وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

اللاجئون يواجهون خطر تقنية “الحدود الذكية”

الحدود الذكية
صورة تم التقاطها يوم ٩ يوليو ٢٠١٥ لطفل سوري وهو يلعب على هاتفه داخل ملجأ مؤقت في مخيم غير رسمي للاجئين بمنطقة الزهراني جنوب العاصمة اللبنانية بيروت. المصدر: JOSEPH EID / AFP.

نشر موقع “The Conversation” مقالة سلطت الضوء على ما يجري تطويره في الوقت الراهن من تقنياتٍ حديثة للمساهمة في تعزيز عمليات مراقبة الحدود الذكية وحركة المهاجرين واللاجئين والتحكم فيها. ويقوم صاحب المقالة إمري إرين كوركماز، وهو باحث مختص يعمل في جامعة أوكسفورد، بتناول تداعيات استخدام هذه التقنيات على حقوق المهاجرين الإنسانية الأساسية.

وبحسب كوركماز، فإن التقنيات الحديثة الموظفة في الحدود لإدارة مسألتي الهجرة وأمن الحدود، وفق مظلة حلول الحدود الذكية، تتجاهل حقوق الإنسان الأساسية للمهاجرين.

ويجري على سبيل المثال استخدام طائرات بدون طيار لمراقبة اللاجئين في الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، بالتزامن مع استخدام برامج تحليل البيانات الضخمة لمراقبة المهاجرين عند اقترابهم من الحدود. وعلى الرغم من تفاوت وسائل إدارة وأمن الحدود، فإن الكثير منها يجري استخدامه لمنع حركة الهجرة.

ويعد الذكاء الاصطناعي مكون مهم في مسألة إدارة الهجرة. وعلى سبيل المثال، تستثمر الولايات المتحدة وكندا في خوارزميات الذكاء الاصطناعي لإصدار قرارات آلية تتعلق باللجوء وطلبات الحصول على تأشيرات وتسوية أوضاع اللاجئين. في الوقت ذاته، تخضع بيانات الوقت الفعلي، التي تُجمع من المهاجرين بواسطة أدوات الحائط الافتراضي و  مثل الأقمار الصناعية، والطائرات بدون طيار، والمجسّات، لتقيّم خوارزميات الذكاء الاصطناعي على الحدود.

وعلى سبيل المثال، تستخدم هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية الذكاء الاصطناعي، والطائرات الحربية بدون طيار المزودة بتقنية التعرف على الوجه، والتصوير الحراري، وأبراج الهواتف الخلوية المزيفة على الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة. ويأتي هذا الاستخدام في إطار الجهود المبذولة لمراقبة المهاجرين حتى قبل وصولهم إلى الحدود. وتمكنهم هذه الوسائل من الاستماع إلى المحادثات بين المهاجرين، وتحديد هويتهم من خلال التعرف على وجوههم، وفحص حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديد مواقع الأشخاص الذين يحاولون عبور الحدود.

يأتي ذلك في الوقت الذي حذر فيه تقرير للأمم المتحدة من مخاطر ما يسمى بتقنيات الحدود “الذكية” على اللاجئين على وجه الخصوص. وتساعد هذه التقنيات الوكالات الحدودية في وقف حركة المهاجرين والتحكم فيها، وتأمين حوكمة الهجرة عبر معاملة المهاجرين كمجرمين وتجاهل الحقوق الأساسية لطالبي اللجوء. الأكثر من هذا، تجمع هذه التقنيات كل البيانات دون الحصول على موافقة المهاجرين – وهو ما قد يُعد جريمة إذا ما استخدم ضد المواطنين العاديين.

وكما كتبت الباحثة روكسانا أخميتوفا: “يمكن أن تُفاقم عمليات اتخاذ القرار بطريقة آلية نقاط الضعف، التي كانت موجودة بالفعل مسبقاً، عبر إضافة مخاطر أخرى لهذه العمليات مثل الانحياز، وفشل النظام، وسرقة البيانات. ويمكن أن يلحق كل هذا أضراراً أكبر بالمهاجرين وعائلاتهم. كما يمكن أن يؤدي رفض طلب لجوء بسبب حدوث خطأ في النظام إلى تعرض الشخص للاضطهاد.

