وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تغييرات ديناميكية تلوح في أفق المسألة الكردية

Translation- Iraqi Kurdistan
أكراد عراقيون يسيرون يوم ٣٠ أكتوبر ٢٠١٧ في تظاهرة دعماً لقرار الزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني بإجراء استفتاء على استقلال كردستان العراق. المصدر: AFP.

نشر المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية مقالة سلطت الضوء على المسألة الكردية وما طرأ عليها من تغيرات خلال السنوات الأخيرة. وتقوم صاحبة المقالة الدكتورة إرزو يلماز، وهي زميلة في برنامج زمالة “مركاتور” التابع لمركز إسطنبول للسياسات في المعهد، باستعراض بزوغ ما أسمته باللحظة الكردية بسبب تهديدات تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسقوطها بعد فشل استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق في عام ٢٠١٧، لتنتقل بعد ذلك إلى الصعوبات التي يواجهها الأكراد في سوريا وتركيا وإيران. كما تقوم يلماز في مقالتها برصد تغير نظرة الأكراد إلى أنفسهم وتشكل وعيهم الجمعي بهويتهم القومية، بالتزامن مع تناول ما يعيشه الأكراد من نزاعاتٍ داخلية. وتشير صاحبة المقالة إلى الفرص السانحة أمام الأكراد في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، والدور الذي يمكن أن تؤديه الدول الغربية تجاه المسألة الكردية.

وتبدأ يلماز مقالتها بالإشارة إلى أن الأكراد باتوا لاعباً مهماً من الناحيتين السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط على مستوى مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”. وكانت التغيرات التي طرأت على المسألة الكردية إحدى أهم النتائج المترتبة على هذا الوضع، حيث بدأت الأحزاب الكردية بتغيير تصوراتها واستراتيجياتها في أعقاب فشل الجهود المبذولة لتحقيق المساواة من الناحيتين السياسية والاجتماعية في بلدانهم. وبحسب صاحبة المقالة، فإن هناك تحول ملحوظ يجري حالياً من الكفاح لأجل “العدالة والحرية والمساواة داخل دولة قومية معينة” إلى “الدفاع عن كردستان” باعتبارها إقليماً سياسياً. وعلى هذا النحو، فقد أصبحت المقاربة المُجزَّأة للمسألة الكردية بوصفها مسألةً محلية داخليةً مقاربة غير واقعية. وترى يلماز أن تطورات المشهد الكردي تتطلب إجراء مراجعة للموقف التقليدي، بالتزامن مع العثور على حل شامل يحقق التوازن بين المصالح المتعارضة ويواجه التحديات المتغيرة في منطقة الشرق الأوسط.

ويعد إضعاف المواقع التي تتمتع بها مراكز السلطة في مواجهة المناطق الموجودة على الأطراف من أبرز ما أدت إليه طبيعة “الربيع العربي” العابرة للحدود والمحفزة للجماهير، علماً بأنه تعيش في هذه المناطق الأخيرة جماعاتٌ محرومة خضعت طويلاً لحكم الأنظمة الاستبدادية. وكانت الأحزاب الكردية أكثر المجموعات جاهزيةً – إن لم تكن الوحيدة – في أطراف الدول القومية المنهارة في الشرق الأوسط. واستجابت التنظيمات السياسية والعسكرية الخاصة بالأكراد لمطالب تغيير الوضع الراهن على مستوى المنطقة الذي اتسم بالتعسف ضد حرية التعبير، وانتهاكات حقوق الإنسان، وسوء الإدارة الاقتصادية، والفساد.

صعود نجم “اللحظة الكردية” وأفولها

ترى يلماز في هذا السياق أن ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” ودور المقاتلين الأكراد في مواجهة هذا التنظيم تزويد القوى السياسية الكردية بفرصة ثمينة. وظهر قادة الأكراد أخيراً كممثلين للشعب الكردي على المسرح السياسي، وكان ذلك بدعمٍ سياسي وعسكري قدمته كلٌّ من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية. وأدى هذا الأمر إلى تشكّل “لحظة كردية” تاريخية بدا أنها تتيح للأكراد التخلص من براثن الإنكار والخضوع والإكراه.

وعلى الرغم من الموقف المتعنت للقوى الدولية الفاعلة والمخاطر الناجمة عن اعتراضات القوى الإقليمية المماثلة لتركيا وإيران، فقد قام أكراد العراق بإجراء استفتاء على الاستقلال. كما احتشد عشرات الألوف في أربعة أجزاء من كردستان لإقامة منطقة حكم ذاتي في سوريا. يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت فيه تركيا معاودة اندلاع النزاع المسلح بعد مفاوضات السلام التي استمرت لمدة عامين. أما في إيران، فقد قرر ممثلو الأكراد العودة إلى الكفاح المسلح بعد عقدين من السلمية.

