضغوطات المفروضة على المفاوضين الإيرانيين للتوصل إلى اتفاق يحفظ المصالح الإيرانية. وفي الوقت نفسه، هناك قوى إيرانية ذات ثِقل، تعارض أي اتفاق مع مجموعة 5+1.

آخر المستجدات

وفي التاسع من مارس 2014، التقى الرئيس الايراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون في طهران.

وعلى الرغم من أنّ النقاد يرون في التمديد تأكيداً لفشل العملية في نهاية المطاف، إلا أنّ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أكدّ أنّ المفاوضات حققت “تقدماً كبيراً وموضوعياً” في حين ذكرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين أشتون ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وجود “مسار موثوق” لتحقيق اتفاق شامل على أساس التقدم المُحرز خلال المفاوضات السابقة و”استناداً على الأفكار الجديدة التي لا زلنا ندرسها”. وفي الواقع، حقق الطرفان تقدماً كبيراً في فيينا، حيث تم بالفعل تضييق هوة الخلافات في العديد من القضايا خلال العام الماضي.

هناك اقتناع الآن ، وبعد الخوض في الإجراءات حتى آخر لحظة، أنّ المواقف باتت واضحة المعالم إذ أنّ استمرار المفاوضات ضروري للكشف عن الخطوط الحمراء الحقيقية لجميع الأطراف التي قد تكون أساس التوصل إلى اتفاق شامل. وعلاوة على ذلك، وبما أنّ الأطراف ستنخرط حتماً في مرحلة الزيارات الدبلوماسية المكثفة، فلا بد من وجود عبر مستفادة من الأشهر الـ12 الماضية. وتتضمن المشاكل الإجرائية التقييم المتزامن للجوانب السياسية والتقنية لهذه المسألة ومعوقات توقيت المفاوضات متعددة الأطراف. ومع ذلك، لا بد من القراءة بين السطور حيث تكمن الحقيقة التي تتمثل في الثقة الشخصية بين المفاوضين، والمحادثات المباشرة البناءة بين ايران والولايات المتحدة بشأن هذه المسألة.

ولا تزال فكرة أنّ العالم سيشهد في العام 2015 اتفاقاً نووياً شاملاً لقضية استمرت اثني عشر عاماً غير مضمونة على الإطلاق، ولكن التقدم الكبير المحرز والدروس المستفادة خلال العام الماضي تُبشر بالخير وبإمكانية التغلب على التحديات. وفي نهاية المطاف، سيعتمد هذا على القرارات السياسية الصعبة التي يتوجب اتخاذها في طهران وعواصم مجموعة 5+1 فضلاً عن التحليل الفني والضمانات.