وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الخدمات في حوض اليرموك

Daraa
إمرأة تجلس مع أطفالها في حديقة عامة في درعا، جنوب سوريا، 5 أيار 2011. Photo: LOUAI BESHARA / AFP

بقلم: أم إلياس – حقوق النشر فَنَك.com

تركز الكثير من الصحافة الأجنبية والتحليلات حول جنوب سوريا على الديناميات العسكرية والأمنية في المنطقة. تعدّ هذه مواضيع مهمة، بيد أنها لا تعكس الصورة بمجملها. في هذا المقال، أود أن أتحدث عن جودة الخدمات المقدمة في منطقتي وفي جنوب سوريا على مستوى أوسع.

كان الدمار الذي لحق بالبنية التحتية بسبب الحرب مهولاً. فمنذ استعادة السيطرة الحكومية الكاملة على المنطقة قبل عام، شهد وضع الخدمات بعض التحسينات في منطقة درعا، في جنوب غرب سوريا، ولكن لا تزال هناك العديد من التحديات، فعلى سبيل المثال، لا تزال الكهرباء من الشبكة الوطنية السورية مقطوعة في قرية كويا، التي تعتبر واحدةً من أكثر القرى النائية في ريف درعا الغربي حيث تقع مباشرةً على الحدود مع الأردن. كان هناك العديد من الوعود لحل هذه المشكلة في أقرب وقتٍ ممكن، ولكن ليس من الواضح متى سيتم الوفاء بهذه الوعود. بعض المناطق المجاورة بها كهرباء، ولكن حتى تلك التي تصلها الكهرباء، والتي تنظر إليها القرى الأخرى مثل قريتي بعين الحسد، تتخلص في أحسن الأحوال بنظام تقنين يعتمد على ساعتين وصل، وثم أربع ساعات قطع. في قريتنا، نستخدم الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء، ولكن ما لم يكن لديك المال لشراء ألواح متعددة، فلا يمكنك فعل أكثر من شحن هاتفك وإضاءة منزلك.

نحن أيضا نفتقر إلى الهواتف الأرضية، لذلك نعتمد غالباً على الهواتف المحمولة وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مثل الواتساب للاتصال بالأصدقاء والعائلة. أما الوصول إلى الإنترنت في منطقتي، ولقربها من الحدود، فإننا نعتمد بشكلٍ أساسي على الشبكات الأردنية. ولكن الآن، بات استخدام هذه الشبكات ممنوع رسمياً. أولئك الذين يرغبون في استخدام الشبكات الأردنية، والتي تعتبر أكثر أمناً نظراً لعدم مراقبتها من قبل قوات الأمن السورية، يعتمدون الآن على الأقارب والأصدقاء في الأردن لشراء حزم بيانات الإنترنت.

تتوفر المياه من شبكة المياه التابعة للدولة، ولكنها تصلنا بشكلٍ غير منتظم: في كويا، هذا يعني أن المياه لا تصل القرية أكثر من مرتين أسبوعياً. قد تأتي المياه بشكلٍ متكرر في المناطق المجاورة مثل الشجرة، لأن مصادر المياه تختلف باختلاف الأماكن: ففي الشجرة، تأتي المياه من نظام المضخات والمولدات. أما بالنسبة لمياهنا، فهي تأتي من ينبوع طبيعي في عين ذكر، في شمال حوض اليرموك، وغالباً ما يكون مصدر المياه هذا غير كافٍ لتلبية احتياجات الناس. لذلك، يشتري الكثير من الناس أيضاً المياه من صهاريج خاصة، على الرغم من أن هذا يعتبر مكلفاً بالنظر إلى ارتفاع معدل البطالة وانخفاض الرواتب في المنطقة.

لا تزال الخدمات البلدية سيئة بشكلٍ عام في منطقتي. ففي حين يمكن لمكاتب البلدية تقديم بعض الخدمات، مثل التنظيف، فإننا نلجأ في قريتي إلى حرق القمامة. يدير القرية مكتب بلدية مسؤول أيضاً عن قرية بيت آرة المجاورة. رئيس المكتب البلدي هو رجل يدعى مصلح فندي المحمد.

للأسف، لا يوجد في كويا مشاريع هامة للبنية التحتية وإعادة الإعمار. تفتقر مكاتب البلديات إلى الأموال وقد تعتمد على تبرعات السكان المحليين وأقارب السكان المحليين المقيمين بالخارج من أجل تمويل المشاريع. فعلى سبيل المثال، في قرية الشجرة المجاورة، أرسل الأشخاص الذين يعيشون في بلدٍ آخر تبرعات إلى أقاربهم في الوطن. يمكن أن يساعد ذلك في تمويل مبادرات البناء والخدمات العامة وحتى توزيع المساعدات. في الواقع، في الشجرة، هناك توزيعات متكررة للمساعدات ومواد الإغاثة. كان هناك توزيعات لحيوانات مثل الدجاج والأغنام للمحتاجين، لتربية الماشية. لم يكن هناك شيء من هذا القبيل في الكويا.

نقطة مهمة أخرى هي أن جودة الخدمات والحالة الإنسانية يمكن أن تختلف حسب المنطقة. فبدلاً من أن يكون الوضع ناتجاً عن الاختلافات في مهارات موظفي البلدية والعمال في مختلف المناطق، يعتمد هذا على ما إذا كانت الأموال متوفرة لتمويل إعادة الإعمار والتنمية. ونظراً لأن قدرات الحكومة في ظل الاقتصاد المعطل بالبلاد محدودة، فإن الأمور تعتمد بشدة على السكان المحليين وأقاربهم في المنفى، الذين قد يساعدون بالتدخل لسد الفجوة المالية. لا يمكننا إلا أن نأمل أن يتحسن الوضع في المستقبل.

ملاحظة

الأفكار الواردة في هذه التدوينة هي آراء المدوّن الخاص بنا ولا تعبّر بالضرورة عن آراء أو وجهات نظر فنك أو مجلس تحريرها.