وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المثلية الجنسية قابلة للتدليس أيضا

المثلية الجنسية
صورة تم التقاطها يوم ٢٢ مارس ٢٠١٩ لأشرف، وهو فنان تونسي مثلي يبلغ من العمر ٢٦ عاماً، وذلك أثناء وصوله لحضور افتتاح النسخة الثانية من مهرجان الأفلام السينمائية “موجودين” للأفلام الكويرية في العاصمة تونس. المصدر: FETHI BELAID / AFP.

حكيم مرزوقي

هذا التلهف الغريب في العالم العربي بكل فئاته العمرية، نحو الزحف إلى أوروبا وكأنها “أرض الميعاد” في كتب العهد القديم، يجعل هذا الموضوع أكثر تعقيدا والتباسا من مجرد السعي نحو تحسين الوضع المعيشي.

كل الطرق “غير المشروعة” للهجرة نحو القارة العجوز وقع استهلاكها تقريبا. ومع ذلك، ما زالت هناك “وسائل إقناع” قد تبدو مجدية وفاعلة في الغرب الأوروبي الذي يحاول الموازنة بين واجبه الإنساني من جهة، وواقعه الاقتصادي والاجتماعي من جهة ثانية، وبحسب الأحزاب السياسية التي تسيطر على المشهد.

المثلية الجنسية مثلا، ورقة يمكن اللعب عليها واستخدامها للوصول إلى حق اللجوء الإنساني والهروب من بلاد تنعدم فيها الكرامة الإنسانية التي لا تتوفر بالحصول على الغذاء وحده بل بالعيش كما يرى ويشتهي الفرد أن يكون، بعيدا عن النظرة الاجتماعية القاسية ومحاكم التفتيش الدينية.

آليت شخصيا على نفسي أن أكتب عملا سينمائيا يتمحور حول هذا الموضوع، وما زلت أنتظر فرصة إنجازه بعد أن أودعت نصه مركز حقوق المؤلف، بطبيعة الحال.

الأحداث تدور في تونس ما بعد 14 يناير 2011. شخصيتان محوريتان هما شاذلي، التونسي ونصري الفلسطيني.. الاثنان عاشا حصار بيروت 82 وكانا رفيقين في المقاومة أيام فورة اليسار، لكن مجموعة الانتكاسات الفردية والجماعية جعلتهما يعيشان على غرفة في السطح بالعاصمة تونس ويمتهنان تربية وبيع العصافير.

يحلم الاثنان بإلسفر إلى أوروبا وهما في منتصف العمر، فيهتديان إلى فكرة تناسب سن الاثنين وهو أن يقدما ملفهما إلى إحدى السفارات الأجنبية (السفارة الهولندية على وجه التحديد) كطالبي لجوء إنساني تحت ذريعة أنهما من المثليين جنسيا.

هذه الحيلة التي أوحى بها إليهما الشاعر الصعلوك “دلاج” توقعهما بالمزيد من الإرباك والصراع النفسي في مجتمع ينظر إلى المثلية الجنسية بشيء من عدم التسامح.

المفارقة أن هذا الشاعر نفسه يحب فتاة إسرائيلية، ولا يستطيع الزواج منها بسبب خوفه من نظرة الآخرين إليه.

الخطة هذه تجعل شاذلي ونصري يغوصان في عالم المثليين، ويكتشفان ما يعيشه ويعانيه هؤلاء عبر نماذج موغلة في القتامة، ولا تشبه تلك النظرة النمطية التي يرى بها المجتمع هؤلاء.

فكرة التستر خلف حياة المثليين ليست إلا ذريعة لكشف العديد من الخفايا في مجتمع يعيش أزماته ويتصدى إليها بروح من الكوميدياء السوداء التي أحببنا اعتمادها كأسلوب عرض وتشريح ومعالجة.

حاولنا ألّا نغفل في هذا العمل العديد من القضايا الأخرى التي يعاني منها المجتمع في طابع كوميدي، إيمانا منا أن أفضل طرق التصدي للأزمات هي السخرية والضحك الهادف بعيدا عن التعقيدات الفنية في المعالجة، وذلك للوصول إلى الفئة الأوسع من الجمهور في معادلة تجمع بين الشعبي والنخبوي.

ملاحظة

الأفكار الواردة في هذه التدوينة هي آراء المدوّن الخاص بنا ولا تعبّر بالضرورة عن آراء أو وجهات نظر فنك أو مجلس تحريرها.