وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

هجوم على مسجد للشيعة يصدم الكويت (2015)

هجوم على مسجد شيعي يصدم الكويت
الآلاف من السنة و الشيعة من جميع انحاء البلاد يشاركون في جنازة جماعية ل 26 شخصا قتلوا في التفجير الانتحاري الذي استهدف مسجد الإمام الصادق الشيعي في مدينة الكويت, 27 بونيو/حزيران 2015. Photo AP

صدم هجوم انتحاري تم تنفيذه على مسجد شيعي مكتظ في منطقة الصوابر في مدينة الكويت خلال رمضان الجاري (26 يونيو 2015) المجتمع الكويتي، حيث قام رجل يحمل الجنسية السعودية وفقاً لوزارة الداخلية الكويتية، والذي كان قد وصل إلى الكويت غداة يوم الهجوم، بتفجير نفسه مما أودى بحياة 26 من المصلين.

وأدان المواطنون والمسؤولون الكويتيين الهجوم على نطاق واسع، واصفين إياه بالفعل الإرهابي الإجرامي الذي لا يهدد فقط المواطنين الشيعة (حوالي 30% من السكان) بل يتعرّض أيضاً للوحدة الوطنية في الكويت. وعلى الرغم من ارتفاع وتيرة التوترات بين السُنة والشيعة في المنطقة، إلا أن الطائفتين كانتا تعيشان بسلام في الكويت، كما أنّهما ممثلتان في الحكومة والبرلمان.

وسرعان ما أعلنت ولاية نجد، التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في الجزيرة العربية، مسؤوليتها عن الهجوم. وفي رسالة صوتية تم بثها على موقع يوتيوب، أشار الانتحاري “أبو سليمان الموحد” إلى أنّ الشيعة في الكويت من الروافض (الأشخاص الذين يرفضون السلطة الدينية الشرعية).

كما أعلنت هذه الجماعة في السابق مسؤوليتها عن الهجومين اللذان وقعا على مسجدين في محافظة الشرقية في المملكة العربية السعودية في مايو 2015.
ويستهدف الهجوم الأخير، كحال سابقاته وبكل وضوح، المسلمين الشيعة الذين تكفرهم الدولة الإسلامية المتطرفة. وبالتالي، كانت الأقلية الشيعية الكبيرة في الكويت هدفاً سهلاً للإنتحاري، لذا من غير المستغرب وقوع الهجوم في الكويت.

وأفاد تقرير باعتقال السلطات لأولئك الذين ساعدوا الجاني، من بينهم ثلاثة من البدون (عديمي الجنسية) وواحد كويتي، الذي وفقاً للسلطات الكويتية، من المؤيدين “للفكر المتطرف المنحرف”. ويدل هذا على وجود شبكة محلية كانت تتواجد في المكان لمساعدة الانتحاري. وعلى الرغم من أن الانتحاري كما يقال يحمل الجنسية السعودية، والذي من شأنه أن يدعم الإدعاءات بأن الهجوم جاء من “الخارج،” إلا أنّ هناك أيضاً عوامل محلية كان لها دور فاعل، ومن بين أمور أخرى، وجود روابط قبلية ودينية بين الكويتيين والسعوديين.

عرضة للاضطرابات

إنّ حقيقة أنّ ثلاثة من شركاء الانتحاري من البدون، يُشير إلى أنّ جزءاً من السكان البدون المحرومين من حقوقهم في الكويت قد يكونون مستعدون لتنفيذ أو على الأقل دعم خطوات أكثر جدية من مجرد دعم المظاهرات. ومن جهة أخرى، سلط التفجير الأضواء على المشاكل التي يواجهها المجتمع الكويتي.

وبسبب افتقارهم إلى حق الإقامة في الكويت والعمل وغيرها من المزايا التي يتمتع بها المواطنون الكويتيون، يتظاهر البدون منذ عام 2011. وتصل أعداد أولئك الذين لا يحملون الجنسية 120,000 على الأقل، وفقاً لموقع حقوق البدون على شبكة الانترنت. الحكومة، التي لا تعترف بحق هؤلاء في الحصول على الجنسية الكويتية، تزعم أنهم يفتقرون إلى الوثائق المناسبة، وبأنهم أخفوا وثائقهم الأصلية الصادرة من المملكة العربية السعودية، أو سوريا أو العراق. وقد فشلت السلطات في منح حقوق للبدون، حتى لأولئك من أصحاب الحقوق المشروعة. ومن الجدير ذكره، أن احتجاجات البدون تعرضت للقمع في السابق.