إلا أن النتائج الأولية لهذه الجهود تظهر تعرّض الشعب الكردي لخسائر أكبر مما تم تحقيقه من مكاسب على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

تداعيات الاستفتاء في كردستان العراق

تعتبر حكومة إقليم كردستان في العراق أبرز إنجاز حققه الأكراد في الشرق الأوسط. وعزّز هذا الإنجاز انسحاب الجيش العراقي أمام هجمات تنظيم “الدولة الإسلامية” عام ٢٠١٤، حيث اكتسب الأكراد سلطة فعلية على المناطق المتنازع عليها التي حددتها المادة ١٤٠ من دستور العراق. ولذلك، فقد تمثل الهدف الأساسي من استفتاء عام ٢٠١٧ في توسيع الحدود القانونية لحكومة الإقليم في المناطق المتنازع عليها ضمن محافظات ديالى، ونينوى، وكركوك.

إلا أن النتيجة تمثلت في تقليص أراضي الإقليم فضلاً عن إضعاف حكومته من الناحيتين السياسية والعسكرية. كما لحق بالمناطق المتنازع عليها دمارٌ يتعذر إصلاحه، بالتزامن مع فقدان قوات حكومة إقليم كردستان العراق لـ ٤٠٪ من الأراضي التي كانت تسيطر عليها سابقاً. وتوقفت حكومة إقليم كردستان عن تصدير ٣٠٠ ألف برميل نفط يومياً إلى تركيا مع إحكام بغداد قبضتها العسكرية على كركوك. كما أطاحت الحكومة العراقية بالمسؤولين الأكراد من المناصب الإدارية المحلية والمناصب الأمنية داخل المناطق المتنازع عليها. يأتي ذلك بالتزامن مع خسارة ٣٠ ألف كردي لمنازلهم في محافظة كركوك وحدها. وتم تعليق رئاسة حكومة إقليم كردستان، التي كانت تحظى باعترافٍ دولي باعتبارها الممثل الشرعي للأكراد، وتعين على حكومة الإقليم ترتيب أوضاعها مع بغداد فيما يخص سيطرتها على إدارتين منفصلتين سياسياً، وهما أربيل والسليمانية.

وما يزال أكراد العراق وأحزابهم في حالة صدمة سياسية بعد مرور عام على الاستفتاء. ويرى غالبية سكان كردستان العراق أن تجربة حكومة الإقليم قد انتهت، لكن لا أحد يعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك. وكانت تنسيقات تقاسم السلطة بين الحزبين الكرديين البارزين – الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني – قد شهدت تدهوراً كبيراً. فالأول يوشك أن يُهمَش في بغداد، في حين خسر الأخير نفوذه السياسي في حكومة إقليم كردستان. كما باتت المصالحة أمراً مستبعداً بحسب ما تُظهره تداعيات الانتخابات البرلمانية التي أُجريت مؤخراً في العراق والانتخابات البرلمانية في حكومة إقليم كردستان. ومن ناحية أخرى، يبدو أن الدعم الدولي الذي يبحث عنه أكراد العراق يقف عند الاعتراف بأنهم “مقاتلون جيدون” فحسب. ويبدو جلياً أن إعادة بناء وحدة أراضي العراق هي أولوية الجهات الدولية الفاعلة.

أكراد سوريا: تحول “ثورة روج آفا” إلى شمال سوريا

تعاني العملية الجارية لإقامة منطقة كردية ذاتية الحكم (روج آفا) في سوريا من حالة اضطراب بسبب التدخل العسكري التركي، شأنها في ذلك شأن الحالة التي تعيشها حكومة إقليم كردستان في العراق. وكانت إحدى المناطق الثلاث التي يحكمها الأكراد في سوريا، وهي عفرين، عادت بالفعل إلى جماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا. أما المنطقتان المتبقيتان فهما مهددتان بالهجمات التركية، بالإضافة إلى سيطرة نظام بشار الأسد المتزايدة على جميع أنحاء شمال سوريا. كما تعتبر احتمالية دعم الوجود الأمريكي المتردد شرقي نهر الفرات للحكم الذاتي الكردي محل شك.