ويعد هذا مثالاً جيداً للكيفية التي يمكن بها التأثير في الخوارزميات التقنية، وفقاً لانحيازات مبتكريها، وبما يؤدي إلى ممارسة التمييز ضد الطبقات المجتمعية الدنيا وخدمة من يتمتعون بالامتيازات الاجتماعية. وعلى مستوى قضية اللاجئين، فقد بات الأشخاص، الذين فروا من بلادهم بسبب الحرب، عرضةً للتجارب باستخدام التقنيات المتقدمة، التي ستزيد حجم المخاطر التي يواجهها هؤلاء الأشخاص أصلاً.

البيانات والموافقة

إحدى المسائل المعرضة للخطر هنا هي الحصول على الموافقة المسبقة للاجئين. ويشير هذا إلى ضرورة فهم اللاجئين للأنظمة التي يخضعون لها، بالإضافة إلى تمتعهم بخيار الانسحاب من هذه الأنظمة.

وفي الوقت الذي تعتبر فيه الموافقة الطواعية المسبقة شرطاً قانونياً لهذا الموضوع، فإن العديد من الأكاديميين والمنظمات الإنسانية يركزون على ما يسمى بـ “الموافقة المسبقة ذات المعنى“، وهو ما يتعدى مجرد إجراء التوقيع على ورقة، ليشمل مساعدة اللاجئين على فهم ما يتعرضون له بشكل كامل.

لا تمنح أدوات الرقابة السرية اللاجئين هذه الفرصة. وتتسم التقنيات المستخدمة بالتعقيد الشديد لدرجة أن الطاقم، الذي يعمل عليها، ينقصه الخبرة اللازمة لتقدير التداعيات العملية والأخلاقية لها.

وعلى الرغم من صدور تقرير أخير عن الأمم المتحدة حذر من استخدام حلول الحدود الذكية، فإن العديد من الحكومات ووكالات الأمم المتحدة التي تتعامل مع اللاجئين تفضّل استخدام الحلول التقنية لتقييم طلبات الحصول على مساعدات، وتحويلات الأموال، وكشف الهوية. لكن ما الذي يحدث للأشخاص، الذين لا يريدون مشاركة بياناتهم لأية أسباب سواء كانت سياسية، أو دينية، أو شخصية؟

بحسب كوركماز، فإن استخدام هذه التقنيات يتطلب شراكات بين القطاعين الخاص والعام وتحضيرات تقنية لمدة طويل قبل أن يواجهها اللاجئون على الأرض. ومع انتهاء جميع العمليات الخاصة باتخاذ قرار بشأن اختيار خوارزمية معينة، وتمويلها، وتطويرها، يصبح الاعتراف بحق الأشخاص “الخاضعين لهذه التقنيات” في رفض هذه التقنيات غير واقعي، وغير عملي. لهذا، تقوض غالبية الاستثمارات التقنية موافقة اللاجئين المسبقة لأن طبيعة عمل هؤلاء المسؤولون عن هذه القرارات تقضي بإنكار حقوقهم.

ويمكن أن يستفيد اللاجئون من انتشار استخدام التقنية الرقمية، إذ يمكن أن تساعدهم الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي في الاتصال بالمنظمات الإنسانية والحفاظ على تواصلهم مع عائلاتهم في بلادهم. بيد أن إنكار اختلال موازين القوى، الناجم عن ضياع حقوق اللاجئين بسبب استخدام مثل هذه التقنيات، يؤدي إلى إضفاء طابعاً مثالياً وحالماً على علاقة اللاجئين بهواتفهم الذكية.

ويختم كوركماز مقالته بالتالي: “لم يفت الأوان لتغير مسار التطور التقني هذا. لكن اللاجئين لا يملكون نفس الصلاحيات السياسية، التي يتمتع بها المواطنون المحليون، لتنظيم أنفسهم والاعتراض على الإجراءات الحكومية. وإذا أردت أن تعرف كيف سيكون شكل المستقبل المرير الذي تهيمن عليه التقنية ويفقد فيه الأشخاص إرادتهم الذاتية، فإن التجارب اليومية للاجئين ستمنحك لمحة كافية عن هذا المستقبل”.

ملاحظة

تم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع https://theconversation.com في 08 ديسمبر 2020.