وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المعارضة الفلسطينية خلال مرحلة أوسلو

متظاهرون يرمون الحجارة في بلعين

المنظمات غير الحكومية هي مبادرات مستقلة عن أية حكومة، وتقدم الخدمات وتساعد في رفع الوعي ودعم الحقوق المدنية. وعملياً، تعمل أيضاً كقوة توازن لقوة الدولة.

نتيجة للاحتلال الإسرائيلي وغياب سلطة فلسطينية ذات سيادة، بدأت المنظمات الفلسطينية غير الحكومية تلعب دوراً متزايد الأهمية في فلسطين من السبعينات فصاعداً. كانت معظم هذه المنظمات غير الحكومية تنتمي في البداية إلى أحزاب قومية سياسية يسارية. وقدمت خدمات في مجال الرعاية الصحية وزراعة الأراضي الصالحة للزراعة وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قبل إسرائيل. وخلال الانتفاضة الأولى، لعبت دوراً بارزاً في التعبئة الوطنية ضد الاحتلال، كما كانت قادرة على العمل في شبكات المتطوعين. وكانت تتلقى الدعم المالي من المنظمات غير الحكومية المشابهة في الغرب. مع مرور الزمن، اكتسبت الكثير من المعرفة والخبرة من هذه الأنشطة.

منذ “أوسلو“، واجهت المنظمات الفلسطينية غير الحكومية توازناً جديداً للقوى. وكما أشرنا، استولى موظفو حركة فتح العائدون من المنفى على أهم المناصب في السلطة الفلسطينية المنشأة حديثاً. لكن المنظمات غير الحكومية الفلسطينية كانت تعارض سياسة السلطة الوطنية الفلسطينية للسيطرة على أكبر عدد ممكن من المناصب الهامة ضمن الإدارة في فلسطين. وفي الواقع، كان هدف السلطة الوطنية الفلسطينية، من بين غيرها من الأهداف، هو السيطرة على تدفق الأموال من الحكومات الغربية، والتي قدمت دعماً مادياً سخياً بعد أوسلو.

غير أن المنظمات غير الحكومية رفضت تهميشها من قبل وزارات السلطة الوطنية الفلسطينية الجديدة. وفي هذه الأثناء، وحدت قواها في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، وعارضت معاً محاولات السلطة الوطنية الفلسطينية انتهاك استقلال المنظمات غير الحكومية من خلال تشريعات تنظيمية. وبعد معركة سياسية صعبة ضد تطلعات السلطة الوطنية الفلسطينية الاستبدادية استمرت لسنوات، تمكنت المنظمات الفلسطينية غير الحكومية أن تضمن موقفها المستقل جزئياً في نهاية المطاف. ولكن، قبل أن يوضع ذلك حيز التنفيذ، اندلعت الانتفاضة الثانية وتلاشت القضية في الخلفية.

عملياً، فقدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية دعمها الشعبي التقليدي أثناء سنوات “أوسلو” نتيجة تحول عملها إلى الطابع الاحترافي. في الواقع، استمرت المنظمات في تقديم الخدمات الأساسية ومراقبة نفوذ السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا أن دورها تضاءل، خلافاً للأزمنة السابقة، خلال الانتفاضة الثانية. واعتبر النقاد هذا دليلاً على أن المنظمات الفلسطينية غير الحكومية أصبحت عرضة لسيطرة حكومية غربية بسبب اعتمادها على أموال الجهات المانحة (صناعة المساعدات). وهكذا تم تحييد انتقادات القوى الوطنية اليسارية لعملية سلام أوسلو سياسياً.

حماس والجهاد الإسلامي

أما القوى الإسلامية، والتي تجسدها حماس والجهاد الإسلامي، فكانت مختلفة تماماً. في البداية، دخلت الساحة السياسية خلال المراحل الأولى للانتفاضة الأولى. ومنذ ذلك الحين، اكتسبت حركة حماس النفوذ بشكل خاص وبشكل مطّرد، ما يعود الفضل فيه بشكلٍ جزئي إلى شبكة مؤسساتها الخدماتية الكبيرة وذات الصلة الوثيقة بالشعب الفلسطيني. ولم يعتمد تمويلها على الحكومات الغربية (وإنما من دول الخليج بشكل خاص). ومن الناحية السياسية، لم ترتبك حماس والجهاد الإسلامي بـ “أوسلو” على الإطلاق – على عكس اليسار. فقد رفضوا العملية لأسباب أيديولوجية (لا لدولة إسرائيل في الأراضي التاريخية الإسلامية) وعلى أساس أن عملية أوسلو تشكل خطراً جسيماً على الشعب الفلسطيني. ومن أجل دفع رفضهم وطنياً، واصلوا هجماتهم المسلحة على قوات الاحتلال الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين بعد عام 1993.

Advertisement
Fanack Water Palestine