وبهذا المعنى، فإن “ثورة روج آفا” بعيدة كل البعد عن تلبية توقعات الأكراد بعد سبع سنوات من الحرب وموت ما يقرب من ١٠ آلاف مقاتل كردي. وفي الوقت نفسه، فقد تم استبدال تسمية “روج آفا” بـ “شمال سوريا”، في ظل الاهتمام بمنطقة شرق نهر الفرات. وأخيراً، فإن تمييز التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بين وحدات حماية الشعب الكردي باعتبارها قوةً محليةً شرعيةً من جهة، وبين حزب العمال الكردستاني باعتباره منظمةً إرهابيةً من جهةٍ أخرى، يرجح كفة الادّعاء التركي الذي ينظر للمجموعتين باعتبارهما منظمة إرهابية واحدة. ونتيجة لذلك، لا يمكن لحزب الاتحاد الديمقراطي المشاركة في عملية السلام السورية، سواء أكان ذلك في جنيف أو في أستانا.

انهيار عملية السلام في تركيا

Translation- Syrian kurds
أكراد سوريون يرفعون أعلام طبعت عليها صورة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان أثناء تظاهرهم في مدينة القامشلي ضد القصف التركي لمواقع الميليشيا الكردية في شمال سوريا يوم ٣١ أكتوبر ٢٠١٨. المصدر: AFP.

تحولت عملية السلام التي بدأت في عام ٢٠١٣ بين تركيا وحزب العمال الكردستاني إلى حرب مدمرة خلال عامين فقط. ولم تقم تركيا بشن هجوم عسكري مكثف ضد قواعد حزب العمال الكردستاني في الجبال فحسب، بل كذلك ضد الميليشيات الكردية التابعة له في المدن. وعانى أكراد تركيا بصفةٍ عامة من إجراءات قاسية ووحشية بسبب حالة الطوارئ في السنوات الأربعة الأخيرة.

وخلال هذا التصعيد، قامت الحكومة بتشريد حوالي ٥٠٠ ألف شخص بالقوة، بالتزامن مع تدمير منازل حوالي ٢٥٥ ألف آخرين. وتم إبعاد حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد من الساحة السياسية عبر سجن الآلاف من أعضائه، من بينهم زعيمي الحزب والبرلمانيين الأكراد. كما قامت الحكومة بعزل ٩٣ من رؤساء البلديات المنتخبين في الأقاليم الكردية، وتولت الإدارة المباشرة على البلديات من خلال تعيين مفوضي الدولة. ومع ذلك، نجح حزب الشعوب الديمقراطي أخيراً في تجاوز العتبة البرلمانية خلال الانتخابات التي أُجريت في يونيو من عام ٢٠١٨. ولا يتوقع أحد عودة الأمور إلى طبيعتها في المناطق الكردية على المدى القريب، خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار طبيعة الوضع السياسي العام في ظل النظام الرئاسي الذي تشكل حديثاً.

تصاعد القمع في كردستان إيران

عاشت كردستان إيران حالة هدوءٍ نسبي منذ منتصف التسعينيات خلف جدران النظام الثوري الإسلامي في إيران. وكانت الأحزاب السياسية الكردية تعمل من المنفى، لا سيما من كردستان العراق. وعجزت هذه الأحزاب بصورةٍ كاملة عن تعبئة الجماهير في كردستان إيران على مدى عقودٍ من الزمن، إلا أن الناشطين الأكراد في إيران باتوا حالياً أكثر تأثيراً في المجال السياسي كما اتضح من خلال “الحركة الخضراء” التي ظهرت في عام ٢٠٠٩. وازداد هذا التأثير خلال المظاهرات الشعبية التي عمَّت البلاد في أعقاب ظهور ثورات “الربيع العربي”. وعندما تُوفيت فريناز خسرواني في عام ٢٠١٥، وهي امرأة كردية كانت تبلغ من العمر ٢٥ عاماً عندما فارقت الحياة أثناء محاولتها الهرب من اعتداء جنسي على يد ضابط عسكري إيراني، اندلعت احتجاجات غير مسبوقة عمَّت جميع أنحاء كردستان إيران.

وقررت الأحزاب الكردية الإيرانية في ذلك الحين العودة إلى الكفاح المسلح، فما كان من النظام الإيراني إلا وأن قام بزيادة القمع. وصدرت آنذاك عقوبات قاسية بحق الناشطين الأكراد، بالتزامن مع ارتفاع عدد أحكام الإعدام بصورةٍ حادة. وبحسب ما أوردته عدة تقارير، فقد شهدت الفترة الممتدة بين أكتوبر ٢٠١٦ وأكتوبر ٢٠١٧ إعدام ١٣٥ كردياً في إيران. كما قامت إيران بقتل ١٤ عضواً من الأحزاب الكردية الإيرانية في هجوم صاروخي على مقرهم في كردستان العراق.

