وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في ليبيا، الحلفاء يحتشدون وراء هجوم اللواء حفتر على طرابلس

Libya- GNA
إيماءات القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني الليبي في 18 أبريل 2019 ، بعد سيطرتها على منطقة العزيزية ، الواقعة على بعد حوالي 40 كيلومتراً جنوب العاصمة الليبية طرابلس ، في أعقاب اشتباكات عنيفة مع القوات الموالية للرجل القوي خليفة حفتر. Photo AFP

أعلن اللواء خليفة حفتر وجيشه الوطني الليبي المُعلن ذاتياً الحرب على العاصمة طرابلس في 4 أبريل 2019. وكان الرجل القوي، الذي يبلغ السبعينيات من عمره، يخطط لغزو المدينة في غضون أيام، على أمل أن يدفع عنصر المفاجأة قواته إلى نصرٍ سريع.

إلا أنه كان على خطأ، فقد قوبلت قواته بمقاومةٍ من الميليشيات في طرابلس والزنتان ومصراتة والزاوية، الذين اتحدوا جميعاً تحت لواء حماية العاصمة. ويبدو أن المعركة ستستمر لعدة أشهر، إن لم يكن لسنوات.

ومع إنهاك قوات حفتر ما بين جنوب ليبيا وشرقها وطرابلس الآن في الشمال الغربي، يحتاج الجيش الوطني الليبي بشدة إلى الدعم من مؤيديه الدوليين. الحليفان الرئيسيان هما الإمارات العربية المتحدة ومصر، فقد دعم كلا البلدان حفتر ضد القوات الإسلامية خلال الحرب على بنغازي في عام 2014 ومعركة مدينة درنة الشرقية العام الماضي.

وعلى الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح حجم الدعم الذي يرغبون في تقديمه لهجوم حفتر الأخير، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى الكثير من الدعم.

يُعتقد أن حفتر لديه سلاح جوي متفوق توفره دولة الإمارات العربية المتحدة، في حين تفيد التقارير أن مصر زودت قوات حفتر بأجهزة الرؤية الليلية وأنظمة التشويش المضادة للطائرات. وفي ظل الضغوط الدولية، لم تزود مصر الجيش الوطني الليبي بالجنود.

وعلى الرغم من المساندة، فإن الراعي الأكبر لحفتر هي المملكة العربية السعودية. فقبل أيامٍ فقط من الإعلان عن الهجوم، عرضت المملكة المحافظة عشرات الملايين من الدولارات لتمويل العملية، حسب ما قال مستشارون للحكومة السعودية لصحيفة وول ستريت جورنال.

وقال المستشارون إن العرض تم في أحد الاجتماعات العديدة التي عقدها حفتر مع مؤيديه الدوليين في الأسابيع والأيام التي سبقت الهجوم على العاصمة. ودون تردد، قبل حفتر بالمال السعودي، الذي كان ينوي استخدامه لشراء ولاء الزعماء القبليين وتجنيد ودفع رواتب المقاتلين.

وقال أحد المستشارين للصحيفة “لقد كنا كرماء للغاية.”

وقال ولفرام لاشر، الخبير في الشؤون الليبية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن: “لن يكون حفتر لاعباً اليوم دون الدعم الخارجي الذي تلقاه.” وأضاف، “في الأشهر القليلة الماضية، قفز الجميع تقريباً إلى قطار حفتر.”

كما يمكن أن يدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أيضاً حفتر عسكرياً على الرغم من دعمه الظاهري لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، والتي تتعرض للهجوم في طرابلس. ففي 20 أبريل، ذكرت قناة الجزيرة أن ترمب اتصل بحفتر للاعتراف بـ “دوره الهام في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد النفط الليبية.”

تحدث الرجلان عن رؤيتهما المشتركة لتحقيق الاستقرار في ليبيا من خلال نظامٍ سياسي ديمقراطي. نظرت حكومة الوفاق الوطني إلى دعم ترمب لحفتر على أنه انقلابٌ في سياسة الولايات المتحدة. ففي وقتٍ سابق من هذا الشهر، طالب وزير الخارجية مايك بومبيو بوقفٍ فوري لهجوم حفتر على العاصمة.

“الناس [في طرابلس] غاضبون جداً، فقد خرج الآلاف من الناس إلى الشوارع والساحات الرئيسية في طرابلس، ويدعون المجتمع الدولي إلى وقف العدوان العسكري الذي تشنه قوات حفتر،” هذا ما قاله الصحفي في قناة الجزيرة، محمود عبد الواحد، الذي يقدم تقارير من أرض الواقع في المدينة.

