وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

صيف مع العدو: رواية تحاكي واقع سوريا المرير

صيف مع العدو
صورة تم التقاطها يوم ٨ إبريل ٢٠٢٢ لرجل مسن وهو يحدّق بقبّة أحد المساجد الموجودة بمدينة الرقة شمال سوريا، وذلك في شهر رمضان المبارك. المصدر: Delil souleiman / AFP.

كتبت ميشيل هارتمان، أستاذة ومديرة معهد الدراسات الإسلامية بجامعة ماكجيل، مقالة في موقع The Conversation، تحدثت فيها عن تجربتها الخاصة بترجمة رواية صيف مع العدو للكتابة السورية شهلا العجيلي.

وتبدأ هارتمان المقالة بدعوة القارئ، أيّاً كان المكان الذي يقضي فيه صيفه، للانتقال إلى سوريا والانغماس في عالم الروائية شهلا العجيلي وروايتها التاريخية الآخذة صيف مع العدو.

وكانت الحرب المدمّرة التي تعيش فيها سوريا بشكلٍ متواصل منذ عام 2011 قد حازت على اهتمام العالم. وترى هارتمان أن قراءة رواية سورية مماثلة لرواية العجيلي سيكون وسيلة لاستكشاف الثقافة الغنية والعميقة لهذا البلد، فضلاً عن تاريخها، وأدبها دون الوقوف عند حدود العناوين الإخبارية.

ووصلت رواية صيف مع العدو إلى القائمة النهائية للمتنافسين على الجائزة العالمية للرواية العربية، والتي تُعرف أحياناً باسم جائزة البوكر العربية. وكانت العجيلي، والتي تعد من أبرز الكاتبات السوريات، قد كتبت الرواية باللغة العربية، ليتم بعدها بعام ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية.

مدينة الرقة

تستحضر رواية العجيلي المؤججة للذكريات ماضي الرقة كبلدة ريفية يملؤها الغبار في عشرينيات القرن الماضي، مروراً بالقرن العشرين، ووصلاً إلى احتلال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لها في عام 2017. في صيف مع العدو، اضطرت شخصيات الرواية الرئيسية إلى ترك الرقة لبدء حياة جديدة في ألمانيا.

وبوصف تفصيلي مركب لشخصياتٍ تنتمي لثلاثة أجيال في عائلة واحدة عاشت في البلدة السورية الشمالية، تمزج رواية صيف مع العدو الخيال التاريخي مع الرومانسية عبر سرد يصف تطوّر الشخصية الرئيسية من الطفولة إلى سن البلوغ، وقصة أول حب. وتتحدى شخصيات الرواية الصورة النمطية الغربية عن النساء العربية المسلمات – كنساء بحاجة إلى الإنقاذ من الواقع القمعي– عبر تصوير حياتهن المعقدة، والمتنوعة، والنشيطة.

وتحتل مدينة الرقة أهمية كبيرة في القصة لدرجة جعلت أحد النقاد يقول إنها تعد شخصية بحدّ ذاتها في الرواية.

الدراما العائلية، والحب الأول

من الصعب ألا تقع تحت تأثير ماضي الرقة، بمجتمعها متعدد الأعراق والمترابط بشدة، والمشحون أيضاً بالصراعات المحلية والدراما العائلية.

كلّ قصة ترويها الجدّة تجعل الأجيال الأصغر متلهفة لسماع المزيد عن فضيحة ما، أو علاقة غير شرعية، أو قصّة حبٍّ فاشلة، أو رحلة غريبة إلى الخارج. فهي، دائماً، ما تترك مستمعيها يتوقون للمزيد عندما تنهض في وسط جملة لتقليب القهوة على الموقد، ليتصاعد التوتر في أحداث الرواية.

خلال الصيف المشار إليه في العنوان، في وقت ما بثمانينات القرن الماضي، تمتطي لميس، الشخصية الرئيسية في الرواية حصانها على طول نهر الفرات وهي محاطة بالصحراء وأحلام عن مستقبل فتي.

وتوفر لها الأحصنة مهرباً لتجنّب أمها. فقد توترت علاقتهما بعد أن غادر والد لميس سوريا دون أن يعود مطلقاً. تشعر لميس بالاستياء تجاه علاقة الحب التي تجمع أمها بنيكولاس، الأستاذ الألماني الزائر، والعدو المشار إليه في العنوان.