مأزق

من الواضح أن الحل السلمي للمسألة الكردية على مستوى الدول القومية الحالية هدف بعيد المنال في المستقبل القريب. فالدول المعنية بهذه المسألة أبعد من أن تتحول إلى دول ديمقراطية. وفي الوقت الذي ما يزال فيه النظام الإيراني قائماً رغم كل الجهود الرامية لإسقاطه، فإنه لم يتم إحراز أي تقدّم في عملية إعادة إعمار العراق، كما بات نظام الأسد على وشك النجاة. أما تركيا – وهي عضوٌ في حلف الناتو ومن الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي – فقد مضت في طريقها نحو الاستبداد.

وعلاوة على ذلك، فقد أظهر رد الدول الغربية على “الربيع العربي”، في مصر وسوريا على سبيل المثال، أن حماية الحدود السياسية والوحدة الإقليمية للدول هي أولوية الغرب القصوى مهما بلغت بشاعة المذابح والدكتاتوريات وانتهاكات حقوق الإنسان.

وعندما تم احتواء تهديد تنظيم “الدولة الإسلامية”، تمت مطالبة الأكراد بالتراجع إلى الحدود القومية القائمة، كما هو الحال في العراق وسوريا. ومع ذلك، فقد صمت الممثلون الدوليون عندما سيطرت الميليشيات المدعومة من إيران على المناطق المتنازع عليها بالعراق في أكتوبر من عام ٢٠١٧، وحين قامت تركيا بغزو عفرين في يناير من عام ٢٠١٨.

وفي ظل هذه الظروف، من المرجح أن تقع المسألة الكردية في مأزق بدلاً من العثور على حل سريع لها. وإذا ما تم النظر بصورةٍ أدق إلى الديناميكيات المتغيرة للمسألة الكردية، فإن هذا الوضع يشير إلى طرح مثل هذا المأزق قريباً لتحديات جديدة وخطيرة في الشرق الأوسط.

الديناميكيات المتغيرة

درجت القوى الدولية على التعامل مع المسألة الكردية باعتبارها قضيةً داخليةً لدول المنطقة التي يقيم فيها الشعب الكردي، وهي تركيا والعراق وإيران وسوريا. وكان هذا التصور قد تشكّلت معالمه خلال حقبة الحرب الباردة، عندما قامت القوى الغربية بدعم السلطات المركزية في هذه الدول وساعدتها في السيطرة على حدودها السياسية. وظلت المسألة الكردية حبيسة الحدود الوطنية واعتُبرت محض قضية أمنية لكل دولة من هذه الدول القومية، ويعود السبب في ذلك إلى التفرقة الدقيقة بين ما تم التعامل معه على أنه سياسات داخلية أو سياسات خارجية.

ونتيجة لذلك، فقد وجد الأكراد أنفسهم منفصلين عن بعضهم البعض من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في الوقت الذي تم فيه إعادة تشكيل الهوية الكردية وتمييزها في علاقتها بالمشاريع القومية المهيمنة في الدول التابعين لها. وعلاوة على ذلك، فقد تطورت الحركات الوطنية الكردية التي برزت في مواجهة هذه المشاريع القومية في إطارٍ من الخضوع للتجزئة الجيوسياسية لكردستان. وقد تعكس هذه التجزئة طبيعة الاختلافات اللغوية والدينية للمجتمع الكردي ذاته، وهو ما سهّل التأكيد على الاختلافات السياسية بين الأكراد، وإضفاء الشرعية على مفهوم المسألة الكردية باعتبارها مجرد قضية داخلية تخص الدول القومية. وبهذا المعنى، فقد تحول الأكراد إلى مجموعات أقلية ضعيفة في الدول القومية بدلاً من التعامل معهم باعتبارهم أمة موحدة. وبرزت كردستان في هذا السياق بوصفها مصطلحاً جغرافياً ثقافياً دون أي إشارة سياسية إلى التطلعات الكردية.

