وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ممثلون يوقعون عريضة تدعم ترشح السيسي لفترةٍ رئاسية ثانية مع اقتراب الإنتخابات

Egypt- Hussein Fahmi
الممثل المخضرم حسين فهمي والممثلة يسرا وقعا على العريضة. Photo AFP

“علشان نبنيها،” إسم الحملة التي أطلقت في سبتمبر 2017 لحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الترشح لولايةٍ ثانية في انتخابات عام 2018.

فقد بادر العديد من أعضاء البرلمان والأحزاب السياسية بالحملة، لجمع التوقيعات لتقديم عريضةً يطالبون من خلالها السيسي الترشج مجدداً، وهو أمرٌ متوقعٌ على نطاقٍ واسع.

حظيت الحملة حتى الآن بتأييد كبير من شخصياتٍ عامة داخل وخارج الساحة السياسية، ومن بينهم العديد من الأسماء في عالم صناعة الترفيه، بما في ذلك ممثلين ومغنين.

فقد أوردت الصحافة المصرية تقارير عديدة عن قيام الممثلين بتوقيع العريضة. وكتبت صحيفة مصر اليوم، التابعة لصحيفة اليوم السابع سيئة السمعة والمؤيدة للنظام، “شهدت حملة علشان نبنيها إقبالاً كبيراً من شخصياتٍ بارزة،” كما نشرت صوراً لممثلين مشهورين بمن فيهم هاني سلامة، ووفاء عامر وهم يوقعون العريضة.

تمتلك الشخصيات من عالمي صناعة السينما والموسيقى تاريخاً طويلاً بدعم النظام. فخلال مظاهرات عام 2011، والتي استمرت 18 يوماً، تحدث العديد من الممثلين والموسيقين لصالح حسني مبارك، الرئيس آنذاك، وضد المتظاهرين في ميدان التحرير. وبعد تنحي مبارك، وضع النشطاء “قائمة سوداء” بأسماء الممثلين الداعمين للنظام.

كما وقع الممثل المخضرم، حسين فهمي، الذي اشتهر في أفلام ستينيات وسبعينيات القرن الماضي مثل فيلم خلي بالك من زوزو، العريضة أيضاً. وقال فهمي لفَنَك “لم يُعلن الرئيس السيسي ترشحه بعد، لذا نحاول دفعه للترشح.”

فهو يعتقد أن السيسي خطى خطوات كبيرة في مجال تنمية البلاد وينبغي أن يخدم ولايةً رئاسيةً ثانية لاستكمال المشاريع التي بدأها. يشتمل هذا على بناء عاصمة إدارية جديدة شرق القاهرة، وبناء محطات رئيسية لتوليد الكهرباء، واستصلاح مساحات كبيرة من الصحراء للزراعة.

وعليه، أوضح فهمي الدعم القوي الذي يحظى به الرئيس من عالم الترفيه، بقوله “يدرك الأشخاص في قطاع الأعمال ما يفعله [السيسي] ويشعرون بقلقٍ بالغ إزاء ما يحصل في البلاد. نتوقع ترشح السيسي،” كما أضاف أنه لم يرى أي مرشحٍ آخر مؤهل.

وحتى الآن، ألمح عضو البرلمان محمد أنور السادات، ابن شقيق الرئيس السابق أنور السادات، والمحامي في مجال حقوق الإنسان خالد علي، إلى احتمالية ترشحهما.

وقال فهمي “الوجوه القديمة لا تجلب التغيير. السيسي وجهٌ جديد منذ ثورة 30 يونيو،” مشيراً إلى الاحتجاجات الجماهيرية التي حصلت عام 2013 والتي أدت إلى الإطاحة بالرئيس محمد مرسي من قبل السيسي، الذي كان آنذاك جنرالاً في الجيش.

حصل السيسي على ما نسبته 97% من الأصوات في الإنتخابات الرئاسية عام 2014، الأمر الذي انتقده مراقبون من منظمة الديمقراطية الدولية والاتحاد الأوروبي لعدم استيفاء معايير الديمقراطية.

وقال فهمي “غالباً ما يقول الناس أن الانتخابات غير عادلة، إلا أن الانتخابات الأخيرة كانت عادلة، والإنتخابات القادمة ستكون عادلة بالتأكيد.” وتابع القول “لا أحد يستفيد من الانتخابات غير العادلة.”

وحول الاتهامات بانتهاكات حقوق الانسان التي غالباً ما توجه ضد النظام، قال فهمي “أؤمن بحق المواطنين الملتزمين بالقانون بالعيش في سلام، ولكن لا أؤمن بحقوق الانسان للإرهابيين.”

ومع ذلك، هذا ليس حال جميع العاملين في هذا المجال. فكثيراً ما ينشر الممثل المصري، عمرو واكد، تغريداتٍ على تويتر ينتقد فيها النظام. ففي يوليو 2017، غرد “امنع الأفلام والكتب والآراء وكله في الضلمة يبقى سالك…لغاية لما النور ييجي. وهو دايماً بييجي. لا يمكن تقدر تمنع فكرة،” وأتبعها بهاشتاغ#25 يناير- #18 يوم، مشيراً إلى بداية إندلاع ثورة 2011 وعدد أيامها. كما انتقد أيضاً نقل مُلكية الجزيرتين في البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية وعمليات الإخلاء القسري لساكني جزيرة الوراق في العاصمة القاهرة.