تقوم الابنة بدور المرشد المحلي لنيكولاس، الذي يغادر البلاد بعد أن ينتهي بحثه. وتتصل الأم وابنتها به لاحقاً أملاً في إيجاد مخرج إلى ألمانيا بعد سقوط مدينتهما المحبوبة.

العودة إلى ذكريات الرقة

يقول ماكجيل: “بعد عشر سنوات تقريباً تالية للوقت الذي عاشت فيه شخصية لميس في الرواية بالرقة، بدأت رحلة طويلة من دمشق برفقة صديق من الجامعة، معايشاً لسياسات حكومة الأسد المشددة. في صيف 1995، كشفت زيارتي عن رقةٍ تشبه كثيراً ما وصفته لميس لعدوها الألماني”.

ويضيف: “لكن عندما كنت بالرقة في تسعينات القرن الماضي، لم يخطر ببالي أنني سأتحدث عبر الفيديو مع كاتبة سورية شهيرة من هذه البلدة بعدها بـ 20 عاماً. أجرت العجيلي معي لقاءً يشبه مقابلات العمل قبل أن أترجم قصتها. ومن بين أسئلة أخرى، سألتني: “هل زرت الرقة من قبل؟”

ويضيف: “سعدت بأنني قادر على الإجابة بنعم -لقد زرت الرقة قبل أن يسمع عنها كثيرٌ من الأشخاص خارج سوريا بوقت طويل. استعددت لترجمة الرواية عبر استعادة هذه الرحلة مستعيناً بحديثي مع العجيلي، والنظر إلى الصور القديمة لاستعادة ذكرياتي عن المكان”.

الترجمة من العربية إلى الإنجليزية

في حوار حول ترجمتي للرواية، سألني المحاور نفس السؤال.

إن ترجمة أعمال الكاتبات العربيات من العربية إلى الإنجليزية محملٌ بتاريخ صعب: فقد غيّرت العديد من الترجمات النص الأصلي لدرجةً بات من الصعب التعرف عليه.

وكما أوضح باحثون، يمكن أن يتغير جوهر الكتاب عند ترجمته عبر تأليف عناوين جديدة، وتعديل الفصول، وفرض الرقابة، وتغيير أصوات السرد وإدخال تعديلات كاملة على شخصيات الرواية.

عملت مع العجيلي لنقل تفاصيل النص بدقة مع مراعاة البحث عن كلمات، تمنح النص الإنجليزي حيوية بالقدر الذي يتمتع به النص الأصلي.

في صيف عام 2019، ترجمت الرواية في قرية جبلية لبنانية. وكانت سوريا بادية لي عبر الحدود في الأيام التي كانت فيها السماء صافية. في هذا الصيف، كنا نسمع صدى صوت القنابل وهي تسقط عبر الوادي.

بينما كان تركيزي منصباً على تفاصيل وتعقيدات الكتاب، شعرت بالتوتر الناشئ بين تصوير الرواية الجميل للماضي، ووصف العجيلي المتأجج للحياة تحت احتلال داعش، والمعارك الضارية في الرقة، وهروب لميس لألمانيا.

دروسٌ في التعاطف

إن الدمار التام، الذي شهدته مدينة الرقة بين 2013 و2017، وأي تشبيه للحيوات السابقة هناك، حقيقىٌ للغاية في هذه الرواية.
لا يزال لبنان يحمل جراح حربه الأهلية الطويلة (1975-1990). وقد كان لأصداء القنابل، التي سمعناها في ذلك الصيف بلبنان، أثراً لا لبس فيه على الترجمة. إن الكلمات، التي يختارها المترجم، تتأثر دوماً بالظروف المحيطة به.
تقدم رواية العجيلي “دروساً في التعاطف، مثلما أشارت مارسيا لينكس كوالي، المحررة المؤسسة لموقع ArabLit.
إن رواية صيف مع العدو، المشحونة بالفكاهة، والدراما، والرومانسية، والتاريخ الممتد لـ100 عام، والتي تضع المرأة في محور الأحداث، ستأخذ القراء إلى قلب امرأة في طور البلوغ بسوريا -وهي تطرح رؤى حول الماضي والحاضر.

ملاحظة

الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن آراء الكاتب (الكتّاب)، وليس المقصود منها التعبير عن آراء أو وجهات نظر فَنَك أو مجلس تحريرها.

ملاحظة

تم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع https://theconversation.com/global في 20 يوليو 2022