بيد أن هذه الحالة تغيرت على مدار العقود الأخيرة. وبدأ هذا التغيّر مع إقامة الحكم الذاتي في شمال العراق عام ١٩٩٢، ثم ظهر الحكم الكردي بعد ذلك في شمال سوريا بحلول عام ٢٠١٢ والذي أدى إلى تعبئة الأكراد عبر الحدود. واستعاد الأكراد ترابطهم وتنظيمهم بسبب أربعة عناصر رئيسية وهي الهجرة، والنضال المسلح، والتجارة الحدودية، ووسائل الإعلام. وأعادت الهجرة بناء الهويات الكردية السابقة التي انفصلت عن بعضها بشدة داخل الدول القومية المختلفة، فتشكلت هوية كردية واحدة عبر التركيز على الإثنية المشتركة.
كما أضعف الكفاح المسلح الخلافات الإيديولوجية لصالح الدفاع عن كردستان. وأدى تحسين التجارة الحدودية إلى رسملة القرابة والحدود القبلية العابرة للحدود، ليساعد بذلك على ظهور جماعات مصالح جديدة. وعلى الرغم من الصعوبات الناجمة عن الاختلافات اللغوية، فقد تمكن الأكراد في مختلف الدول من التواصل مع بعضهم البعض بفضل ما يزيد عن مئة قناة تلفزيونية، بالإضافة إلى محطات الإذاعة المختلفة، والشبكات الاجتماعية.

ظهور كردستان كإقليم سياسي ووحدة الأكراد

Translation- Peshmerga
أعضاء من بشمرغة كردستان إيران من الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني يقفون أمام مقرهم بعد شن هجوم صاروخي على “قوي سنجق” على بعد ١٠٠ كم شرقي مدينة أربيل، عاصمة الإقليم الكردي ذاتي الحكم شرقي العراق يوم ٨ سبتمبر ٢٠١٨. المصدر: AFP

استناداً إلى السياق السابق ذكره، يحق للبعض الادّعاء بأنه تمت إعادة صياغة المسألة الكردية في ظرفٍ إقليمي متقلب يتعدى الحدود القومية. ويبدو واضحاً اليوم أن الكفاح الكردي من أجل “العدالة والمساواة والحرية” قد تحول إلى “الدفاع عن كردستان”. وترى صاحبة المقالة أن غياب الحلول السلمية – إلى جانب القيود التي تفرضها السلطات المركزية – يشجع على إجراء تغييرات على مستوى القاعدة وتفضل الانفصال على الاندماج.

وشهدت العقود الأخيرة ظهور كردستان كمصطلح سياسي، مع التأكيد بشكلٍ أكبر على فكرة الوطن الكردي على مستوى الخطاب والممارسة. وخلافاً للتصورات السابقة، يعتبر الكردي التركي نفسه اليوم من شمال كردستان، ويرى الكردي العراقي أنه من جنوب كردستان. ويركز التوجه السياسي للشعب الكردي اليوم على إقليم كردستان بصفةٍ عامة أكثر من أي وقت مضى. وبناء على ذلك، فقد باتت “وحدة الأكراد” الموضوع الأكثر شعبية على جدول الأعمال الكردي في يومنا هذا، وليس التطورات السياسية في البلدان التي يقيمون فيها.

إلا أن تعامل الأحزاب السياسية الكردية مع هذه التطلعات الناشئة حديثاً لم يكن كافياً. فبعد فترة وجيزة من الاتحاد لقتال تنظيم “الدولة الإسلامية”، انغمس كل منهم في صراعاته مرة أخرى. وهكذا شكلت خسارة كركوك تحديداً بعد استفتاء كردستان العراق في ١٦ أكتوبر ٢٠١٧ نقطة تحول مهمة. وحمَّلت الغالبية العظمى من الأكراد – بعيداً عن انتماءاتهم الحزبية – ذلك الفشل للقوى السياسية الكردية وليس للقوى الإقليمية والدولية. ويرى كثيرون أن السبب الرئيسي للفشل هو غياب الوحدة بين الأحزاب الكردية.

وقد تعزز هذا التصور عندما غزا الجيش التركي عفرين بعد شهرين من خسارة كركوك. وكانت شرعية الحكم الكردي حينذاك قد ضعفت بفعل الهيمنة المتعنتة لحزب الاتحاد الديمقراطي على حساب كل الأحزاب الكردية الأخرى في كردستان سوريا، ما مهد الطريق لتدخل تركيا عبر جماعات المعارضة السورية التي سبق لها التعاون إلى حد ما مع هذه الأحزاب الكردية منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا.