Egypt- Amr Waked
الممثل المصري عمرو واكد يردد شعارات في مظاهرة مناهضة للحكومة في ميدان التحرير في القاهرة في 10 فبراير 2011. Photo AFP

ولفهم ديناميات عالم صناعة الترفيه، ينبغي على المرء إلقاء نظرة فاحصة على دور شركات الإنتاج والنقابات. فقد قال الباحث في مجال الأفلام، أدهم يوسف، لفَنك أن هذه الصناعة تهيمن عليها شركات الإنتاج الكبيرة التي تعتمد على الاستقرار للحفاظ على تدفق الإيرادات.

وعلاوة على ذلك، تعتمد هذه الشركات على وكالات الأمن لتصوير المشاهد في الأماكن العامة وعلى لجنة الرقابة في وزارة الثقافة لعرض أفلامهم. وقال يوسف “لن تخاطر شركات الإنتاج بالتعامل مع نجم سينمائي أو كاتب سيناريو أو مخرج على القائمة السوداء للنظام.”

منها على سبيل المثال، كما ذكر، الفيلم المصري الذي صدر مؤخراً بعنوان آخر أيام المدينة، الذي ينتقد نظام مبارك وخضع للرقابة في مصر، إذ قال “لن تخاطر أي شركة توزيع بعرض الفيلم.”

وبصفةٍ عامة، فإن المساحة الثقافية في مصر آخذة في التقلص في السنوات الأخيرة. ففي أغسطس وسبتمبر، أغلقت السلطات مكتبات البلد، التي كان يملكها زعيم حزب المعارضة اليساري فريد زهران، ومكتبة الكرامة التي يملكها المحامي جمال عيد ومكتبة ألف، حيث أغلقت الأخيرة بسبب مزاعم بوجود صلاتٍ مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.

وقالت الناشطة في مجال حقوق المرأة سندس شبايك لفنك في يونيو إنه أصبح من الصعب إيجاد مكان لأداء مسرحياتها التي تتناول المحظورات الاجتماعية مثل ختان الإناث والممارسة الجنسية قبل الزواج والتحرش الجنسي. وقالت إن القائمين على الأماكن باتوا يشعرون بالقلق على نحوٍ متزايد ولا يسمحون بتقديم العروض دون الحصول على إذنٍ رسمي مسبق. كما أن نقابات العاملين في مجالي السينما والمسرح لها تأثيرٌ كبير والتي غالباً ما تُستخدم للترويج لخطٍ مؤيدٍ للحكومة.

فقد أوقفت نقابة الفنانين الممثل أحمد مالك عن العمل بعد نشره فيديو لأحد المقالب على وسائل التواصل الاجتماعي في يونيو 2016. وفي الفيديو، قام مالك بتوزيع أوقية ذكرية تم نفخها كبالونات على أفراد الشرطة في احتفالٍ ساخر بعيد الشرطة، الذي تزامن مع الذكرى الخامسة لثورة 2011.

بينما كانت نقابة الموسيقيين أول من حظر الفرقة اللبنانية مشروع ليلى من تقديم عروضها في مصر بعد رفع علم قوس قزح، المرتبط بحقوق المثليين، خلال حفلها في القاهرة في سبتمبر الماضي.

وأوضح أحد طلاب التمثيل والإخراج في أكاديمية الفنون، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لفنك أن خريج المؤسسات الرسمية يصبح تلقائياً عضواً في نقابة الممثلين والمخرجين أو نقابة العاملين في صناعة السينما. وقال “أعضاء النقابة لديهم الأولوية بالحصول على الأدوار والانتاج مقارنةً بمن هم ليسوا أعضاءً في النقابة.”

ويعتقد الطالب، الذي شارك في الاحتجاجات خلال وبعد ثورة 2011، أن الفنانين يوقعون على العريضة لكسب الرضا والتماس المنفعة من الحكومة. وقال إن “الحكومة لديها يد في كل شيء.” ويتوقع الفنانون أن التوقيع على العريضة سيدفع حياتهم المهنية، وربما أكثر من ذلك، فإن الخوف من عدم التوقيع سيعرض حياتهم للخطر.

فعلى سبيل المثال، تم تهميش عمرو واكد بشكلٍ متزايد، إذ نادراً ما يُطلب لإجراء مقابلاتٍ تلفزيونية ولا يحصل سوى على أدوار ثانوية، ويعتقد الطالب السالف الذكر أن الأمر يعود إلى موقفه الانتقادي. وعلاوة على ذلك، حُكم على واكد بالسجن ثلاثة أشهر في أكتوبر الماضي لإلحاقه أضراراً بسيارة متوقفة أمام منزله، في قضيةٍ أشار محاميه إلى أنه قد تكون ذات صلة بمعارضته الصريحة.

وأضاف الطالب “هناك أيضاً فنانون يؤمنون حقاً بأنهم يقومون بالأمر الصحيح [بتوقيع العريضة]، ولربما تكون هذه مشكلة أكبر.”