وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

البحرين وإسرائيل: زواج مصلحة (2017)

Bahrain- Hamad bin Isa Al Khalifa
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (يمين) وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة يشاركان في اجتماعٍ ثنائي في أحد فنادق الرياض يوم 21 مايو 2017. Photo AFP

يعتقد المحللون والمعارضون السياسيون أن البحرين تقترب من تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وذلك بفضل ضغوطٍ من حلفائها الأقوياء. ففي 11 مايو 2017، تمت دعوة أول مسؤولٍ إسرائيلي إلى العاصمة البحرينية، المنامة، لحضورالدورة 67 من كونجرس الفيفا. وبعد ذلك، ندد الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة في سبتمبر 2017 بحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات التي تعاقب إسرائيل على احتلال الأراضي الفلسطينية.

ويعتقد جواد فيروز، الناشط في مجال حقوق الإنسان والنائب السابق عن حزب الوفاق المحظور اليوم في البحرين، أن المبادرات الأخيرة تجاه إسرائيل جزءٌ من خطةٍ إقليمية أوسع تقودها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال لفَنَك Fanack Chronicle إن “إدارة ترامب ترى فرصة جيدة لدفع الامارات والبحرين والمملكة العربية السعودية نحو تطبيع العلاقات مع اسرائيل مقابل تسريع [مبيعات] الأسلحة وضمان الدعم.” وأضاف أن “السعودية والامارات العربية المتحدة تجهزان مشهد التطبيع تدريجياً، واعتقد أن دورهما التالي بعد إقامة البحرين علاقاتها مع إسرائيل.”

وقال دبلوماسي غربي يُقيم في البحرين لموقع ميدل ايست آي، أن العلاقات الرسمية يمكن أن تنشأ في وقتٍ مبكر من العام المقبل. وإذا حدث ذلك، يمكن لمجلس التعاون الخليجي الاستفادة من المعرفة العسكرية والأمنية المتفوقة لإسرائيل، إذ تُصدر إسرائيل بعض أكثر برامج المراقبة تطوراً في العالم، والتي قد ترغب الأسرة الحاكمة في البحرين في الحصول عليها لمطاردة الناشطين.

فقد شدد الملك حمد الخناق على معظم المعارضة الشيعية منذ اندلاع الاحتجاجات السلمية في فبراير 2011. واشتدت الوحشية في العام الماضي 2016 عندما صدرت أحكامٌ بالإعدام وتعرض المعتقلون السياسيون للتعذيب مما أجبرهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها. أما المعارضون الآخرون، مثل فيروز، فقد تم سحب جنسيتهم قبل أن يتم إبعادهم أو ترحيلهم من البلاد.

وقال أحد المدافعين عن حقوق الإنسان لمنظمة العفو الدولية “يشعر غالبيتنا بالخوف مما سيحصل. ببساطة، نحن ننتظر أن يتم اعتقالنا.” وأضاف “نعلم أن هذا هو مستقبلنا. [السلطات] تستهدف الجميع اليوم.”

فلا يفرض حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا ولا حزب الجمهوريين بقيادة ترامب أي ضغطٍ جدي على الأسرة الحاكمة لاعتماد الإصلاحات، ولكن مع انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، يخشى جيران البحرين من توسع النفوذ الروسي والإيراني.

فالشخصيات السياسية الإسرائيلية تشاطرهم ذات القلق، مما يفرض عليهم تشكيل قوةٍ ضاغطة لإقامة علاقاتٍ أوثق مع دول مجلس التعاون الخليجي، وفقاً لما ذكره الكاتب في المونيتور، بن كاسبيت. وكما يقول، يتمثل دافعهم الرئيسي بإنشاء تحالف إقليمي لتحييد إيران.

فلا بد أن البحرين تمتلك دوافع مختلفة ذلك أنها محمية بالفعل من إيران بوجود الأسطول الخامس الأمريكي وقاعدة للقوات البحرية من المملكة المتحدة. وعلاوة على ذلك، يُفترض أن الدولة الخليجية الصغيرة تتمتع بالقليل من الاستقلالية عن السعودية عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية.