وثمة حالة أخرى تتمثل في انسحاب جميع القوات الكردية من سنجار، وهي منطقة يزيدية تتواجد في شمال العراق على مشارف الحدود السورية. وخضعت سنجار لحكومة إقليم كردستان بحكم الأمر الواقع قبل ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية”. وعلى الرغم من ذلك، فقد انسحبت قوات حكومة الإقليم عندما قام تنظيم “الدولة الإسلامية” بمهاجمة سنجار في عام ٢٠١٤. ولم تتمكن الحكومة من العودة إلى سنجار إلا عبر التعاون مع وحدات حماية الشعب، وغيرها من المجموعات التابعة لحزب العمال الكردستاني، والتي أطلقت عملية إنقاذ عاجلة لليزيديين في مواجهة هجمات تنظيم “الدولة الإسلامية”. وبعد ذلك، قام الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني بالتنسيق فيما بينهما لتحرير سنجار في عام ٢٠١٥. وأصبحت سنجار منذ ذلك الحين رمزاً للتعايش بين قوات البيشمركة والجماعات المسلحة التي تربط بين جنوب وغرب كردستان. ومع ذلك، سرعان ما انقلب الوضع في سنجار بدخول الأحزاب الكردية إلى صراع سلطوي حول كيفية حكم المدينة. وتمثلت النتيجة في عسكرة الحياة اليومية التي تعيشها المدينة، في الوقت الذي نأى اليزيديون بأنفسهم عن الأحزاب الكردية لضمان مصالحهم الخاصة بعيداً عن الصراعات الداخلية الكردية. وفي نهاية المطاف، انسحبت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني، وسقطت مدينة سنجار في أيدي بغداد أواخر عام ٢٠١٧.

ورغم التدخلات الحاسمة لعوامل وقوى فاعلة مختلفة في جميع هذه الحالات، فإن الرأي العام الكردي يعيد السبب في هذه الإخفاقات إلى تفضيل الأحزاب الكردية لمصالحها الخاصة على مصالح الشعب الكردي وكردستان بصفةٍ عامة. ولهذا السبب، فقد شهدت نسبة الإقبال على الانتخابات الأخيرة انخفاضاً ملحوظاً في المناطق الكردية. وعلى سبيل المثال، قال ناخب كردي أعرب عن عدم رغبته في التصويت ضمن الانتخابات البرلمانية الكردستانية في ٣٠ سبتمبر: “لقد قمت بالتصويت في الاستفتاء فقط لأن ذلك كان في صالح كردستان، أما هذه الانتخابات فهي لصالح الأحزاب، لا كردستان”.

من ناحية أخرى، قام الناخبون الذين صوتوا في انتخابات البرلمان العراقي وحكومة إقليم كردستان بتأييد الحزب الديمقراطي الكردستاني في مقابل الأحزاب الكردية الأخرى. وفي الوقت الذي انخفضت فيه نسبة التصويت للاتحاد الوطني الكردستاني على سبيل المثال ولم تحقق فيه الأطراف الأخرى لأية نجاحاتٍ ملحوظة، فقد زادت نسبة التصويت للحزب الديمقراطي الكردستاني. وتشير مثل هذه النتيجة ببساطة إلى أن غالبية الناخبين الأكراد لم تقم بمعاقبة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان بالفعل بطلاً لمرحلة استفتاء الاستقلال على الرغم مما تم تحقيقه من نتائج سلبية. كما أظهر الناخبون في المقابل اهتماماً أقل بالأحزاب التي عارضت استقلال حكومة إقليم كردستان عن العراق.

ومع ذلك، يصعب الجزم بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني أقوى مما كان عليه قبل عام واحد. ويبدو أن غياب الوحدة عن السياسة الكردية يقوض شرعية السلطة التي يكسبها أي حزب عن طريق الانتخابات أو النجاح العسكري. لذلك، من المرجح أن يتعاون الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الاتحاد الوطني الكردستاني بعد الانتخابات البرلمانية من أجل توحيد حكومة الإقليم مرة أخرى، رغم أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يمكن أن يشكل الحكومة بسهولة بدعم المقاعد الإحدى عشرة المخصصة لمجموعات الأقليات في البرلمان الكردستاني. من ناحية أخرى، أعلن أبرز الأحزاب المناصرة للأكراد في تركيا أنه سيبحث عن تشكيل تحالف مع الأحزاب الكردية في الانتخابات المحلية التي سيتم تنظيمها في مارس من عام ٢٠١٩.