وبالتالي، فإن قضية البدون من المشاكل العالقة بالنسبة للسطات الكويتية، مما يدفع أفراداً من السكان المحبطين إلى اللجوء للأفكار المتطرفة.
وفي السابق، تم إسكات المعارضة السياسية، حيث يقبع زعيمها، مسلم البراك، في السجن، بينما فشلت الحكومة في تلبية مطالب المعارضة. ووفقاً لأكاديمي كويتي، قد خلق هذا جواً يدفع أولئك المهمشين في المجتمع (كل من البدون والكويتيين من أصول قبلية)، بالإضافة إلى الشباب غير الراضي، إلى دفع عجلة الإضرابات وتهديد الاستقرار. ويعتقد أن السبيل الوحيد لتجنب الاضطرابات وحماية الاستقرار في الكويت، تكمن في تعزيز الحقوق السياسية وتلبية مطالب المعارضة. وأدى التفجير الأخير إلى تعاضد أفراد المجتمع الكويتي معاً، مما قد يوفر فرصاً للمصالحة.

ومع ذلك، فقد فشلت الحكومة حتى الآن في التحرك نحو هذا التفاهم. وفي محاولة للحفاظ على أمن واستقرار الكويت، تعهدت السلطات بملاحقة المسؤولين عن زعزعة أمنها، وعززت من قوانين مكافحة الإرهاب في الكويت، ومنحت الأجهزة الأمنية المزيد من الصلاحيات لملاحقة المتطرفين في البلاد.

وبحسب تقارير سابقة، يعمد بعض أثرياء من الكويت إلى تمويل الجماعات المتطرفة في سوريا. وفي مايو 2014، استقال وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية الكويتي نايف العجمي من منصبه، بعد أن اتهمه وكيل وزارة الخزانة الاميركية لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية بالترويج للجهاد (العنيف) في سوريا وتشجيع تمويل الإرهاب. واعترف العجمي بمشاركته في حملات لجمع التبرعات لسوريا إلا أنه نفى استفادة الجماعات الإرهابية منها.

وتعتبر الكويت من أكبر الجهات المانحة للاجئين السوريين، إلا أنها تبذل قصارى جهدها للسيطرة على التمويل غير الرسمي لجماعات المعارضة في سوريا من قِبل الأفراد. وقد انضم عدد من الكويتيين إلى تنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية (71، وفقا لصحيفة القبس الكويتية، نقلاً عن تقرير لصحيفة واشنطن بوست).

وكانت الكويت قد شددت بالفعل قوانين مكافحة الإرهاب للحد من تمويل المتطرفين، بعد تعرضها لضغوطات من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنّ هذا أدى أيضاً إلى شن حملة على دعاة الإصلاح السياسي وأولئك الذين يعبرون عن وجهات نظرهم على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد حوكم مغردون على موقع تويتر لمناقشتهم قضايا تتعلق بالسياسات المحلية وقضايا السُنة/ الشيعة ولإنتقادهم زعماء أجانب.

وفي الماضي، كان يتم السكوت على الهجوم اللفظي على الشيعة في الكويت، إلا أنه تم قمع الأصوات التي تُثير مثل هذه القضية. ومع ذلك، وبعد ساعات من الهجوم الأخير، أغلقت وزارة الإعلام قناة الوصال المحلية بتهمة تأجيج الصراع الطائفي، وبحسب ما ورد، فقد سبق ونشرت القناة تغريدات تدعو فيها السُنة إلى مهاجمة المساجد الشيعية.

وفي حال كانت القوانين الجديدة الأكثر صرامة تحدّ من حرية التعبير والحريات الأخرى المحمية بموجب القانون الكويتي، سيشكل هذا بكل تأكيد مصدر قلقٍ شديد.