ومع ذلك، تروّج البحرين لعلاقاتها مع إسرائيل تحت راية تعزيز “التسامح الديني.” فخلال إحدى المناسبات التي عقدت في مركز سيمون فيزنتال السافر والمؤيد للصهيونية ومقره لوس أنجلوس في سبتمبر 2017، انضم ولي العهد البحريني إلى 400 ممثل عن مختلف الديانات. كما عزفت أوركسترا البحرين الوطنية النشيد الوطني الصهيوني “هاتكفا،” الذي يدعو الجميع من أصولٍ يهودية للعودة إلى ديارهم التي تتخذ شكل دولة اسرائيل.

قام الأمير بعد ذلك بجولةٍ في متحف التسامح، حيث قاد الجولة الحاخام مارفن هير، أحد مؤسسي المركز. ذكر هير قصة آن فرانك وأثنى على البحرين لمحاربتها التطرف الديني.

بيد أن البحرين لم تظهر سوى القليل من التسامح تجاه أغلبية سكانها الشيعة. وحتى قبل الانتفاضة، تم تهميش الشيعة اقتصادياً وسياسياً. وفي عام 2010، حاول النظام الملكي قلب التوازن الديموغرافي للبلاد بتجنيس 100 ألف رجل سني من اليمن وسوريا والأردن وباكستان. وبعدها مُنح هؤلاء الرجال وظائف في الأجهزة الأمنية الضعيفة في البحرين، التي قامت بعدها بقمع المظاهرات السلمية. ومع انتشار الاحتجاجات، صاغت النخبة الحاكمة الانتفاضة من ناحيةٍ طائفية، مصرّةً على أن أولئك الذين يعارضونها يدينون بالولاء لإيران.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، لصحيفة لوس أنجلوس تايمز إن هناك قدراً كبيراً من التمييز ضد الشيعة في البحرين، إلا أنه سرعان ما أشار إلى أن “القضية الأكبر هي عدم التسامح إطلاقاً مع أي نوعٍ من المعارضة السياسية.”

يوافقه فيروز الرأي، مضيفاً أن زيارة ولي العهد البحريني لمتحف التسامح مجرد إجراء شكليّ لتظهر البحرين أمام المجتمع الدولي باحترامها للأقليات. ففي عام 2011، على سبيل المثال، تمت الإشادة بالأسرة الحاكمة لتصرفٍ مماثل، عندما اختارت إمرأة يهودية، هدى عزرا إبراهيم نونو، سفيرةً للمملكة في العاصمة الأمريكية. وفي غضون ذلك، كانت حكومة البحرين تقمع المتظاهرين بوحشية.

واليوم، يُثير هذا الانفتاح تجاه إسرائيل ردود فعلٍ عنيفة من البحرينيين. ففي أغسطس 2017، تم التنديد بوزير الخارجية البحريني لنشره تغريدة يعبر فيها عن احترامه للرئيس الاسرائيلي السابق شيمون بيريز عقب وفاته. فبيرز شخصية لا تحظى بالاحترام في العالم العربي ذلك أنه أول من وافق على بناء المستوطنات فضلاً عن إصداره أوامر بالهجوم على قاعدةٍ للأمم المتحدة في لبنان أودت بحياة 106 أشخاص عام 1996.

ورد مستخدمٌ على تويتر باسم خليل على تغريدة الوزير بقوله “تترحم على مرتكب مجزرة قانا (خلال الحرب الأهلية اللبنانية). تترحم على من ساهم في تهجير شعب عربي من أرضه؟”

حظيت تغريدة الوزير بأكثر من مائة إعجاب، إلا أنه وبالرغم من السخط الكبير، توقع أحد الدبلوماسيين الغربيين أن يقوم الملك حمد باسترضاء شعبه في نهاية المطاف. غير أن فيروز قال إنه لن يرضى، وكذلك هو حال مئات المعارضين السياسيين الآخرين، مثل أولئك الذين يخضعون للمحاكمات أو يقبعون في السجون، الذين يخشون أن إقامة علاقاتٍ أقوى مع إسرائيل سيساعد المملكة في إجراءاتها المشددة ضدهم.