وفي 19 أبريل، رفضت كل من الولايات المتحدة وروسيا قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار. وفي حين أن الولايات المتحدة لم توضح قرارها، إلا أن روسيا قالت إنها تعارض القرار لأنه يلقي باللوم على حفتر في أعمال العنف المندلعة.

LIBYA Civil War Tripoli attack AR 3000
المصدر: Wikipedia, southfront.org and European Council for Foreign Relations. اضغط للتكبير. @Fanack.com ©Fanack CC BY 4.0
LIBYA Haftar and his allies AR 3000
المصدر: Wikipedia, southfront.org and European Council for Foreign Relations. اضغط للتكبير. @Fanack.com ©Fanack CC BY 4.0

وعلى عكس ترمب، من الواضح أن روسيا مترددة في الاعتراف بدعمها لحفتر. ومع ذلك، ذكرت العديد من وسائل الإعلام، بما في ذلك صحيفة أر بي سي الروسية اليومية، أنه تم نشر قواتٍ روسية في شرق ليبيا في أواخر عام 2018. واستشهد التقرير بمصدرٍ مقرب من وزارة الدفاع الروسية على الرغم من عدم تأكيد ذلك.

كما نشرت صحيفة نوفايا غازيتا الروسية المستقلة شريط فيديو يظهر يفغيني بريغوجين يشارك في محادثاتٍ مع حفتر في موسكو.

يعدّ بريغوجين مساعداً مقرباً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويعتقد أنه يرأس شركة عسكرية خاصة تسمى مجموعة فاغنر. وبحسب ما ورد نشرت الشركة قواتٍ في جميع أنحاء العالم لحماية المصالح الروسية، بما في ذلك شرق أوكرانيا وسوريا وفنزويلا.

ومع ذلك، ادعى المسؤولون الروس أنهم محايدون، لكن الخبير العسكري الروسي المستقل بافلو فلغنهاور قال إنه من الممكن للغاية أن ترسل مجموعة فاغنر مرتزقة لمساعدة حفتر في سعيه للاستيلاء على البلاد بأكملها بالقوة.

وقال فلغنهاور لدوتشيه فيليه: “يسمح المرتزقة [لروسيا] بالتورط – دون أن تتورط.” وأضاف، “يسمحون بسياسة الإنكار.”

من جهته، لعب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعبةً مزدوجة بإعلان دعمه لحكومة الوفاق الوطني بينما كان يساعد حفتر خلف الأبواب المغلقة. وعلى الرغم من أن باريس لم تعترف رسمياً قط بدعم اللواء، إلا أنها قدمت غطاءً سياسياً وأسلحةً وتدريباً واستخباراتٍ ومساعدةً من قواتها الخاصة.

فقد تم الكشف عن لمحةٍ استثنائية تُشير إلى تعاون فرنسا مع حفتر بعد مقتل ثلاثة جنودٍ فرنسيين سريين في حادثة طائرةٍ مروحية في ليبيا في عام 2016، إذ كان الجنود يساعدون سراً الجيش الوطني الليبي في عملياته ضد المقاتلين الإسلاميين في ذلك الوقت.

وقال طارق مجريسي، الباحث الليبي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “تم تضليل ماكرون بجعله يعتقد أن ليبيا يمكن أن تمنحه فوزاً سريعاً لجاذبيته.” وتابع القول، “قلل من تعقيد البلاد. فقد كان نصف ساذج، ونصف انتهازي. حاول الاعتماد على الأفراد العسكريين لحل مشكلةٍ سياسية.”

في حين كتب الصحفي بول تايلور في مجلة بوليتيكو الأمريكية أن صنّاع السياسة الفرنسيين يدعمون حفتر لأنهم يعتبرونه الشخص الوحيد الذي يمكنه مساعدة باريس على تأمين حزام الصحراء- الساحل من المتمردين. هذه هي الأولوية الدولية الرئيسية لماكرون بعد هجمات باريس في نوفمبر 2015 والتي أودت بحياة 130 شخصاً.

وبحسب تايلور، فإن الجانب السلبي يكمن في أن باريس خلصت إلى أن المستبدين هم الحصن الوحيد ضد الهجرة الجماعية والمتشددين الإسلاميين.