ويرى أحد قادة البيشمركة أن عدم تصادم الأحزاب الكردية خلال التطورات الأخيرة يعود بصورةٍ أساسية إلى عدم استعداد الجماعات المسلحة لهذا الأمر. وتجدر الإشارة إلى أن الجماعات المسلحة الكردية لم تصطدم بالفعل منذ مطلع الألفية. وقد تحقق هذا التعايش المؤقت في أعقاب اتفاقٍ لتقاسم السلطة توسطت فيه الأحزاب الكردية، وبالتحديد الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وحزب العمال الكردستاني الذي تعهد بعدم التدخل في مجالات النفوذ السياسي والعسكري للأحزاب الأخرى. ومع ذلك، يبدو واضحاً أن هذه الحالة لم تعد صالحة منذ ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” في عام ٢٠١٤. وقامت جميع الأحزاب الكردية بتوسيع نطاق نفوذها عن طريق بناء تحالفات جديدة مع الجهات الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي، في حين اضطرت مجموعاتها المسلحة إلى الاصطدام ببعضها البعض في ظروف عدة. لكن حتى في تلك المناسبات، تجنبت جميع الجماعات وقوع الاشتباكات – باستثناء حالة واحدة كانت في سنجار خلال شهر مارس من عام ٢٠١٧ – وأكدوا مراراً لأتباعهم أن المعركة الكردية – الكردية قد انتهت.

ويعتمد مثل هذا الموقف على تغيرين جديدين. إذ أصبحت الجماعات المسلحة الكردية أكثر تنوعاً فيما يخص أصول أعضائها على الرغم من ارتباطها القوي بالأحزاب الكردية. فنجد مثلاً وعلى عكس ما كان يحدث في السابق أن عدد الأكراد من خارج كردستان العراق في قوات حكومة الإقليم قد ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً. كما يتواجد حالياً آلاف المقاتلين الأكراد السوريين (لشكري روج) تحت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، في حين تتكون القوات الخاصة (زيرفاني) لحكومة إقليم كردستان أساساً من المقاتلين السابقين لحزب العمال الأتراك أصلاً. كما ينطبق ذلك على المجموعات المسلحة التابعة لحزب العمال الكردستاني، فهذه المجموعة تُشكل بالفعل المجموعة المسلحة الكردية الأكثر تنوعاً نظراً لعملها في أربعة أجزاء من كردستان لعقود. وبناء على ذلك، فإن أي مقاتل أو مقاتلة من أي جماعة كردية مسلحة في السياق الحالي يدّعي ببساطة أنه “يحارب من أجل كردستان” ويُغفل أي منطقة جغرافية أو حزب سياسي. وترى صاحبة المقالة أنه من الإنصاف في ظل هذا الوضع القول بإن “الدفاع عن كردستان” باعتباره هدفاً مشتركاً يمنع الأحزاب الكردية عن التصادم ببعضها، ويوفر في الوقت نفسه أرضية مشتركة للتعايش.

وباختصار، يبدو أن القضية الوطنية الكردية تفتقر بصورةٍ واضحة إلى الوحدة اللازمة أو القدرة العسكرية والسياسية لكسب أي صراع على السلطة في إقليم كردستان. ومع ذلك، لا يوجد أي تدخل وطني أو دولي آخر يمكن أن يوقف حركة الوعي الوطني الكردي الشاملة. ويعني هذا الأمر أنه لن يكون من السهولة بمكان دفع الأكراد داخل الحدود القومية، خاصةً عندما تكون الدول المعنية إما منهارة أو أضعف من ممارسة هيمنتها على المناطق التي يستوطنها الأكراد.

دور الغرب

Translation- Masoud Barzani
رئيس كردستان العراق مسعود بارزاني متحدثاً في المجلس الأطلسي بالعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي يوم ٦ مايو ٢٠١٥. المصدر: AFP.

تطرح هذه التطورات التساؤل حول جدوى انتهاج المقاربة المجزأة للمسألة الكردية باعتبارها مسألة داخلية تخص الدول القومية دون غيرها من المقاربات. ويبدو واضحاً صعوبة التكهن بتدخل غربي حاسم في المسألة الكردية اليوم ما دامت الدول الغربية لا ترى وجود “تهديد مشترك” ضمن منطقة الشرق الأوسط في أعقاب هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”. وحتى إذا توصلت الدول الغربية إلى تقييم مشترك للمخاطر، فإن تدهور العلاقات على ضفتي المحيط الأطلسي تحت حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحبط أي إمكانية للاتفاق إزاء إيران أو تركيا أو روسيا.

وعلاوة على ذلك، فإن شعار السياسة الخارجية الأمريكية الجديد “أمريكا أولاً” وحتمية “عدم وجود قوات (أمريكية) على الأرض” يشير إلى أن الوجود العسكري الأمريكي على وشك التراجع في منطقة الشرق الأوسط. وتميل الولايات المتحدة إلى الحد من دورها والاعتماد على “دعم” حلفائها بدلاً من الانخراط في التدخلات العسكرية. ومع ذلك، فإن واشنطن تفتقر إلى دعم “حلفائها الاستراتيجيين” في المنطقة حتى تستطيع المضي قدماً في تطبيق هذه المنهجية.

وستؤدي العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة وتركيا بصفةٍ خاصة إلى تآكل تحالفاتها، وتعرضها إلى سلسلةٍ من الأزمات. ورغم الادعاء بأن الدعم الأمريكي للمقاتلين الأكراد في سوريا هو السبب الرئيسي لتوتر العلاقات، فإن حالة القس أندرو برونسون توضح مدى عمق المشكلة وتطورها إلى حد تبني مواقف مماثلة لقرار البيت الأبيض بـ “التخلي عن تحالفه مع تركيا”. وتمكن أبرز معالم هذا التصعيد في العقوبات الأمريكية التي فاقمت من الأزمة الاقتصادية التركية. كما أن إصرار تركيا على شراء نظام صواريخ أرض جو “إس ٤٠٠” من روسيا يقوض إمكانية تعافي العلاقات بين البلدين بعد إطلاق سراح القس برونسون. يأتي ذلك في الوقت الذي تتواجد حالياً مؤشرات عامة تدل على احتمال تقارب تركيا مع روسيا وإيران.

ويمكن القول في مثل هذه الظروف إن التحالف الناشئ حديثاً بين السعودية وإسرائيل باعتبارهما شريكين إقليميين للولايات المتحدة يمكن أن يحل محل التحالف الاستراتيجي مع تركيا، ويشكل حاجزاً فعالاً ضد التوسع الإيراني في الشرق الأوسط. إلا أن العلامات الأولية تشير إلى احتمال أن كون القوى السياسية الكردية الجهة المستفيدة من مثل هذا التحالف الجديد بين السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة، خاصةً وأن السعوديون والإسرائيليون لم يقوموا حتى الآن بمعارضة التطلعات الكردية. وعلاوة على ذلك، فقد قامت السعودية بتخصيص ١٠٠ مليون دولار أمريكي “لمشروعات تحقيق الاستقرار” في مناطق سيطرة مجلس سوريا الديمقراطية الذي يهيمن عليه الأكراد.

وعلى هذا النحو، ستكون الجهات السياسية الكردية في العراق الجهة المستفيدة دون أدنى شك من السياسة الأمريكية المناهضة لإيران، خاصةً في ظل غياب تركيا عن قائمة حلفاء الأمريكيين. ويمكن أن يقلل أكراد العراق، أولاً، من اعتمادهم على الدعم الاقتصادي والعسكري التركي. ومن شأن هذا الوضع، ثانياً، مساعدة الأطراف السياسية الكردية على التعاون مع سنة العراق للتخفيف من هيمنة الشيعة على كردستان والمناطق المتنازع عليها.

وعلى الرغم من نقاط الضعف التي تعاني منها، فإن الأحزاب الكردية ما تزال تتمتع بنفوذ مهم على مستوى منطقة الشرق الأوسط باعتبارها القوى المحلية الرئيسية في المناطق التي يقطنها الأكراد. وعلى هذا النحو، سيكون من الصعب إحراز تقدم على مستوى إعادة بناء أو إعادة استقرار العراق وسوريا دون موافقة هذه الأحزاب. وترى صاحبة المقالة أن الأحزاب الكردية قد تكون عاجزةً عن الاتحاد فيما بينها، إلا أنها تملك القدرة على قلب التوازنات المحلية والإقليمية. وينطبق هذا الأمر أيضاً على الأحزاب الكردية الموجودة في تركيا وإيران. وتعتمد سيطرة السلطات المركزية على المناطق التي يسكنها الأكراد في الحالتين المذكورتين على قوى تقوض شرعيتها، وتعزز دور الأحزاب الكردية باعتبارها تمثل الإرادة الكردية.

وفي هذا السياق، سيكون إحياء “اللحظة الكردية” مرة أخرى محتملاً في حال تشكّل فراغ في السلطة نتيجة تغير التحالفات في منطقة الشرق الأوسط. ويبدو من الواضح عدم استعداد الدول الأوروبية وضعف رغبتها في ملء هذا الفراغ. كما تشك يلماز في قدرة روسيا على القيام باستثمارٍ أكبر في الشرق الأوسط.

وتختم يلماز مقالتها بالتالي: “باختصار، يبدو جلياً أن مسار هذه التطورات يتطلب تعديلاً سريعاً لمنهجية تعامل الغرب مع المسألة الكردية بما يكفل مواكبة التحديات الإقليمية والجيوسياسية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط. وفي نفس السياق، تمر الديناميكيات الداخلية والخارجية للمسألة الكردية في حالة تطور. وعلى هذا النحو، لن يكون من الواقعي محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في منطقة الشرق الأوسط”.